تقدير الإجراءات التكتيكية للأهداف التعبوية لعملية عربات جدعون الصهيونية

عبدالله أمين

خبير عسكري وأمني

أولاً : توطئة : 

معروفٌ أن الحروب تخاض لغايات سياسية؛ بحثاً عن مصالح، أو دفاعاً عنها، ولما كانت كذلك فقد قيل أنها، أي الحرب أعقد من أن تترك للقادة العسكريين وحدهم ليقرروا فيها، كما أنها أصعب بكثير من أن يخلّى بينها بين السياسيين ليتحكموا في مسيرها ومصيرها إن هي أشعلت نارها، وعليه لابد من تظافر جهود كلا الطرفين؛ السياسي والعسكري لإدارة وقيادة مجريات الحروب والصراعات التي تأخذ الطابع الخشن. من هنا بدأ المصنفون، وأهل الكار في تصنيف الأهداف العسكرية، بحيث يأتي في المقام الأول منها الأهداف الإستراتيجة، ثم التعبوية، ثم التكتيكية، والتي يسبقها في العادة القرار السياسي الذي يحدد الغاية الكلية من الحرب وهدفها الأسمى. وهذا ما يتعلمه طلاب الكليات والمعاهد العسكرية، بغض النظر عن مستوى تلك المعاهد، وما يُعقد فيها من دورات تدريبية، وورش عمل تخصصية. 

وحتى نُقّدر ما هو شكل الإجراءات التكتيكية التي يمكن أن ينفذها العدو الصهيوني حال مضيه في تنفيذ حملته التي أطلق عليها اسم " عربات جدوعون "، والتي قسمها إلى مراحل، بدأ في أولاها وهي عملية حشد وتعبئة القدرات القتالية، ليليها ــ حال التنفيذ ــ مرحلة التمهيد الناري بمختلف وسائط النار، الجوية والبرية والبحرية، ثم يختمها بمحاولة حشر أهلنا في مربعات جغرافيا ضيقة، ليدفعهم إلى الخروج القصري من غزة، حتى نقدر تلك الإجراءات التكتيكية الميدانية، كانت هذه المقالة والتي ستناقش هذا الموقف عبر مجموعة من العناوين المتسلسلة التي تساعد في رسم الصورة، وفهم الموقف. 

ثانياً : الموقف : 

يمكن اختصار الموقف بمصادقة المستوى السياسي على ما قُدم له من القيادة العسكرية من خطط، الهدف منها تحقيق الغاية السياسية من العملية العسكرية المسماة " عربات جدعون " . 

ثالثا: الغاية السياسية من العملية العسكرية : 

  1. القضاء على التهديد الذي تمثله المقاومة في قطاع غزة، ورفع منسوب الأمن والسلامة لمستوطنات الغلاف ـ غلاف غزة ـ وتحييد الخطر عن العمق الفلسطيني المحتل . 
  2. توفير أفضل موقف ميداني يمكن أن يساعد في فرض إرادة العدو على المقاومة.



رابعاً : الأهداف التعبوية : 

وهي ما صادق عليها المستوى السياسي، وعرضت في لقاء إيجاز قادة الجيش مع القادة الميدانيين الذين سيشاركون في العملية حال الخروج لها، والبدء في تنفيذ مراحلها. 

  1. هزيمة حماس . 
  2. السيطرة العملياتية على الإقليم . 
  3. نزع السلاح من المنطقة . 
  4. الإضرار بأهداف حكومة حماس . 
  5. تركيز السكان وحشدهم في أمكان محددة  .
  6. عودة الرهائن . 

خامساً : تقدير الإجراءات التكتيكية : 

يمكن التقدير أن العدو؛ وتحقيقاً لأهدافه التعبوية سالفة الذكر، سيعمد إلى مجموعة من الإجراءات التكتيكية لتحقيق كل هدف من هذه الأهداف. وهنا تجدر الإشارة إلى أن العدو لن يعمد إلى تنفيذ هذه الأهداف بشكل تسلسلي متتابع، وإنما سيقوم بإجراءات مختلطة، متشابكة، عبر مراحل عمل يعتقد أنها ستفضي إلى تحقيق مجمل هذه الأهداف مع نهاية مراحل العملية كليها. أما عن الإجراءات التكتيكية المتوقعة؛ فنعتقد أنها ستكون على النحو الآتي : 

  1. تحقيقاً لهدف هزيمة حماس : 
  • القضاء على أكبر كم من الأصول البشرية والمادية للحركة .
  • منع التواصل الجغرافي بين مناطق مسؤوليات القيادات العسكرية . 
  • منع عمليات الإسناد والدفاع المتقابل؛ المحلية على صعيد البقع والعقد الدفاعية، والخارجية على صعيد مناطق المسؤولية المختلفة. 
  • منع عمليات الإدامة والإمداد للمجموعات المقاتلة. 
  • سلب حرية العمل والمناورة من ( تشكيلات) المقاومة الميدانية. 
  1. تحقيقاً لهدف السيطرة العملياتية على الإقليم : 
  • تقسيم مسرح العمليات إلى مناطق عمليات صغرى. 
  • السيطرة الجوية، وتسطيح مسرح العمليات . 
  • حصار مناطق العمليات ومنع الدخول والخروج منها. 
  • الجاهزية التعبوية للاشتباك الفوري والسريع مع الأهداف، بالنار القريبة أو البعيدة. 
  • المحافظة على حرية المناورة وحماية خطوط الإمداد والإدامة. 
  • بناء رؤوس جسور، ومقرات قيادة ميدانية متقدمة في مناطق العمليات. 
  1. تحقيقاً لهدف نزع السلاح من المنطقة : 
  • تدمير مقرات تصنيع وإصلاح وتجهيز أدوات القتال ووسائطه؛ الخفيفة والمتوسطة والثقيلة.
  • ضرب خطوط الإدامة والإمداد؛ الأرضية والتحت أرضية. 
  • الغارات المفاجئة على مستودعات السلاح، بناء على معلومات ميدانية سابقة أو حديثة. 
  • ضرب خطوط التهريب، أو ما تبقى منها . 
  1. تحقيقاً لهدف الإضرار بأهداف حكومة حماس : 
  • ضرب الأصول الإدارية للحركة. 
  • ضرب الأصول البشرية المخصصة لعمليات الإدارة المدنية. 
  • ضرب خطوط الإدامة المالية؛ المحلية والخارجية. 
  • ضرب الأصول الخدمية من قبيل: مقرات الدفاع المدني، مقرات الإسعاف الأولي، آبار ومضخات المياه ومراكز تحليتها، المستشفيات والمستوصفات.
  • ضرب نقاط الأمن العام، ودورياته الراجلة والسيارة، المستحدثة لحماية المواطنين والأصول الحكومية. 
  1. تحقيقاً لهدف تركيز السكان وحشدهم أو حشرهم : 
  • قصف مقرات الإيواء وملاجئ النازحين. 
  • تضييق هامش الحركة والنقل والانتقال في الجغرافيات المستهدفة. 
  • ضرب الأصول الخدمية في مقرات النزوح. 
  • تأمين ممرات (آمنة) لتحرك الجموع البشرية، باتجاه الجغرفيات محل التجميع والحشد. 
  • تأمين مقرات إيواء، وتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة فيها. 
  1. تحقيقاً لهدف عودة الرهائن : 
  • عزل المناطق المتوقع وجود الرهائن فيها. 
  • تشغيل واستثمار مصادر معلومات بشرية، والكترونية في عمليات البحث ورسم صورة استخبارية عن أمكان تواجد الأسرى. 
  • التعامل مع مجاميع المقاتلين في هذه المناطق عبر الاشتباكات القريبة، المسنودة بنار غير ثقيلة. 
  • التحقيقات الميدانية مع المدنيين، أو المقاومين المعتقلين. 
  • الغارات المفاجئة بناء على معلومات مسبقة أو مُستجدة حديثة. 

سادساً : إجراءات المواجهة : 

بناء على هذا الموقف المستجد، فإن أهم إجراءات المواجهة والتصدي لمناورات العدو، يمكن أن تختصر بالآتي : 

  1. إدامة التماس المعلوماتي الميداني على تحركات العدو في كامل مسرح العمليات. 
  2. ضرب نقاط حشد العدو، وخطوط إمداده. 
  3. اعتماد أصول الدفاع المتحرك، والقتال التراجعي، وتجنب القتال الحاسم، ما لم يتطلب الموقف قتالاً حاسماً، ودفاع صد. 
  4. منع العدو من إقامة رؤوس جسور، ومقرات عمليات ميدانية متقدمة في مناطق المسؤولية. 
  5. تكثيف الجهد الهندسي؛ الاستباقي والآني ضد قوات مناورة العدو. 
  6. الاكتفاء بالحد الأدنى من القدرات البشرية اللازمة لإدارة وتشغيل المرافق الخدمية والإجتماعية. 
  7. إنهاك قوات العدو أثناء الحركة، عبر التعرض عليها أثناء المناورة ومحاولة السيطرة أو احتلال جغرافيات ذات قيمة تعبوية في مناطق العمليات والمسؤولية. 
  8. ضرب العمق الفلسطيني ومحاولة إيجاد روافع ضغط على صانع قرار العدو وصاحبه. 

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. 

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023