بقلم الأسير:
باسم خندقجي
مُعتقل هداريم
في أحدث استطلاعات الرأي التي تُسبر أغوار الشعب الفلسطيني في كافة أطيافه ما بين الفينةِ والأُخرى تبين أن أكثر من نصف الشعب يريد أن يرى الأسير مروان البرغوثي قائدًا ورئيسًا له، أي أن نسبته 61% حسب الاستطلاع الذي أجراه مركز الدكتور خليل الشقاقي في ديسمبر الماضي ولن أخوض في هذا المقال محللًا في النسب الأُخرى المتعلقة في قضايا سياسية وكفاحية وفصائلية، ما يهمني في هذا الجانب هو إجابة الشعب الواضحة والحاسمة المطالبة بالبرغوثي رئيسًا فالشعب عرف بالنهاية ما الذي يريده، ولكن لابد أن نسأل السؤال الأهم ألا وهو ما الذي يريده مروان البرغوثي حقًا؟
إنني وبحكم العلاقة الشخصية والوطنية العميقة التي تجمعني بأبي القسام الأخ مروان البرغوثي، لا يمكنني من ناحيةٍ أخلاقية استعراض فحوى تلك النقاشات الصاخبة والنقدية للغاية التي كانت وما زالت تجمعنا معًا في ساحة مُعتقل هداريم الكولونيالي.
غير أنني أستطيع التطرق إلى تعظيم حدة السؤال ومضاعفته بتساؤلات أُخرى أهمها:
في حال عَقَدَ البرغوثي النية على الترشح للرئاسة مع إدراكي التام أنه قد حسم أمره بهذه المسألة، هل سيكون مرشح حركة فتح الأول، علمًا أن ما نسبته 61% من الشعب الفلسطيني الذي أراده رئيسًا هي نخبة عابرة لفتح والسلطة؟
حتى الآن لم يبلور البرغوثي برنامجًا واضحًا ومتكاملًا مُشيّد من التكتيك والاستراتيجيات على كافة الأصعدة، هل سيتجاوز هذه المرة سقف وثيقة الوفاق الوطني ووثيقة الأسرى التي أشرف هو على صياغتها سيقوم بتطويرها لكي تشمل كل أطياف وألوان الكل الفلسطيني في كافة أماكن تواجده؟
كيف سُيُعرِّف البرغوثي دولة الكيان الصهيوني، فهل هي الطرف الآخر أم شريك التسوية، أم نظام أبارتهايد عنصري كولونيالي وبالتالي هل ستكون اتفاقيات أوسلو النبذوية البائسة هي مرجعيته ونقطة انطلاقه في تعامله مع المسألة الصهيونية؟
كيف سينظم العلاقة ما بين السلطة و م.ت.ف من جهة ومع حركة حماس والفصائل الأُخرى من جهةٍ أُخرى بمعنى هل سينطلق بوثيقة الوفاق الوطني في ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي الذي أعتقد بأنه مُهدَّم ولم يعد يستأهل ترتيبه بل الإمعان بهدمه؟
هل سيقوم البرغوثي بإعادة تعريف وبلورة دور السلطة الفلسطينية من خلال نزع البُعدين الأمني والسياسي عنها، بحيث تغدو سلطة مدنية خدماتية إلى جانب العمل على إعادة الاعتبار لـ م.ت.ف؟ هل يقوى البرغوثي المفتون باستلهام تجربة مانديلا والنضال جنوب إفريقي ضد الأبارتهايد على وضع اللُبنات الأساسية لكتلةٍ أو منظومةٍ تاريخية عابرة لـ م. ت. ف في سبيل النضال بكافة أشكاله ضد منظومة الفصل العنصري الكولونيالي الصهيوني؟ هل ستشمل هذه الكتلة المضادة للاستعمار لفلسطينيي الشتات والأرض المحتلة عام 1948 واليهود من المعادين للصهيونية؟
ما هي محددات وتصورات البرغوثي المتعلقة بآخر اليهودي والإسرائيلي والصهيوني، أي هل سينضم رفاقنا اليهود بالنضال في سبيل دولةٍ مدنيةٍ ديمقراطية على كافة التراب الفلسطيني؟
وبالتالي أي الدول التي يحبذها البرغوثي، دولة على حدود السابع من حزيران 1967 أم دولة في رام الله والأُخرى في غزة أم دولة مكتملة المعالم التاريخية؟
ما هي رؤية البرغوثي للشباب الفلسطيني والمرأة الفلسطينية علمًا أننا من أشد شعوب الأرض ذكوريةً وأبويةً مع التأكيد أن البرغوثي ينتمي إلى جيل الفلسطينيين الذين استطاعوا بعنفوان شبابهم تحطيم البُنية الأبوية الذكورية في حقبة ثمانينيات القرن الماضي وعند بعض الوقت؟
في الختام لم أتحفكم أكثر بحيرة الأسئلة التي حصرت بها أبا القسام علمًا أنني أعرف معظم إجاباتنا وفحوى نقاشاتنا وحواراتنا معًا، وللحق أقول أن بعض تلك الإجابات لم يشفي غليل تطلعي نحو ضرورة الحسم والجرأة والمبادرة خاصة أن أكثر من نصف الشعب الفلسطيني يريده قائدًا له، فإذا ما أردتم قارئاتي وقرّائي إجابات على هذه التساؤلات الواردة أعلاه؛ فتوجهوا إليه فاسألوه وطالبوه بإجابات، فهو يتمتع بقدرةٍ عالية على الإصغاء، واستيعاب النقد مهما كان حادًا.