منتدى التفكير الإقليمي
إليتسور جلوك
ترجمة حضارات
في كل عام، يحصل أكثر من مائة ألف عامل فلسطيني، على تصريح عمل في" إسرائيل" بشكل قانوني.
ويبدو أن عشرات الآلاف غيرهم يعبرون الخط الأخضر بشكل غير قانوني للعمل في هذا المجال، ويعمل عدد أكبر بكثير منهم في المناطق الصناعية في الضفة الغربية، وداخل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وهذا مجرد تعبير واحد عن اعتماد الاقتصاد الفلسطيني على "إسرائيل" واقتصادها، ولكنه ليس التعبير الوحيد بالطبع.
فالسلطة الفلسطينية، على سبيل المثال، لا تتبع سياسة نقدية مستقلة، لأنها لا تملك عملة مستقلة، وهي ملزمة باستخدام الشيكل الإسرائيلي بموجب اتفاقيات أوسلو.
تاريخياً، منذ احتلال الضفة الغربية، تصرفت "إسرائيل" بطرق متنوعة لمنع تطور الزراعة والصناعة الفلسطينية حتى لا تنافس "إسرائيل"، ومن ناحية أخرى، استفادت من نظام اقتصادي رخيص وغير نقابي من القوى العاملة الفلسطينية التي تفتقر إلى حقوق العمل الأساسية.
وهذا التبعية، بحسب رجا الخالدي، الخبير الاقتصادي والباحث الفلسطيني، جزء من سياسة "إسرائيل" العامة الموجهة نحو الفلسطينيين، سياسة السلب والاستغلال الاستعماري.
وبحسب الخالدي، في مقال نشره المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات الاقتصادية والمركز العربي للأبحاث والسياسات ومقره قطر، فإن "إسرائيل" تعمل منذ عقود على جانبي الخط الأخضر لمنع تطوير الاقتصاد الفلسطيني واستعباده للاقتصاد الإسرائيلي.
ويستند الخالدي في هذا التأكيد، إلى دراسة أجراها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات الاقتصادية، وستنشر قريباً.
وعملت "إسرائيل" على منع تنمية القطاعات الحيوية للاقتصاد الفلسطيني، وخاصة الزراعة والإنتاج والاستثمار، كما فرضت قيودا على التجارة الفلسطينية، وأدى ذلك إلى اتساع الفجوة في جميع المؤشرات الاقتصادية، وخاصة في الدخل، بين "إسرائيل" وفلسطين.
إذا، تتحدى هذه السياسة الإسرائيلية النموذج الليبرالي للتكامل الاقتصادي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لأنه في الواقع، وفوق منطق السوق الحرة، تعمل السياسة الإسرائيلية وفقًا لمنطق استعماري مصمم لإخضاع الفلسطينيين.
ومع ذلك، فإن هدف الخالدي الرئيسي ليس فقط الإشارة إلى المظالم الإسرائيلية، بل التوصية بسبل مكافحتها وتحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين، في رأيه، الحل الرئيسي يكمن بالتحديد في العلاقة الاقتصادية بين المواطنين العرب "48" في دولة "إسرائيل" والفلسطينيين في الضفة الغربية.
ويؤكد الخالدي أنه على الرغم من محاولات "إسرائيل" الفصل بين شطري الشعب الفلسطيني، إلا أن الوحدة الفلسطينية لا تزال حية ونابضة بالحياة.
والدليل الرئيسي على ذلك هو أحداث عام 2021، الانتفاضة ضد "إسرائيل"، التي شارك فيها الفلسطينيون والمواطنون العرب في "إسرائيل" وسكان الضفة الغربية.
وعلى الرغم من ذلك، فإن التعاون الاقتصادي اليوم بين السكان الفلسطينيين في "إسرائيل" والضفة الغربية محدود للغاية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الوضع السياسي غير المستقر في الضفة الغربية، مما يجعلها وجهة استثمارية غير جذابة لرواد الأعمال ورجال الأعمال العرب الإسرائيليين.
لكن بحث المركز توصل أيضا إلى أن المصنعين العرب الإسرائيليين يواجهون صعوبات في تسويق منتجاتهم في الضفة الغربية، ومن ناحية أخرى، في استيراد المواد الخام من الضفة الغربية وتشغيل العمال الذين يعيشون في الضفة الغربية.
كما ظهرت صعوبات إضافية في الاستثمارات والتعاون في قطاعي البنوك والتأمين، بالإضافة إلى صعوبات التمويل، وبسبب ضعف التواصل بين السلطة الفلسطينية والجهات داخل حدود 48 التي يكون دورها التنمية الاقتصادية، على سبيل المثال غرف التجارة، المؤسسات الحكومية ورابطة المصنعين.
وأخيرا، يمكن الإشارة أيضا إلى أن هناك صعوبات قانونية في تسجيل الشركات وتسجيل ملكيتها، وأيضا عدم وجود نظام مساعدات وإعفاءات ضريبية في الضفة الغربية لتشجيع الاستثمارات.
ويرغب الخالدي في اقتراح الخطوط العريضة لخطة ستمكن من التغلب على بعض هذه المشاكل، والتي ستحدد الاتجاه لتعزيز التعاون بين المواطنين الفلسطينيين في "إسرائيل" والضفة الغربية، باعتبار ذلك مصلحة وطنية فلسطينية.
ويشير إلى أن السياسة الإسرائيلية على أرض الواقع تسعى إلى إفشال هذا التعاون، بينما تسعى بعض المبادرات الفلسطينية إلى تعزيزه، لكن قوة "إسرائيل" وسيطرتها على الأراضي والموارد الفلسطينية، تسمح لها بالتفوق على الفلسطينيين في هذه المنطقة.
لذلك، يجب على الفلسطينيين استغلال كل الموارد الممكنة، الخاصة والعامة، حتى يتمكنوا من التغلب على "إسرائيل" في مجال التعاون على جانبي الخط.
واليوم بالفعل، وفقا للدراسة، هناك 212 مصنعا عربيا في مناطق الخط الأخضر يحتفظون بعلاقات اقتصادية مع الضفة الغربية، إلا أن البحث يظهر أن العلاقات لم تتطور لأنها قد تكون بسبب الصعوبات المذكورة سابقاً.
إلا أن الدراسة أشارت إلى بعض الفرص التي يمكن استغلالها ميدانياً، والتي تعتمد على إجراءات السياسة الفلسطينية في تنفيذها.
ويؤكد الخالدي أنه لا توجد إجابة بديهية لسؤال ما هي فرص نجاح مثل هذه السياسة، وهذا بسبب الجهود الإسرائيلية الكبيرة خلال عقود الاحتلال لفصل الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر، من بين أمور أخرى من وجهة نظر اقتصادية.
يضاف إلى ذلك، بحسب الخالدي، أن صناع القرار الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر يفتقرون إلى رؤية واضحة حول الموضوع، ويتركونه لقوى السوق والسياسة الإسرائيلية.
وأخيرا، فإن العلاقات الاقتصادية القائمة بين جانبي الخط الأخضر تعتمد بشكل أساسي على شبكات الروابط العائلية، دون إدارة أو تخطيط من الأعلى، فلسطينيا أو إسرائيليا.
بشكل عام، تعاني السلطة الفلسطينية من أزمة مستمرة، تفاقمت بسبب أزمة كورونا.
داخل الخط الأخضر من الصعب القول إن الوضع أكثر وردية، ربما وضع عرب "إسرائيل" أفضل من الناحية الاقتصادية، لكن ليس لديهم مؤسسات حقيقية تنظم أنشطتهم الاقتصادية، ويبدو أن الوضع في "إسرائيل" أفضل من الناحية الاقتصادية ولا يملك العرب القدرة على إقامة كيان اقتصادي منفصل عن الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة في ظل التمييز الممنهج الذي يعانون منه
لكل هذه الأسباب، يعتقد معظم الناس أن هناك صعوبة كبيرة في وجود استثمارات، وعلاقات تجارية بين الجانبين.
لكن الخالدي يؤكد أن البحث أظهر أن مثل هذه الروابط موجودة بالفعل في الممارسة العملية، وهي تنمو بشكل عفوي مع مرور السنين رغم الصعوبات، وبالتالي هناك المدى الطويل في الاستثمار في تعزيزها وتطويرها، على الرغم من أن مثل هذا الاستثمار يتطلب تغييرات واسعة النطاق ومعتمدة في السياسات من قبل الحكومة الفلسطينية، ومن قبل عوامل في القطاع الخاص مثل غرف التجارة والجمعيات الصناعية المختلفة، والهيئات التمثيلية الأخرى في القطاع الخاص، والتي ليس لديها حاليًا سياسة ورؤية حقيقية حول موضوع التعاون المعني.
وعلى الصعيد السياسي، يضع الخالدي معظم مسؤولية تعزيز التعاون على عاتق الحكومة الفلسطينية، التي ينبغي أن تنظر إلى هذا التعاون كهدف استراتيجي في مواجهة السياسة الإسرائيلية، المتمثلة في الفصل بين جانبي الخط الأخضر.
وإلى جانب أن تعزيز هذه العلاقات يجب أن يكون هدفًا استراتيجيًا طويل المدى، يوصي الخالدي أيضًا بعدة إجراءات سياسية قصيرة المدى:
أولاً، يوصي بتعزيز قنوات التعاون الاقتصادي، تشمل حركة البضائع المحلية والمستوردة وحركة الإنسان للاستهلاك أو العمل أو الاستثمار.
ثانياً، يرى أنه ينبغي خلق بيئة مناسبة للاستثمارات، جزئياً عن طريق تغيير القوانين القائمة المتعلقة بالاستثمارات، ويجب أن تشمل هذه التغييرات بشكل خاص فوائد للمستثمرين العرب الإسرائيليين، الذين سيحصلون على الأولوية على المستثمرين الأجانب.
فيما يتعلق بالإجراءات الملموسة، يوصي الخالدي، من بين أمور أخرى، بإلغاء أي قيود قانونية على شراء العرب الإسرائيليين للعقارات في الضفة الغربية، وتسهيل ترخيص وتسجيل الاستثمارات من قبل العرب الإسرائيليين، ومنح مزايا ضريبية للمستثمرين العرب الإسرائيليين ودمج عرب "إسرائيل" في النظام المصرفي الفلسطيني وإنشاء وحدة حكومية لمراقبة العلاقات الاقتصادية مع عرب "إسرائيل".
ويشير الخالدي بعد ذلك إلى الاستثمار في البنية التحتية، وتخصيص العقارات والأملاك العامة لأغراض الاستثمار.
ووفقا له، فإن أحد العوامل الرئيسية التي تحد من الاستثمارات في أراضي السلطة الفلسطينية، هو الافتقار إلى البنية التحتية والخدمات الكافية في العديد من مناطق الضفة الغربية، وهي حقيقة تنبع من نقص الاستثمار العام والقيود المفروضة على استخدام الأراضي في المنطقة (ج).
وإلى جانب التوصية بالاستثمار في البنية التحتية وتخصيص العقارات لهذا الغرض، يشير الخالدي إلى أنه بحسب الدراسة، فإن إنشاء مناطق صناعية في مناطق الضفة الغربية كان من الممكن أن يزيد من استثمار عرب "إسرائيل" في هذه المناطق، ولذلك يوصي بإنشاء مناطق صناعية لجذب الاستثمارات خاصة في محافظتي نابلس والخليل.
علاوة على ذلك، يوصي بإنشاء فنادق إضافية في شمال الضفة الغربية، مما سيسمح للتجار ورجال الأعمال العرب الإسرائيليين بالبقاء في المنطقة.
وأخيرا، يرى أنه يجب على السلطة إنشاء صندوق استثماري يساعد في تمويل رجال الأعمال، والقطاع الخاص الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر.
وأخيرا، يشير الخالدي إلى مسألتين إضافيتين، الأولى هي إنفاذ القانون وتدخل الدولة في حل النزاعات.
ووفقا له، وجدت السلاسل التجارية نفسها في كثير من الأحيان في حيرة عندما سعت إلى إنفاذ الاتفاقيات التجارية، وهو وضع قد يضر بالتجارة، ويتطلب تدخل السلطة لحله، المسألة الثانية هي مسألة البيانات.
ويوصي الخالدي بإنشاء قاعدة بيانات حول التجارة بين الضفة الغربية وعرب "إسرائيل"، إذ لا يوجد حاليا رصد حقيقي لحجم وطبيعة هذه التجارة، ما يجعل من الصعب تحديد المشاكل وفرص الاستثمار.
بعد الانتهاء من تناول موضوع سياسة السلطة الفلسطينية، ينتقل الخالدي إلى الجانب الآخر عرب "إسرائيل"، المشكلة الأساسية هنا هي عدم وجود هيئات تمثيلية تعمل على تعزيز النشاط الاقتصادي لعرب "إسرائيل" في مناطق الخط الأخضر، (مجالس المنتجين، غرف التجارة، مجالس المستهلكين، إلخ).
بالإضافة إلى ذلك، لا توجد رؤية اقتصادية جماعية واضحة لعرب "إسرائيل"، والتي تنبع بشكل أساسي من التمييز والقمع الذي استخدمته الحكومات الإسرائيلية لأجيال، عندما سعت إلى منع التنمية الاقتصادية الذاتية للسكان الفلسطينيين أو توسعهم الاقتصادي في مجالات الاقتصاد الإسرائيلي، فضلاً عن تعاونها مع الاقتصاد الفلسطيني خارج مناطق الخط الأخضر.
ويوصي الخالدي بعدة خطوات ملموسة، أولاً، يجب إنشاء صندوق منحة لتشجيع الشباب العرب في "إسرائيل"، على دراسة المهن التي تعاني من نقص في الصناعة العربية.
وعلى وجه الخصوص، يجب تطوير صناعة التكنولوجيا العالية العربية كمحرك للنمو، وفي هذه العملية يجب إنشاء المصانع بالقرب من التجمعات السكانية العربية؛ عدم الاعتماد على التعاون مع الهيئات الحكومية الإسرائيلية، التي أثبتت بالفعل أنها لا تغذي اقتصاد عرب "إسرائيل"، بل تعزز فقط تبعيتهم للاقتصاد الإسرائيلي؛ بالإضافة إلى ذلك، يجب إنشاء مؤسسات عربية إضافية يكون غرضها نشر مخاطر المستثمرين من أجل جمع الأموال من العالم العربي والإسلامي.
ويجب أيضاً إنشاء هيئة هدفها تعزيز العلاقات الاقتصادية مع العالم العربي والإسلامي، وتعزيز العلاقات مع اقتصاد الضفة الغربية في مجالات التكنولوجيا، التي هي أكثر تطوراً بين عرب "إسرائيل" منها في الضفة الغربية.
والمشكلة الأخرى التي يجب معالجتها هي مشكلة تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، والتي تؤثر على التجارة مع عرب "إسرائيل".
ويجب حل هذه المشاكل من خلال إجراء حملات توعية توضح ما هي الإجراءات التي تعتبر تطبيعًا للعلاقات مع "إسرائيل"، وما هي الإجراءات التي تعتبر أعمالًا اقتصادية مشروعة ومرغوبة بين الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر.
ثم يشير الخالدي إلى عامل آخر، وهو السلطات المحلية ومنظمات المجتمع المدني على جانبي الخط الأخضر، وفي رأيه أن لهم دوراً مركزياً، أهمه الترويج للمقاطعة الاقتصادية لـ"إسرائيل"، وتعزيز الاعتماد على المنتجات التي ينتجها عرب إسرائيليون بدلاً من الإسرائيليين.
ويقترح الخالدي عدداً من الخطوات، منها زيادة الوعي بالفرص الاقتصادية لدى رجال الأعمال، وتعزيز السياحة من خلال نشر المعلومات عنها، وإجراء شراكات رياضية فاعلة، وعقد ورش عمل ولقاءات بين عناصر التكنولوجيا العالية الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر وتخصيص ميزانيات لإنشاء المصانع والمراكز التكنولوجية، وتحسين البنية التحتية والاستثمار في المدن الفلسطينية داخل حدود الخط الأخضر، ومنح إعفاءات ضريبية لشركات التكنولوجيا الفائقة.
وأخيرا وليس آخرا، للقطاع الخاص أيضا دور مهم في خطة الخالدي الاقتصادية، وتحقيقا لهذه الغاية، يوصي بإنشاء هيئة تمثيلية تجمع رجال الأعمال البارزين على جانبي الخط الأخضر ورؤساء السلطات في مجال المصانع لخلق التعاون ودراسة فرص الاستثمار، خاصة في مجالات مثل كالسياحة والتعليم والصناعة والزراعة والصحة والتكنولوجيا.
بالإضافة إلى ذلك، يجب إنشاء شركات فلسطينية مشتركة على جانبي الخط الأخضر في مختلف المجالات، وخاصة في مجال التكنولوجيا الفائقة، مما يساعد على نشر المخاطر على المستثمرين.
مالياً، يوصي الخالدي أيضاً بصياغة استراتيجيات لاستثمار صناديق التقاعد والادخار للفلسطينيين، والتي يتم استثمارها حالياً في البنوك الإسرائيلية أو سوق الأوراق المالية الإسرائيلية، كما يوصي بصياغة استراتيجية للاستفادة من المزايا الاستثمارية التي تتمتع بها السلطة الفلسطينية، مثل رخص العمالة والمواد الخام والارتباط بأسواق الدول العربية.
وأخيرا، يوصي الخالدي أيضا بإجراءات مثل زيادة اعتماد أصحاب الأعمال العرب الإسرائيليين على العمال الفلسطينيين، وزيادة التعاون بين الطرفين في مجالات النقل والاستيراد، وتنمية الموارد البشرية من خلال ورش العمل التدريبية المشتركة، والتي ستمكن أيضا من تبادل المعرفة بين الطرفين.
وبشكل عام يمكن القول إن الخالدي يحدد حالة بنيوية شاملة إلى حد ما، تعتمد على العلاقات البنيوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
والحقيقة أن "إسرائيل" تتمتع بقدرة هائلة على تحديد الواقع في المنطقة الواقعة بين البحر والنهر - داخل الخط الأخضر وما وراءه.
وفي ظل هذا الواقع، ما هو المكان المتبقي للفلسطينيين لتغييره؟ ويبدو أنه في النهاية، وعلى الرغم من انتقاد الخالدي للنموذج "الليبرالي"، فإنه يعتمد على أدوات تتعلق بالاستثمار والتجارة، كما يريد القول، ويسعى إلى تسخير السوق الحرة لصالح المصلحة الوطنية الفلسطينية، حتى لو من خلال الاستثمار الحكومي والتخطيط من أعلى.
ويمكن القول إن السوق الحرة تترك ثغرات في السياسة الإسرائيلية، لأنه لا يمكن السيطرة عليها بشكل كامل من أعلى، كما أنها تسمح بقدر معين من الحرية في استثمار الأموال والتجارة وإبرام العقود.
الخالدي، على سبيل المثال، يركز على العمال فقط باعتبارهم "مورداً" لاستثمارات القطاع الخاص، هل يملك هذا النهج فعلاً القدرة على تغيير الواقع، حتى في مواجهة القوى الجبارة التي تسعى إلى الحفاظ على الانقسام بين الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر، بل وتعميقه؟.