بقلم/ ثامر سباعنة
في الأسر تجد أن هناك أمور بنظرك كانت بسيطة عادية لا تنتبه لها ولا تعطيها قيمة، لكنها الآن في الأسر والقيد باتت ذات قيمة عالية جدًا عند الأسير، وباتت لها أهمية عظمى وجزء من حياته اليومية في الأسر.
والزراعة بل النباتات أحد هذه الأمور التي بات الأسرى يهيمون بها، بل منهم من يحلم يلمس نبات أخضر، أو حتى غصن يابس، وهنا أذكر قصة الأسير عماد كميل، والذي أمضى أكثر من 25 عاما في الأسر، عندما أمسك بعود زيتون يابس أسقطه أحد الطيور على أرضية قسم السجن، وكيف فرح عماد بهذا الغصن بل واحتضنه، وقال لي أكثر من 20 سنة لم أمسك غصن زيتون.
طبعًا إدارة السجون والسجانين تمنع، بل وتلاحق كل نبات ينبت داخل الأقسام في سجون الاحتلال، وتصادر وتتلف ما يزرعه الأسرى وتمنع وجوده، فأحيانًا وأثناء نزول الأسرى للبوسطات أو العيادات يقومون بأخذ أجزاء من النباتات، لإعادة زراعتها في أقسامهم أو حتى غرفهم، وأحيانًا وخاصة مع النعنع يستصلح الأسرى أجزاء من النعنع الأخضر الذي يمكن أن يدخل للأقسام مرة كل شهرين فيأخذ بعض الأسرى بعض عروق النعنع ويقوموا بزراعتها في قناني الماء أو المشروبات الغازية، وطبعا يقوم الاحتلال مع كل تفتيش أو فحص بإتلاف هذه المزروعات، فيضطر الأسرى لإخفائها مع كل تفتيش وفحص.
وممكن أن يطور الأسير عمله، بأن يقوم بجمع بقايا التراب الموجود على البطاطا التي تحضرها إدارة السجن، أو جمع الغبار وتحويل ذلك لأرض وتربة للزراعة، وطبعًا تكون بكميات قليلة وتحتاج لوقت طويل لكي يجمع المناسب للزراعة.
في سجن النقب الصحراوي جنوب فلسطين المحتلة، أنشأ الأسير عماد الشريف المعروف بأبو النعيم، أنشأ حديقة من النعنع المزروع مائيًا بقناني العصير والماء والمشروبات الغازية.
وقام بتعليق هذه المزروعان على جزء من جدار السجن لتصبح، "حدائق النقب المعلقة".
ويقوم أبو النعيم يوميًا بالعناية بها ورعايتها وتغيير الماء بشكل دوري، بالإضافة إلى تقليمها وإزالة التالف من الأوراق أو الفروع لتعطي مظهر جمالي لهذا الجزء البائس من جدار السجن ولتدخل الفرح على قلوب الأسرى.