الرئيس بايدن عظيم الأمريكان..
السلام على من اتّبع الهدى.. أمّا بعد، فلا أدري هل سيصلك كتابي هذا أم لا، وهل ستجد وقتًا لقراءته أم لا، سيّما وأنك تبذل كل وقتك الآن لمواصلة فرض الكارثة الإنسانية على غزة، وهل سيُترجم لك مُساعدوك هذا الكتاب بأمانة أم سيخدعونك وسيُضللونك كما خدعوك وضللوك أكثر من مرة خلال هذه الحرب القائمة على السلاح الأمريكي، والتي تتوعد بإيقاع إبادة جماعية على غزة، ومع ذلك سأكتب لك هذا الكتاب، وها أنذا أورد فيه هذه الملاحظات الموجزة حتى لا أقتنص من وقتك (الثمين)، ومن صحتك فأنت عجوز، وأنت اليوم في حال وداع للدُنيا وإقبال على الآخرة:
1. لا يغرنك أن يُقال لك رئيس أمريكا، ولا يغرنك أن أمريكا تملك أسلحة فتاكة تستطيع تفجير الكُرة الأرضية إن أرادت، ولا يغرنك أنَّ وكالة ناسا الأمريكية قد هبطت على القمر وغزت المريخ، وها هي تطمع بعبور الثقب الأسود، ولا يغرنك أنّ مختبرات أمريكا قد أنتجت الذكاء الاصطناعي السري للغاية والذي لا يعرف عنه أهل الأرض إلا القليل، ولا يغرنك ناطحات السحاب الأمريكية، ولا ازدهار الاقتصاد الأمريكي، ولا إحاطة المخابرات الأمريكية بأهل الأرض، بل أقول لك: لا تتبجح لأنك تملك كل ما أوردته أعلاه، وتدبر قول رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي يصلح أن يكون خطابًا لك: (عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب ما شئت فإنك مفارق، واعمل ما شئت فإنك ستُجزى به).
2. (الحق في الحياة)، هو حق من الله تعالى ربي وربك ورب كل أهل الأرض، وقد منحه الله تعالى هبة لكل أهل الأرض ولولا هذه الهبة لما كنت أنت شيئًا مذكورًا، ولا يجوز لأحد مهما كان منصبه أن يدعي ملكية هذا الحق، ولا يجوز له أن يُصادر هذا الحق من أي إنسان في الأرض، سواء كان هذا الإنسان جنينًا أو رضيعًا أو طفلًا أو كبيرًا، فلماذا سمحت لنفسك أن تُصادر هذا الحق من آلاف أطفال غزة ومن آلاف نساء غزة الذين قتلهم سلاحك الأمريكي وهدم عليهم بيوتهم.
3. بسمة الطفولة ليست حكرًا على أطفال أمريكا، بل هي حق لكل طفل في الأرض حيثما عاش وفي أي زمن وُلد، سيما وأن الطفولة هي رمز البراءة والصفاء، وهي أبعد ما يكون عن الحقد والكراهية، وهي خالية سلفًا من أي ظلم وعدوان، وما كانت في يوم من الأيام مُتهمة بسبب أية حرب أهلية أو إقليمية أو عالمية، فلماذا رضيت لسلاحك الأمريكي أن يقتل آلاف الأطفال في غزة، الأمر الذي دفع غوتيرش الأمين العام لهيئة الأمم المُتحدة أن يُصرح قائلًا: لقد تحولت غزة إلى مقبرة للأطفال.
4. تدبر قول حكيم لحاكم قبل قرون من الزمن: (لو دامت لغيرك لما وصلت إليك)، وها أنذا أقولها لك اليوم، فلو دامت للرئيس ريجن الذي كان يُمنّي نفسه أنه سيقود معركة هار مجدون، لما وصلت إليك، ولو دامت للرئيس بوش الأب الذي افتتح غزوه للعراق قائلًا: نحن نخوض حربًا صليبية لما وصلت إليك، ولو دامت للرئيس بوش الابن الذي استأنف غزو العراق وكرر قول أبيه مرتين لما وصلت إليك، ولو دامت لجورج واشنطن وصولًا إلى ترامب لما وصلت إليك، ولكنهم بعد أن جلس كل واحد منهم قبلك على الكرسي الذي تجلس عليه الآن، وبعد أن نام كل واحد منهم قبلك على السرير الذي تنام فيه الآن، وبعد أن أوقد كل واحد منهم قبلك النار في الموقدة التي يطيب لك أن تجلس قربها في البيت الأبيض وهي تشتعل لهبًا وقد وضعت فخذك اليمنى على فخذك اليسرى، ها هم كلهم اليوم ميتون، وها هي أجسادهم قد بُليت ولم يبق منها إلا عجب الذنب إلا القليل منهم الذين سيُدركهم الموت ولو كانوا في بروج مُشيدة!!، فهل تظن نفسك خالدًا مُخلدًا يا عدو نفسه!!، كلا وألف كلا!!، فكما خرجت من مجرى البول مرتين وحدك ستموت وحدك وستدخل قبرك وحدك، وسيقعدانك ناكر ونكير في قبرك وحدك وسيسألانك بضعة أسئلة وحدك، فمن سينفعك؟!
البيت الأبيض لن ينفعك، وحرسك الرئاسي لن ينفعك، وطائرتك الرئاسية لن تنفعك، ونتنياهو لن ينفعك، وجلانت لن ينفعك، وجانيس لن ينفعك، وسيُطاردك كل أجنة غزة ورضّعها وأطفالها الذين قتلهم سلاحك الأمريكي، يوم تخرج البشرية من قبورها للحساب، وسيقولون: يا رب سل هذا الذي اسمه بايدن لماذا قتلنا؟! فماذا ستقول لله تعالى يوم لا يخفى على الله شيء والملك يومئذٍ لله!!، ولا فيتو هناك يا بايدن، ولا “أبيك” هناك، ولا حركة صهيونية مسيحية هناك، ولا مجلس شيوخ هناك، ولا مجلس نواب هناك، وحتى لو ندمت أو بكيت أو صرخت أو استغثت أو تشفعت، لن ينفعك كل ذلك في ذاك الموقف.
5. لا بد أنك درست مادة التاريخ عندما كنت طالبًا يجلس على أحد مقاعد المدرسة الأمريكية في كل مراحلها الابتدائي والإعدادي والثانوي، ولا أدري كم كانت علامة تحصيلك في هذه المادة في ختام كل عام دراسي، ولا أدري ما هي حدود ثقافتك التاريخية، ومع ذلك أقول لك مُذكرًا: هل أتاك حديث فرعون، الذي علا في الأرض وجعل أهلها شيعًا، حتى وصل به الغرور الذي يشبه غرورك الآن أن قال: (ما علمتُ لكم من إله غيري)،
فأين هو الآن؟!
هو الآن مومياء مُحنطة قد بُليت، وما ظل منه إلا جلد على عظم قد كسته أسمال بالية ذات رائحة مُنتنة، وأما لحمه فقد تبخر كأن لم يكن، فما أشبه نهايتك المُرتقبة بنهايته، وإلا لو اجتمع عليك كل أطباء أمريكا، وكل أطباء حلف الناتو، وكل أطباء الإتحاد الأوروبي لن يزيدوا من عمرك ثانية واحدة، وعما قريب ستُعلن كل القنوات الأمريكية والعالمية وفي مقدمتها قناة الجزيرة خبرًا عاجلًا ستقول فيه: مات الرئيس بايدن وهو يتناول فطوره الأمريكي ويرتشف القهوة الأمريكية!!، وستقول لك أرض أمريكا بعد أن ينطقها الله تعالى: يا بايدن قبل ثوان كنت تتبختر مُختالًا مغرورًا على ظهري، والآن أنت اليوم في بطني!!، يا بايدن أملكت الدُنيا أم الدُنيا ملكتك؟! يا بايدن ها أنت قد انتقلت من فتنة القصور إلى ظلمة القبور!!، يا بايدن يا من ادَّعيت القوة بالأمس ما أضعفك اليوم!!، يا بايدن يا من استعليت على أهل الأرض بالأمس ما أعجزك اليوم!!، يا بايدن يا من تفاخرت بالثراء بالأمس ما أفقرك اليوم!!، يا بايدن أنت الآن في قبر من قبوري، وهو لك بيت الظلمة وبيت الوحدة وبيت الدود وبيت الحساب وبيت العذاب!!، وكم سيضيق عليك، ولن تملك من أمرك شيئًا، وقد تسمع في قبرك صوتًا واحدًا فقط، هو صرخات أجنة غزة ورضّعها وأطفالها!!
ثمَّ ماذا؟! هل أتاك حديث النمرود الذي ملأ الأرض ظلمًا حتى أصبح الظلم له طعامًا وشرابًا وملبسًا، ثم تاه بظلمه وظن أنه مخلوق الله المختار الأعلى من كل خلق الله تعالى فقال وهو يحجل ببرديه: (أنا أحيي وأميت) فسمعت قوله بعوضة وهي من أضعف مخلوقات الله تعالى، وما كانت في يوم من الأيام إرهابية ولا مُتطرفة ولا مُتخلفة ولا عدوة للسلام العالمي، فدخلت في أذنه دون أن تستأذنه، ودون أن تستأذن حرسه الأشاوس، وظلت تتنقل ما بين أذنه اليُمنى وأذنه اليُسرى، وظلت تضج بطنينها وتعبث بطبلتي أذنيه بأقدامها التي تكاد ألا تُرى، حتى سقط على الأرض ميتًا، ثم واروه في قبره تحت التراب، ثم ذاب لحمه وعظمه ولسانه الثرثار ويداه القاتلتان ورجلاه الطاغيتان وحواسه الهمجية ولم يبق منه إلا عجب ذنبه، وما سواه منه فقد تحلل وصار ترابًا، وكانت ولا تزال قوافل المظلومين تقول له ساخرة: (ذق إنك أنت العزيز الكريم)!!.
6. لا أدري، هل سمعت باسم القرآن الكريم!!، وإذا سمعت به فلا أدري هل رأيته؟! وهل تجرأت وحملته بيديك؟! ثمَّ هل تجرأت وقرأت فيه؟! وهل تعلم لو أنك قرأت فيه فستقف على قول الله تعالى: {ومن قتل نفسًا فكأنما قتل الناس جميعا}، فإذا كان هذا هو حال من قتل نفسًا واحدة في ميزان الله تعالى، فكيف بك وأنت المسؤول مباشرة عن قتل أكثر من عشرين ألفًا في غزة؟!!، هذا يعني أنك أصبحت اليوم وكأنك قد قتلت الناس جميعًا عشرين ألف مرة!!، هل هذا هو رصيدك الذي قدّمته لشعوب الأرض بعامة، وللشعب الأمريكي بخاصة؟!، بئس من رصيد.
7. الحديث طويل يا بايدن، ولكن أوجز وأقول لك: إذا ظننت أن أصحاب الضمائر الحية في أمريكا وفي سائر الأرض باتوا يتساءلون اليوم: ماذا بعد بايدن؟! فأنت واهم، بل جميعهم كانوا ولا يزالون يتساءلون: ماذا بعد أمريكا؟! وأعلم أنك أنت المُتسبب بهذا السؤال، وأنت الذي وضع نهاية للحلم الأمريكي، وأنت الذي قد يُحوّل تمثال الحرية المُنتصب على شواطئ نيويورك إلى رجم حجارة.