ترجمة حضارات
الحاخام داني لَبيئ
الشعور بالفرح عقب الضربة في الدوحة، عاصمة قطر، يختلف عن الفرح الذي شعرنا به عند تصفية حسن نصرالله ويحيى السنوار. فما الذي يجعل هذه العملية مختلفة ومميّزة؟ وما هي الفرصة التاريخية التي نشأت هنا؟
إن الفرح العفوي لشعب إسرائيل عند موت الأعداء يعبّر عن صحة نفسية، ونزاهة أخلاقية، وعن المبدأ اليهودي القائل: "بِهَلاك الأشرار يعلو الهتاف" (سفر الأمثال 11:10). فمن يريد الخير للعالم يفرح عندما تتوقف القوى الهدّامة عن الوجود. لكن في العملية بقطر، حيث هوجم ـ وعلى ما يبدو صُفِّي قادة من حماس ـ هناك أمر آخر أعظم من مجرد تصفية قياديين "إرهابيين".
أعطِ مجداً لشعبك
عندما ارتفع الدخان من الدوحة، حتى قبل أن يتضح مَن تمت تصفيته، شعرت بسعادة كبيرة وأحسست أن دولة إسرائيل غيّرت قواعد اللعبة. فبعيدًا عن أهمية التصفية، تُعبّر الضربة الإسرائيلية في قطر عن رفع شأن إسرائيل عبر الجرأة على الهجوم، وتحمّل المسؤولية بلا تردّد، والاستعداد لإلحاق ضرر كبير بمكانة دولة كانت ملجأً لكبار أعداء إسرائيل، أثّرت سلبًا بأموالها الضخمة على دول الغرب، وتشغّل قناة التحريض "الجزيرة".
هذا الانتصاب الاستراتيجي يستحق فرحًا خاصًا، ولا سيّما أنه ينضم إلى تصفية القيادة الإيرانية والحوثية. وهو يوجّه رسالة واضحة وحادّة لدول الشر حول العالم: إسرائيل قادرة على الوصول إليكم في أي مكان. كل من يجرؤ على شدّ الحبل مع إسرائيل يعلم أن قيادته قد تتبخّر في لحظة عبر هجوم معقّد.
إنه تحوّل هائل مقارنةً بالعجز قبل نحو عامين، حين ذُبح مواطنون إسرائيليون في بيوتهم داخل حدود البلاد. أمّا اليوم فقد صار الأمر ردعًا عالميًا. وعلى ذلك قيل: "وهكذا أعطِ مجداً لشعبك… وكل الشر يزول كالدخان، لأنك تزيل حكم الاستكبار من الأرض" (من صلوات أيام التوبة).
استراتيجية قوة إقليمية
مع ذلك، علينا أن نتذكّر أن التجربة تُظهر أنه حتى لأكبر الإرهابيين يوجد بديل. والاستراتيجية الإسرائيلية تسعى لإصلاح العالم، ولهذا لا تكفي سياسة "جزّ العشب". فحماس في حضيض غير مسبوق، ولا يجوز منحها أي حبل نجاة. عدا عن إعادة المخطوفين، يجب علاج جذري ـ بحيث في الأماكن التي نبتت فيها حدائق الشر، نزرع مكانها حدائق عدل وحياة أخلاقية جيدة.
ومن خلال كل تجاربنا السابقة، لهذا معنى عملي واحد فقط: سيطرة إسرائيلية كاملة على غزة، وفرض السيادة في الضفة الغربية. فهذا صحيح من ناحية وعي الخسارة عند أعدائنا، إذ لا يرون فشلًا إلا في ذلك؛ وصحيح من الناحية الأمنية لمنع المجزرة القادمة؛ وهو بالتأكيد صحيح من ناحية دورنا تجاه العالم، الذي لا يمكن أن يتحقق إلا عبر علاقتنا الفريدة بأرض إسرائيل.
من الجيد أن نشكر الله ونمدح قيادتنا وجيشنا على تصفية الأشرار، وبخاصة على الانتصاب العظيم الذي كُشف في هذه العملية. وبالذات لأن إسرائيل تكتسب مكانة قوة إقليمية، فهي لا تستطيع أن تسمح لنفسها بالتوقف في منتصف الطريق. نحن نطلب نصرًا كاملاً وفرحًا تامًا: تصفية الشر، وفعل الخير.