لقد أظهرت أحداث جمعة الشباب الثائر بشهدائها الأبرار وجرحاها البواسل أن مسيرة العودة قد نجحت حتى اللحظة، -ومن المتوقع أن تستمر - في امتحان الاستنزاف الحاسم، فمرور الأسابيع الخمسة لم يزدها إلا تألقا واتقادا وسواء أكان ذلك من حيث أعداد المتظاهرين الضخمة أو من حيث استخدامها لتكتيكات جديدة كالانتشار الواسع على الحدود، وجرأة المتظاهرين المتزايدة التي ظهرت جلياً في اقتحامهم للسلك الشائك في موقع ملكة، وسيطرتهم على مواقع القناصة المحتلين.
كما نجحت المسيرة من خلال استمرار تعزيزها للوحدة الوطنية بين كافة الفصائل الفلسطينية بقيادة الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار، ومن خلال تقدم القيادة السياسية لكل الفصائل صفوف المتظاهرين، مسقطين بذلك كل المراهنات على تصدع الصف الداخلي للمقاومة، وموجهين ضربة للدعاية المعادية والقائمة على اتهام القيادة بالتخاذل وترك الجماهير وحدها في الميدان.
إن استمرار زخم المسيرة بهذا الشكل المتميز سيجبر أعدائها في الداخل أو في الخارج، وعلى رأسهم الاحتلال على إعادة النظر في حساباتهم وسياساتهم، وقد يظهر ذلك في بداية الأمر على شكل تعاطي إيجابي؛ لكنه ماكر ومراوغ ومراهن على تجاوز أهداف المسيرة حتى اللحظة الأخيرة، ولكنه لن يملك وإزاء استمرار تألق المسيرة إلا التراجع والإقرار بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة، و عندها لن ينال المثبطين والمتخاذلين إلا مزيدامن الفشل .