لم تركز القناة (11) للتلفزيون الاسرائيلي على سبيل المثال على تصريحات حماس التي نفت حدوث أي تقدم أو حصول مفاوضات حول صفقة تبادل جديدة، كما وصفت ما يدعيه مكتب رئيس الوزراء "بافتراءات" للتغطية على فشله، وركزت على تصريحات الحكومة وتحديدا رئيس الوزراء نتنياهو أنه يعمل وبكل الطرق، ويبذل جهودا جبارة؛ لاستعادة المفقودين الإسرائيليين.
كما ركز الإعلام الاسرائيلي على لقاء نتنياهو مع عائلة منغستو، وذلك بعد انقطاع طويل ومطالبات مستمرة من العائلة للقائه، وصلت إلى حد توجيه الانتقادات اللاذعه له،ليس غريبا أن يقوم الإعلام الإسرائيلي بذلك؛فالإعلام الذي يمثل أو يحاول أن يتعاطى مع توجهات الرأي العام في إسرائيل يتخذ في هذه الحالة موقفا داعما لحكومة نتنياهو في توجهاتها القاضية باستمرار الوضع الحالي في موضوع الأسرى كما هو عليه الان؛ أي المناورة والمماطلة وكسب الوقت، وإن كان ثمن ذلك تغيير الحقائق وتبني الروايات الكاذبة.
إن موقف الإعلام هذا يسهم في تهدئة الأهالي ودعوتهم للصبر على الحكومة، وهو موقف مخالف لما كانت عليه الأمور في صفقة تبادل الأسرى وفاء الاحرار "1".
وقد يكون أهم أسباب ذلك هو التغيرات الاجتماعية والسياسية العميقة والمتجهة نحو اليمين والقومية، والقومية الدينية المتطرفة، والتي تدعو دائما إلى رفض الحلول الوسط مع العدو العربي، والإعلام الإسرائيلي ليس بعيدا عن هذه التطورات.
إن تجند الاعلام لمصلحة الحكومة يجعل من مهمة المقاومة في تحريك أو التأثير على الرأي العام الإسرائيلي لصالح دعم صفقة تبادل أسرى جديدة مهمة صعبة نسبيا، ويفرض عليها بذل المزيد من الجهود وابتكار المزيد من الطرق للتأثير وإجبار الإعلام والرأي العام للتعاطي مع الأمر الواقع، وهو أمر أثبتت المقاومة في السابق أنه متوفر وأنها قادرة عليه.
إذ لا مناص في نهاية المطاف من اضطرار الحكومة الإسرائيلية على عقد صفقة تبادل صعبة إسرائيليا ومشرفة فلسطينيا، حتى لو تجند الإعلام الإسرائيلي في بداية الأمر.