تحرك أردوغان نحو جعل تركيا قوة عظمى

معاريف 

ترجمة حضارات 

 أفي أشكنازي

يمثّل اعتراف تركيا الدبلوماسي بنظام خليفة حفتر في ليبيا خطوة إضافية نحو عزل اليونان وقبرص، وإعادة تأسيس الإمبراطورية.

هل عادت الإمبراطورية التركية إلى الحياة؟ اتخذت تركيا خطوة دبلوماسية دراماتيكية في الأيام الأخيرة بافتتاحها قنصلية في شرق ليبيا، مع الحفاظ على اعترافها بحكومة خليفة حفتر، رئيس مجلس النواب الليبي، الذي تسيطر قواته على شرق البلاد. تهدف هذه الخطوة التركية المفاجئة إلى تغيير واقع الشرق الأوسط، إذ يتخذ الأتراك خطوةً جبارة نحو إعادة تأسيس الإمبراطورية التركية. وتستهدف هذه الخطوة الأخيرة السيطرة على أجزاء واسعة من البحر الأبيض المتوسط ​​وعزل اليونان وقبرص. تُعرف هذه الاستراتيجية باسم "الوطن الأزرق"، وهي لا تقل دراماتيكية عن انهيار نظام الأسد في سوريا، بدعم مباشر من حكومة أنقرة.

تشهد ليبيا حربًا أهلية منذ ما يقرب من عقدين. التدخل التركي في الحرب كان حاسمًا، إذ حال دون سقوط قوات الجماعات الإسلامية والمؤتمر الوطني العام الليبي. لا تكتفي تركيا بدعم ليبيا، بل يدّعي البعض أن الحكومة هناك باتت تابعة لها عمليًا. دار القتال في ليبيا بين القوى العلمانية والمعتدلة، ومجلس النواب الليبي بقيادة خليفة حفتر، المدعوم من الولايات المتحدة وروسيا. واستمرت الحرب نحو ست سنوات ونصف.

وعندما اقتربت قوات حفتر من الجماعات الإسلامية، تدخلت تركيا وقلبت موازين المعركة، ودفعت قوات حفتر إلى التراجع. ويأتي اعتراف تركيا بنظام حفتر وإقامة القنصلية بهدف الحصول على اعتراف الحكومة الشرقية بالاتفاق البحري بين تركيا والحكومة الليبية، مما يخلق ممرًا بحريًا إقليميًا بين البلدين، ويُغلق الاتصال البحري بين اليونان وقبرص ويعزلهما.

يتابع الدكتور هاي إيتان كوهين يانروجاك، الخبير في الشؤون التركية في مركز ديان بجامعة تل أبيب، هذه التطورات عن كثب، ويقول: "أُطلق على الخطوة التركية اسم 'تاج العصور القديمة'. كان الأتراك في ليبيا حتى حرب 1912–1919. من وجهة نظرهم، فإنهم يعودون إلى طرابلس، ويحققون رؤية 'الوطن الأزرق'، أي توسيع سيطرتهم على البحر الأبيض المتوسط".

ويضيف الدكتور هاي أن "رغم توقيع اتفاقية الحدود البحرية بين الحكومة التركية وحكومة غرب ليبيا، إلا أن الأخيرة، وفقًا للأمم المتحدة، هي الحكومة المعترف بها، وبالتالي تحظى باعتراف مؤسسات الأمم المتحدة أيضًا في شرق ليبيا". ويُعتقد أن الأتراك يسعون إلى ترسيخ سيطرتهم على ليبيا، وتحقيق تواصل إقليمي بحري، مما يتيح لهم إدارة حركة مرور الغاز والنفط عبر خطوط الأنابيب التي تمر بأراضيهم، بين روسيا ودول الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا. ومن المتوقع أن تُثري هذه الخطوة خزائن الحكومة التركية، وتُعيد لها مكانتها كقوة إقليمية.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025