الهجوم في الدوحة يفتح فصلًا جديدًا في مطاردة إسرائيل لقيادات حماس

ترجمة حضارات 

د. موشيه إلعد

"غضب الله 2": إسرائيل توسّع مطاردتها لقيادات حماس خارج غزة

الهجوم الإسرائيلي في الدوحة أثار صدمة عالمية، لا سيما في الدول العربية. لم يعتد العالم على أن تنفذ إسرائيل عملية عسكرية داخل دولة ذات سيادة ترتبط معها بعلاقات سياسية وتستضيف مفاوضات حول ملف الأسرى. ورغم صغر حجم قطر جغرافيًا، فإن تأثيرها في العالم العربي جعل وقع المفاجأة أكبر.

القرار الإسرائيلي باستهداف قيادة حماس في الدوحة اعتُبر في الشارع العربي تجاوزًا لكل الخطوط الحمراء. الرسالة واضحة: لم تعد هناك قيود على ملاحقة من تصفهم إسرائيل بـ"الإرهابيين". تصريحات قادة إسرائيل بأنهم سيطاردون عناصر حماس في أي مكان لم تعد مجرد تهديدات، بخلاف الردود القطرية التي بدت رمزية حتى الآن.

تُوصف قطر بأنها "Frienemy" – أي صديق وعدو في آن واحد. فهي تتوسط في ملف الأسرى لصالح إسرائيل، لكنها في الوقت ذاته تموّل حماس والجهاد وتدعمهم سياسيًا ومعنويًا. من هنا، تحمل الضربة رسالة مباشرة للدوحة: إسرائيل لم تعد تثق حتى بالحد الأدنى من دورها كوسيط.

هذا التطور يوسّع ساحة "الحرب على الإرهاب" ويصعّد من حدة الأزمة الإقليمية. وتُطرح الآن تساؤلات ملحّة: بعد بيروت، طهران، صنعاء والدوحة – ما هي الدولة التالية؟

قطر تعرضت لما يُسمى "إهانة كبرى" في العالم العربي. ومن الصعب أن تعود طواعية إلى دور الوساطة، إلا إذا مارست الولايات المتحدة ضغوطًا مباشرة عليها. ورغم تأكيد نتنياهو أن إسرائيل نفذت العملية بمفردها، فإن وجود أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط داخل قطر يثير شكوكًا حول مدى التنسيق الأمريكي.

دول عديدة أدانت العملية بوصفها "انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي". الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، انتقد إسرائيل، متجاهلًا دور قيادة حماس. لكن اللافت كان موقف دول عربية "معتدلة" مثل مصر والأردن والسعودية والإمارات، التي أعلنت رفضها للهجوم رغم عدائها لحماس. الرسالة الضمنية: إذا استضافت هذه الدول قيادات من الحركة مستقبلًا، فقد تصبح أهدافًا محتملة.

تركيا أيضًا، التي احتضنت قيادة حماس في أنقرة، ستعيد حساباتها في ضوء هذا التصعيد.

الوضع الحالي يوحي بأن إسرائيل أطلقت ما يشبه "غضب الله 2" – في إشارة إلى عملية الانتقام بعد مجزرة ميونخ عام 1972، حين طارد الموساد منفذي الهجوم ومموليهم على مدى عشرين عامًا، حتى في قلب أوروبا. في ذلك الوقت، شجب العالم العملية بدايةً، ثم صفق لها لاحقًا.

اليوم، المفاجأة والتخوف في العالم العربي يترجمان إلى إدراك متزايد بأن إسرائيل عازمة على ملاحقة قيادات حماس أينما وُجدوا، حتى لو كانوا في عواصم عربية.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025