الضربة الجوية في الدوحة قد تتحول إلى لعبة بوميرانغ ضد إسرائيل

Ynet 

ترجمة حضارات 

 ميخائيل ميليشطاين

الضربة الجوية في الدوحة قد تنقلب ضد إسرائيل. فـقطر، التي أصيبت بالذهول، ستستخدم نفوذها الاقتصادي لتعزيز الضغط الدولي عليها، فيما سارع خصوم إسرائيل التقليديون إلى الاصطفاف بجانبها. أما مصر فتخشى أن تكون العملية جزءًا من "خطة خبيثة" لدفع الغزيين إلى أراضيها. وحتى لو جرت تصفية القيادات المستهدفة، فإن حركة حماس ما زالت حية وفاعلة.

العالم العربي استحضر مقارنة بمحاولة اغتيال خالد مشعل في الأردن عام 1997، التي أذن بها نتنياهو وانتهت بأزمة مع عمّان وبإطلاق سراح أحمد ياسين، مما أعطى دفعة قوية للحركة. الحال اليوم مشابه: إنجاز استخباراتي وعسكري مقابل حسابات استراتيجية محدودة.

بالنسبة لقطر، شكّلت الضربة زلزالًا حقيقيًا. الدوحة ترى أن الاستهداف لم يطل حماس فقط، بل سيادتها، خصوصًا بعدما تلقت وعودًا من الموساد والبيت الأبيض بعدم استهدافها. الإعلام القطري وصف العملية بأنها تجاوز لـ"خط أحمر" وضربة للوساطة القطرية، محمّلًا ترامب مسؤولية منح الضوء الأخضر لإسرائيل.

وبما أن قطر لا تستطيع الرد عسكريًا، فقد تحركت عبر القنوات الدبلوماسية: دعوة عاجلة لمجلس الأمن، التحضير لقمة عربية، تعريف إسرائيل كـ"عدو"، السعي لمقاضاة نتنياهو دوليًا، واستثمار شبكة تحالفاتها الإعلامية والاقتصادية حول العالم لتأليب الرأي العام ضد إسرائيل، خاصة قبل حدث دبلوماسي كبير في الأمم المتحدة يُتوقّع أن يشمل الاعتراف بدولة فلسطينية.

من جهتها، حاولت إسرائيل وصم قطر بأنها داعم للإرهاب، لكن ردود الفعل الدولية – وخاصة الأوروبية – صبت ضدها، معتبرة القصف مساسًا بالسيادة القطرية. وأوضحت د. ميخال يعري أن الرد جاء عكسيًا: إذ حصدت قطر تعاطفًا ودعمًا سياسيًا كثيفًا بفضل استثماراتها الطويلة الأمد حول العالم.

حتى الدول العربية التي تناصب قطر العداء (مصر، السعودية، الإمارات) لم ترحب بالعملية، بل اعتبرتها تجاوزًا خطيرًا وتهديدًا لاستقرار المنطقة. وقد أبدى وليا عهد السعودية والأردن، ورئيس الإمارات، تضامنًا مباشرًا مع الدوحة.

أما حماس فقد شددت على أنها لن ترفع "الراية البيضاء". وأكدت شخصيات من الحركة استعدادها للعودة إلى المفاوضات، لكن وفق شروطها: إنهاء الحرب وانسحاب إسرائيل من غزة.

من جانبها، عبّرت مصر عن قلق متزايد من مشروع إسرائيلي يهدف إلى دفع الغزيين إلى أراضيها، معتبرة الضربة خطوة نحو "تصعيد إقليمي" وخدمة لفكرة "إسرائيل الكبرى".

النقاش العربي ركّز أيضًا على الدور الأميركي: إذ يعتقد كثيرون أن ترامب كان على علم بالعملية وأجازها. وإذا ردت الدول العربية بتقييد صفقاتها الضخمة مع واشنطن، فإن إسرائيل ستكون المتضرر الأكبر، وسط انتقادات داخلية في أمريكا بأن الانحياز لنتنياهو يضر بالمصالح الأميركية.

وأشار الباحث ديفيد مكوفسكي إلى أن الإدارة الأميركية ارتكبت خطأ بالسماح بالعملية أثناء وجود مفاوضات، مما كشف قصورًا في الرؤية الاستراتيجية.

أما بخصوص تأثير الضربة على حماس، فالنتيجة عكسية: بدل إضعافها، عززت حضن قطر للحركة، وزادت من حمايتها في دول أخرى مثل تركيا. فالحركة، رغم خسائرها الكبرى (هنية، السنوار، ضيف، العاروري)، ما تزال متماسكة، تعوض قياداتها بسرعة، وتستمد قوتها من مرونتها وأيديولوجيتها.

ويختم المقال بالقول إن إسرائيل تكرر وهمها بأن قتل القيادات يقربها من "صفقة"، بينما حماس لا تعرف خلافات أيديولوجية داخلية، وتبقى موحدة على رفض نزع السلاح أو استمرار الاحتلال. توقيت الضربة في قطر – بدلًا من انتظار صفقة محتملة – يعكس انغماس إسرائيل في استراتيجية القوة العسكرية وحدها، وهو ما قد يقودها إلى نتائج استراتيجية أسوأ من أي مكاسب تكتيكية.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025