مقال افتتاحي_صحيفة هآرتس
ما القاسم المشترك بين مؤتمر أطباء في البرتغال، مهرجان موسيقي، معارض أسلحة، صندوق الثروة السيادي النرويجي، جامعة في هولندا، صناديق بحث وعدة اتحادات رياضية؟ خلال الأشهر الماضية، جميع هذه الجهات أعلنت مقاطعة إسرائيل أو الإسرائيليين: الدعوات أُلغيت، "لا نريدكم بيننا".
يوم الأربعاء الماضي شكّل قفزة نوعية، إذ وجه الاتحاد الأوروبي بقيادة رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، رسالة لإسرائيل حول ما ينتظرها إذا واصلت حكومة بنيامين نتنياهو مسارها: الاتحاد أعلن خططاً لدفع مقاطعة تجارية ضد إسرائيل، إضافة إلى إجراءات عقابية ضد "وزراء إسرائيليين متطرفين". المقترح يتضمن تعليقاً جزئياً لاتفاقية الشراكة التي تنظّم التجارة بين الجانبين. في 2024 بلغت صادرات إسرائيل للاتحاد 16.9 مليار دولار، بينما استوردت منه بـ24.8 مليار دولار. الاتحاد يشتري من إسرائيل نحو ثلث صادراتها. الطريق للتنفيذ ما زال طويلاً، وليس واضحاً إن كانت فون دير لاين عازمة فعلاً على السير فيه، لكن إعلان النوايا هذا يُعد زلزالاً دبلوماسياً، اقتصادياً وسياسياً.
إسرائيل تفقد شرعيتها في العالم شيئاً فشيئاً، وتُدفع إلى خانة الدول المنبوذة والمُحاصرة، ويصبح من الصعب أكثر فأكثر حتى على أصدقائها القدامى والأوفياء الاستمرار في الارتباط بها.
المقاطعة تتخذ أشكالاً عديدة: عقوبات على المستوطنين، حظر دخول على وزراء بارزين، احتجاجات في أحداث رياضية وإبعاد غير مباشر منها، حظر أسلحة، وإضرابات لعمال الموانئ الذين يرفضون شحن سفن إسرائيلية. شبكات غذاء ترفض شراء منتجات زراعية إسرائيلية. صناديق استثمار – ليس فقط النرويجي – توقف ضخ الأموال في الشركات الإسرائيلية، وحتى في شركات أميركية تساعد إسرائيل في عملياتها بغزة.
المقاطعة بدأت في الثقافة وأضرت بالفنانين، لكنها امتدت لاحقاً: تعاونات، تمويل وحتى المشاركة في مؤتمرات بدأت تختفي تحت ضغط عالمي متصاعد. حتى في مجال كان محل غيرة الجميع – قطاع التكنولوجيا الناشئة – بدأ يُشعر بالضغط. شركات كثيرة تفكر أو باشرت بـ"تغيير علمها": تسجيل قانوني في دول أخرى، إزالة الرموز الإسرائيلية أو على الأقل إخفاؤها. وإضافة إلى ذلك، الإسرائيليون بشكل عام يواجهون عداءً أكبر خلال سفرهم حول العالم.
في إسرائيل يمكنهم الصراخ "معاداة السامية" إلى ما لا نهاية، لكن الواقع أن المقاطعات موجهة ضد سياسات الحكومة، لا ضد اليهود. العالم بدأ يوضح لإسرائيل أن استمرار الحرب في غزة له ثمن. هذه طريقته ليقول إن أفعالها لم تعد مقبولة. إذا واصلت إسرائيل مسارها الحالي، قد نستيقظ قريباً على حقيقة أنها غير قادرة على الصمود في هذا العزل.