حلفاء واشنطن يطالبونها بالحماية… من إسرائيل

صحيفة هآرتس

ترجمة حضارات 

 تسفي برئيل 

للمرة الثالثة خلال عامين، تُعقد في الدوحة قمة عربية ـ إسلامية "خاصة"، أُطرِت كساحة تضامن مع قطر عقب تعرضها لهجوم إسرائيلي. ورغم حضور ملف غزة، إلا أنه لم يكن محورياً؛ إذ تمحور الهدف حول توجيه إنذار إلى واشنطن لكبح جماح إسرائيل. الرسالة واضحة: صفقة الأسرى، معركة حماس، والعمليات في غزة باتت تهدد الدول العربية بشكل مباشر، حتى تلك المتحالفة مع الولايات المتحدة.

في الإحاطات الإعلامية، لا سيما في وسائل الإعلام القطرية والمصرية، طُرحت مقترحات عملية، منها: قطع العلاقات أو خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل، فرض عقوبات اقتصادية، تشكيل لجنة عمل لملاحقة إسرائيل سياسياً وقانونياً، بل وإحياء فكرة إنشاء قوة عربية مشتركة لحماية المنطقة من الهجمات الإسرائيلية. ورغم أن القمم السابقة (2023 و2024) خرجت ببيانات مطولة، فإنها لم تُترجم إلى خطوات ميدانية.

مع ذلك، أفضت قمة العام الماضي إلى تشكيل لجنة مصغرة برئاسة السعودية، دفعت بقوة نحو انتزاع اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية، تُوّج مؤخراً بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح حل الدولتين. ورغم استمرار الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن كضمانة لإسرائيل، فإن الزخم الدولي المناهض لها يتصاعد، مدفوعاً بعقوبات أوروبية (من ألمانيا، إسبانيا، بريطانيا، والنرويج)، وقف تجاري مع تركيا، وحصار أكاديمي وثقافي آخذ في الاتساع.

أما الدول العربية الموقعة على اتفاقيات سلام مع إسرائيل، فتتجنب حتى الآن اتخاذ خطوات مؤلمة. مصر لم تعتمد السفير الإسرائيلي الجديد، وهددت برد قاسٍ على أي هجوم داخل أراضيها، لكنها لم تلوّح بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد. التنسيق الأمني مستمر كالمعتاد، فيما ترى القاهرة أن الخطر الحقيقي يكمن في احتمال تدفق مئات آلاف الغزيين إلى سيناء. من جانبه، لوّح نتنياهو بإعادة النظر في صفقة الغاز الموقعة مع مصر في أغسطس.

الإمارات والأردن يواصلان التنسيق مع إسرائيل، بحجة أن ذلك يخدم سكان غزة، إذ حصلتا على استثناءات لإدخال مساعدات إنسانية وإجلاء الجرحى، بل سمحت إسرائيل للإمارات بمد خط مياه من سيناء إلى المواسي. أما التهديد الإماراتي، فينحصر فقط في حال أقدمت إسرائيل على ضم الضفة الغربية.

دول الخليج تمارس ضغوطاً دبلوماسية على الرئيس ترامب، باعتباره الوحيد القادر على وقف الحرب ومنع ضم غزة. أما الاستثمارات القطرية الضخمة في الولايات المتحدة، فتبقى بمنأى عن أي مساس. وتظل قطر "حليفاً رئيسياً من خارج الناتو"، ويُعد أي هجوم عليها بمثابة اعتداء على مجلس التعاون الخليجي. لا حديث عن حرب ضد إسرائيل، لكن القمة موجّهة أساساً إلى واشنطن: التزموا بحماية حلفائكم من "حليف آخر" يتصرف كعدو.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025