نتنياهو غير متزن،حكمه على الأمور مختل،وهو خطر على المنطقة والعالم.

​​​​​​​هآرتس

صحيفة هآرتس تكشف في مقال للكاتبة إيريس لعال، خطورة ما يقوم به نتنياهو و أفعاله الغير متوقعه، وأنه إذا لم يتم إيقافه فهو ذاهب الى مصيبة كبيرة للتغطية على فشل استهداف الدوحة.

الإعلام الأجنبي يقولها بصراحة، نتياهو غير متزن ومختل وهو خطير على المنطقة والعالم....

حتى ترامب بدأ يفهم: نتنياهو خطر على المنطقة والعالم.
هناك قضية مرتبطة بقطر يجب أن تقلق بنيامين نتنياهو كثيرا. فالضرر المحتمل الذي قد تسببه له كبير، وهي ليست "قطر - چيت". قرار مهاجمة الدوحة لاغتيال قيادات حماس في هذا التوقيت، وبخلاف موقف القيادة الأمنية، يبدو بعد أيام من الحدث تصرفا أحمق ومجنون — إذ لا توجد كلمة أدق.

حتى الآن لم يُقدَّم اي تفسير مُرضي للسؤال: ماذا كان من المفترض أن يحقق هذا الهجوم لو نجح؟ وهل أُخذ في الحسبان احتمال الفشل وما يحمله من تداعيات؟ حتى لو نجحت العملية لكانت خطئا كارثيا. إسرائيل وافقت منذ عامين على وساطة قطر وتغاضت بصمت عن كونها تستضيف قادة حماس، وبموافقة أميركية. تغيير جذري في السياسة كما عكسته العملية يفترض أن يُفسَّر بتغيّر الظروف. نتنياهو يحاول ربط التوقيت بالهجوم الذي وقع في القدس قبل يوم، لكنه يعرف أن هذا تفسير ضعيف.
النتيجة المعقولة للهجوم الآن هي استمرار الحرب في غزة، تصاعد المقاطعة الدولية، وتعريض حياة الأسرى للخطر. حتى لو كانت هذه النتيجة هي ما يريده نتنياهو، فهو لم يفكر في كل التداعيات. حاليا تُعتبر إسرائيل في عهده دولة غير متوقعة وخطيرة، وهو نفسه يُرى كـ "مدفع طائش" (متهور وخطير ولا يمكن التنبؤ بتصرفاته)، (Loose Canon). حتى دونالد ترامب ومحيطه بدأوا يدركون، متأخرين بشكل مأساوي، أنه "في كل مرة يحدث تقدّم، يبدو أنه يقصف أحدا".
مسؤولون في الإدارة: ترامب غضب من نتنياهو وقال إن الهجوم في قطر كان عملاً غير حكيم.
بين الجمهوريين يتزايد الانزعاج من نتنياهو ومن تأثيره على ترامب. في تعليق يرافق مقطع فيديو أعدّته مجموعة تُدعى MAGAFNP وبُث على "فوكس نيوز"، قيل: "كل من وضع ثقته في نتنياهو احترق... لقد سخر من رئيس أميركي ضعيف، وجعل منه أضحوكة. الرئيس ترامب، لا تدعه يفعل بك ذلك". بعد الهجوم الإسرائيلي بدا ترامب حتى في نظر مؤيديه كمن ربما دعم عملية عسكرية على أرض دولة ترتبط أميركا معها بعلاقات وثيقة، وإن لم يكن على علم بها — فهذا يعني أنه عاجز عن كبح نتنياهو.

اغتيال المؤثر الإنجيلي تشارلي كيرك أزاح عملية الدوحة عن صدارة الأجندة. ترامب كان محطّما من الجريمة، لكنه لم يفقد القدرة على استغلال الفرصة ليعلن أن "خطاب اليسار الراديكالي" هو المسؤول عن الاغتيال. نتنياهو وأبواقه انضموا سريعا إلى الحملة، للتغطية على رائحة الفشل المنبعثة من عملية الدوحة. وادعوا أن اليسار سيقود إلى حرب أهلية واغتيال شخصيات يمينية حتى في إسرائيل.
للإنصاف، يجب القول إن اليمين في كل دولة تقريبا استغل الحدث لمصلحته. في ألمانيا ركب اليمين الفاشي على حادثة اغتيال سياسي لرجل لم يسمع عنه معظم الألمان من قبل، وحرض ضد اليسار والمهاجرين وكل أهدافه المعتادة. في بريطانيا جرى احتجاج يميني ضخم تكريما لذكرى كيرك. المجانين من كل أنحاء العالم اتحدوا.

الآن يحاول نتنياهو استغلال الاغتيال ليضع نفسه بجانب ترامب، بل وسارع لوضع حجر الأساس لممشى في بات يام سيحمل اسم كيرك. لكن عندما يهدأ الغبار وتتكشف المزيد من التفاصيل عن المشتبه به ودوافعه، ومع تصاعد موجة التحريض والتملّق — سيتعين على نتنياهو الإجابة عن بعض الأسئلة. الثمن الذي ستفرضه قطر على ترامب بسبب العملية، والخطر الذي تشكله على اتفاقيات أبراهام العزيزة عليه، قد يغيّرا نظرته لنتنياهو. من جانب ترامب، يمكنه أن يبتلع اندفاع نتنياهو نحو عمليات عسكرية عدائية عندما تنجح، لكن الأمر مختلف تماما عندما تفشل.

علينا أن نصلي أن هذا ما سيحدث، لأنه إذا لم يتم إيقافه، فسيبحث نتنياهو عن مغامرة عسكرية ضخمة ومدمّرة للتعويض عن فشل الدوحة. ولسبب ما ما زلنا هنا نتردد في قول ما يُقال صراحة في الإعلام الأجنبي: نتنياهو غير متزن، حكمه على الأمور مختلّ ، وهو خطر على المنطقة والعالم.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025