هآرتس
ترجمة حضارات
عموس هرئيل
بدأ الجيش الإسرائيلي يوم الاثنين اقتحامًا بريًا إلى قلب مدينة غزة. تشارك في المرحلة الحالية فرقتان نظاميتان، وسيلتحق بهما لاحقًا تشكيل إضافي، فيما تبقى قوتان في مواقع دفاعية. يستمر النزوح الجماعي جنوبًا، رغم بقاء مئات الآلاف من المدنيين داخل المدينة. وقد اتُّخذ القرار رغم معارضة غالبية القيادات المهنية في الجيش والأمن، ورغم الشكوك الكبيرة في الرأي العام. حتى الآن، لا توجد احتجاجات فعالة ضد الخطوة التي يقودها نتنياهو، والتي توصف بأنها المقامرة الأكبر له منذ اندلاع الحرب.
التقدم على الأرض بطيء وحذر، بعكس عملية 2023، حين تقدمت القوات بسرعة رغم تحصينات أشد من جانب حماس. رئيس الأركان، أيال زمير، الذي عارض نتنياهو حتى اللحظة الأخيرة ودفع نحو صفقة تبادل جديدة، يحدد إيقاعًا حذرًا. وقد شدد على أن الهدف هو تكثيف الضربات على حماس وحسم معركة "لواء مدينة غزة"، بعيدًا عن وعود نتنياهو بـ"تدمير كامل" للتنظيم. يكرر زمير أن أولوية الجيش هي إنقاذ الأسرى وتجنب المساس بهم، لكنه يعترف بغياب معلومات استخبارية دقيقة عن أماكنهم، واحتمال أن تستخدمهم حماس كدروع بشرية. كما طرح سيناريو مرعبًا: إعدام الأسرى كوسيلة ردع وانتقام.
خطوات نتنياهو الأخيرة تكشف خطًا واضحًا: رفض العروض الأمريكية لصفقة جديدة، القصف في قطر الذي منح الدوحة زخمًا إقليميًا بدعم إيران، الإصرار على اقتحام غزة رغم رفض المؤسسة الأمنية، وخطاب "سوبر-أسبرطة" الذي أثار قلق الأسواق. رئيس الوزراء لا يُظهر أي اهتمام حقيقي بمصير الأسرى، بل يواصل الحرب لضمان بقائه السياسي. حتى في تصريحاته أثناء هجوم جوي في اليمن، لم يذكرهم، ووزير الدفاع اكتفى بالقول إن الأولوية هي حماية الجنود فقط. عائلات الأسرى تشعر بالخيانة، بينما يواجه الجيش خطر فقدان المزيد من الجنود ومجازر متوقعة بحق المدنيين الفلسطينيين، ما يزيد عزلة إسرائيل دوليًا.
ترامب هدد حماس "بالجحيم" إن أعدمت الأسرى، لكن تهديداته جوفاء. نتنياهو لا يهدد أصلًا، بل قد يرى في قتل الأسرى ذريعة لتوسيع العمليات والتوجه مع شركائه اليمينيين نحو احتلال كامل للقطاع وتهجير سكانه. داخل المؤسسة العسكرية يسود القلق من الخسائر المقبلة في صفوف الجنود ومن الغضب الدولي. في الداخل، لم يلقَ خطاب "أسبرطة" سوى انتقادات اقتصادية حادة بعد هبوط البورصة وتحذيرات رجال الأعمال. محاولات نتنياهو اللاحقة لطمأنة الأسواق تكشف ارتباكه. في المحصلة، يتضح أن من يقود إسرائيل نحو تعميق الحرب، بفرص ضئيلة للانتصار، هو زعيم فاشل ومعزول ومطارد، متمسك بالسلطة بأي ثمن.