رجل مهزوم يجر دولة كاملة إلى الهاوية

هآرتس
​​​​​​​مقال التحرير.
خطاب "أسبرطة" كان خطاب رجل مطارد ومهزوم. إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها أن تنجرّ خلف شخص يقودها إلى الهاوية. لا بد من إيقاف مسيرة الدمار بأسرع وقت ممكن والتوجه إلى الشعب. الانتخابات هي أمر الساعة.

في خطاب "أسبرطة" اعترف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، مرغماً، بفشله الذريع، ثم أعلن عن نيته مواصلة دفع إسرائيل عميقاً داخل الحفرة التي حفرها لها.

في خطابه أمام موظفي قسم المحاسب العام في وزارة المالية، عرض نتنياهو دول الغرب كأنها الأعداء الجدد لإسرائيل، بعد أن "غزتها" موجات هجرة مسلمة وشبكات التواصل الاجتماعي التي تديرها قطر والصين. إسرائيل نتنياهو لا يمكنها الاعتماد على أحد — والعالم كله أصلاً ضدنا — وبالتالي ليس أمامنا سوى الاعتماد على أنفسنا فقط. أي: أسبرطة.

خلف رؤى "أسبرطة" يختبئ مطلب بسيط: السماح لنتنياهو بحكم فردي مطلق بلا قيود، وكل ذلك باسم "الحرب الأبدية". ولإقامة مصانع الذخيرة العملاقة هذه، كما قال، يجب إزالة كل قيد قانوني أو بيروقراطي من طريق رئيس الحكومة. هذه كانت الخلاصة لخطابه: أزيلوا كل عقبة من أمامه؛ كفى بيروقراطية، كفى قيود قانونية — نتنياهو سيقرر وحده ولن يوقفه أحد.

إسرائيل غير قادرة — ولا يجب — أن تنتج كل ذخيرتها بنفسها. ولن تصمد إذا تحولت إلى اقتصاد أوتاركي (مغلق) أو اكتفاء ذاتي. الحقيقة أنه لا يوجد أي صلة بين خطاب نتنياهو البارانويدي (خطاب الشخصية المرتابة) وبين الواقع. دول أوروبا لم تنقلب ضد إسرائيل بسبب شبكات اجتماعية أو موجات هجرة المسلمين إليها، بل بسبب السياسة المنفلتة لحكومة نتنياهو.

نتنياهو يعرف ذلك، لكنه يفضل تحويل النقاش إلى مناطق مريحة أكثر بالنسبة له. إلا أن الواقع لا يتماشى مع ألاعيب شخص كان ولا يزال رجل تسويق لا رجل دولة. اقتصاد إسرائيل اقتصاد تصدير، وسينهار إذا أعرض العالم عن دولة إسرائيل. سيناريو كهذا محتمل جداً إذا قرر نتنياهو الاستمرار في عناده رغم كل التحذيرات.

كل الأضواء الحمراء تومض: الاتحاد الأوروبي يهدد بإلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل، وفي الأيام القريبة قد تُتخذ أول خطوة إعلانية بإلغاء الاتفاقية، مع ذكر السبب: "الجوع المصنوع بيد الإنسان لا يمكن أن يكون أبداً سلاح حرب. هذا يجب أن يتوقف"، كما كتبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. حتى لو لم تُلغَ الاتفاقية في نهاية المطاف، فإن تقرير أن إسرائيل تنتهك حقوق الإنسان سيؤدي بحد ذاته إلى ضرر بالغ، لأن كثيرين سيفضلون طواعية عدم التجارة معنا بعد الآن.

خطاب "أسبرطة" كان خطاب رجل مطارد ومهزوم. إسرائيل لا تستطيع أن تسمح لنفسها أن تنجرّ خلف شخص يقودها إلى الهاوية. لا بد من إيقاف مسيرة الدمار بأسرع وقت ممكن والتوجه إلى الشعب. الانتخابات هي أمر الساعة.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025