غزة بين التوغل البطيء والدعم الأميركي: نتنياهو يرسم واقعًا بديلًا وسط حرب بلا نهاية

 هآرتس 

ترجمة حضارات 

عموس هرئيل

المناورة البطيئة في غزة لا تلبي توقعات الولايات المتحدة، لكن نتنياهو ما زال يتمتع بدعم ترامب

المرحلة الحالية من الحرب في غزة لا تسير كما تخيلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. فقد وعده نتنياهو بنتائج سريعة من المناورة البرية، لكن رئيس الأركان أيال زمير يفرض وتيرة بطيئة وحذرة لتقليل الخسائر. ترامب سيواصل دعم نتنياهو في لقائهما المقبل بنيويورك، بينما يزداد قلق الشارع الإسرائيلي من تورط الحرب، إلا أن هذه المخاوف لم تعد تعني رئيس الوزراء.

أمس، قُتل ستة جنود: أربعة في رفح بانفجار عبوة ناسفة، واثنان في عملية إطلاق نار وطعن عند جسر أللنبي. كما سقطت طائرة مسيّرة حوثية قرب فندق في إيلات. في المؤسسة الأمنية، يتصاعد القلق بشأن مصير الأسرى، إذ يبدو أن إنقاذهم السريع بات مستحيلاً، والغارات الكثيفة تهدد حياتهم.

يسعى نتنياهو إلى تحقيق إنجاز سريع لقاعدته السياسية بين رأس السنة اليهودية و7 تشرين الأول، لكن زمير يعارض تسريع التوغل وأعلن ذلك علناً. في الجيش، يُقدّرون إمكانية التقدم إلى قلب غزة، لكنهم يخشون من حرب عصابات داخل المناطق المبنية. ترامب لا يتعمق في التفاصيل، لكن مقربيه بدأوا يدركون أن وعود نتنياهو غير واقعية. مبعوثه ستيف ويتكوف يسعى للعودة إلى صفقة تبادل أسرى مقابل وقف إطلاق النار، لكن نتنياهو يواصل الرفض.

يُقدّر الجيش الإسرائيلي أن نحو 400 ألف من سكان غزة غادروها بالفعل بفعل القصف والدمار الممنهج. ويزداد القلق في العالم العربي من أن تستغل إسرائيل، بدعم أميركي، هذه العملية لفرض ترحيل جماعي إلى سيناء. مصر والإمارات تحذّران علناً من هذا السيناريو.

الميزة الأكبر لنتنياهو تبقى في دعم ترامب، الذي سمح له بالتراجع عن صفقات الأسرى، ومحاولة اغتيال فاشلة في قطر، والتصعيد في غزة رغم معارضة القيادات المهنية. كما يدفع نتنياهو لتعيين دافيد زيني رئيساً للشاباك، رغم اعتراض مسؤولين سابقين. في الوقت نفسه، وصف سموتريتش غزة بأنها "كنز عقاري"، متجاهلاً معاناة أكثر من مليوني إنسان.

خطاب "سوبر-سبارتا" الذي ألقاه نتنياهو يعكس رؤية لإقامة اقتصاد اكتفائي ذاتي، وإزالة العوائق البيروقراطية لتسهيل صفقات السلاح بلا رقابة. لجنة غرونيس كشفت أن نتنياهو ويوسي كوهين عرضا أمن الدولة للخطر في قضية الغواصات، لكن استنتاجاتها ضاعت وسط ضجيج الحرب.

في سياق موازٍ، ألغت المحكمة العليا زيادات تقاعد الضباط الدائمين، مما قد يؤدي إلى موجة استقالات ويعمّق أزمة القوى البشرية في الجيش. الحكومة تتجاهل هذه التداعيات، وتواصل التركيز على تثبيت إعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية.

سلسلة توثيقية بعنوان "ماذا حدث للجيش" تبرز انهيار مكانة القوات البرية والفشل الاستخباراتي الذي قاد إلى أحداث  7 تشرين الأول. لكن فوق هذه الإخفاقات، ظل المستوى السياسي برئاسة نتنياهو متمسكاً باستراتيجية تكنولوجية مهملة للقوات البرية.

الحرب، الفساد، ومحاولات بناء نظام أوتوقراطي تتراكم لتُحدث تحولاً عميقاً في إسرائيل. نتنياهو، المطارد والمعزول، يحاول رسم واقع بديل للبقاء، بينما يقف الجمهور أمام حرب لا نهاية لها، وأسرى متروكين، وصفقات سلاح مشبوهة.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025