القناة 13
ترجمة حضارات
ألون بن دافيد
بين المطرقة والسندان: رئيس الأركان الأول الذي خرج لمعركة خلافًا لإيمانه
أيال زمير – أول رئيس أركان في تاريخ الجيش الإسرائيلي يُجبر على خوض حرب لا يؤمن بها – يقف بين قيادة متهورة فوقه وجنود مخلصين تحت إمرته، في مهمة تفرض عليه العمل في تناقض دائم.
منذ عامين على الكارثة، حقق الجيش إنجازات كبيرة في لبنان وسوريا وإيران وغزة، ومهّد الطريق لإعادة تعزيز أمن إسرائيل ومكانتها. لكن الحكومة حوّلت هذه الإنجازات، وثمن الضحايا، إلى أداة للبقاء السياسي، وبذلك حفرت حفرة عميقة للجميع.
منذ تأسيسها، تعمل الحكومة على كسر كل قاعدة تحدّ من سلطتها، وتُطلق العنان لغرائز الدمار. هناك خيط مباشر يربط بين "سوبر-سبارتا" لنتنياهو و"البوننزا" لسموتريتش، وهذا الخيط يلتف حول أعناق الجميع.
150 ألف جندي نظامي واحتياط يُتوقع أن يشاركوا في عملية الاستيلاء على "لآلئ العقارات" التي يحلم بها وزير المالية ويوزّع منها حصصًا. بعضهم لن يعود. بعضهم سيعود مصابًا لبقية حياته.
رئيس الأركان زمير يقف في المنتصف: بين قيادة متهورة فوقه وجنود مخلصين تحته. هو الأول الذي يُجبر على قيادة حرب لا يؤمن بها. في النقاشات الداخلية واجه قادته بكلمات قاسية، وفي اليوم التالي وقف على رأس القوات في غزة وشرح للجنود أهداف العملية. الفجوة بين أقواله في الغرف المغلقة وأمام الجنود مؤلمة، لكنها حتمية. واجبه أن ينتقد أمام صانعي القرار، لكن بعد اتخاذ قرار شرعي – واجبه التنفيذ.
البديل الوحيد أمامه هو الاستقالة، لكنه يدرك أن من سيأتي بعده قد يقود الحرب بشكل أسوأ. بدافع التزامه العميق بـ"الأمهات العبريات وأبنائهن"، يختار البقاء وتقليل المخاطر قدر الإمكان. لذلك تُدار العملية في غزة ببطء شديد، "قشر بصلة بعد بصلة"، لإعطاء وقت إضافي للمفاوضات حول الأسرى.
زمير لم يطلب المنصب، بل دُعي إليه. ومنذ البداية وُسم كمشكلة لأنه لم يكن من نوع "نعم-سير". وزير المالية إسرائيل كاتس رفض ثلاثة تعيينات لرئيس الأركان، بهدف إضعاف سلطته وإرسال إشارة للضباط بأن الترقية تمر عبر الوزير. هذا النمط يكرّر ما حدث مع سلفه هرتسي هليفي الذي استقال. لكن زمير، بخلافه، لا يحمل مسؤولية كارثة 7 أكتوبر.
منذ قراره البقاء، أصبح ملزمًا بتنفيذ قرارات الحكومة حتى لو كانت خاطئة. والمفاجئ هو استمرار طاعة الجمهور الإسرائيلي وقبوله للوضع، رغم علامات الجنون في القيادة.
لو شاهد نتنياهو نسخة 2020 من نفسه وهو يلقي خطاب "سبارتا" هذا الأسبوع، لقلق من أنه فقد صوابه. الرجل الذي قاد إسرائيل لسنوات نحو العولمة، قرر الآن إطفاء أنوار الاقتصاد وإغراقه في الكآبة. الأسواق استجابت فورًا.
الخطاب لم يكن زلة لسان، بل نصًا مكتوبًا.
الأضرار الناجمة عنه كبيرة جدًا، ومحاولاته لتصحيح الانطباع فشلت. نتنياهو يجهّز إسرائيل لمصير يشبه جنوب أفريقيا في القرن الماضي: دولة منبوذة خضعت للعقوبات حتى أسقطت نظام الأبارتهايد.
استمرار الحرب في غزة يضع إسرائيل في خطر أن ترتبط صورتها بكلمة "إبادة". ليس لأننا نرتكب إبادة جماعية، بل لأن العالم لا يفهم لماذا ما زلنا هناك، ولماذا نقتل عشرات، وربما قريبًا مئات، يوميًا. حتى قيادة الجيش نفسها لا تفهم تمامًا. فكيف نلوم العالم؟