صدع مجتمعي يغذي استمرار الحرب

ترجمة حضارات 

بقلم:اللواء احتياط إيتان بن إلياهو – قائد سلاح الجو الإسرائيلي السابق

على الرغم من مرور ما يقارب عامين على اندلاع حرب "سيوف من حديد"، ورغم تفوق (إسرائيل) الميداني وضعف حركة حماس، لا تزال المعارك مستمرة دون أفق واضح لإنهائها. السبب، بحسب اللواء احتياط إيتان بن إلياهو، لا يكمن في اعتبارات أمنية أو سياسية، بل في الانقسام الداخلي العميق داخل المجتمع الإسرائيلي حول مستقبل قطاع غزة.

عقيدة بن غوريون: الحسم بعد كل حرب

في عام 1953 وضع دافيد بن غوريون وثيقة "العقيدة الأمنيه" الإسرائيلية، التي شددت على ضرورة إنهاء كل حرب بانتصار حاسم يضمن أن العدو غير قادر – أو غير راغب – في الاستمرار بالقتال. هذه العقيدة أثبتت فعاليتها، إذ منحت (إسرائيل) رصيد ردع متواصل، وقادت في النهاية إلى معاهدات سلام مع بعض جاراتها.

لكن في الحالة الغزّية، يشير بن إلياهو إلى أن هذه المقاربة لم تُطبق. فبن غوريون وجابوتينسكي لم يتخيلا أن المقاومه "الإرهاب الفلسطيني" – كما يصفه – قد ينمو إلى قوة موازية لدولة عدوة.

حرب مستمره دون مبررللاستمرار

يرى بن إلياهو أنه لا يوجد اليوم أي مبرر لمواصلة الحرب، خاصة أن الشروط الأمنية لإنهائها تحققت، والمفاوضات حول قضايا مثل استعادة الأسرى والمخطوفين أو إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين لا تبرر استمرار القتال. ويضيف أن حماس باتت أضعف وأعلنت صراحة أنها لا ترغب في الاستمرار بالقتال، ومع ذلك تستمر الحرب والمفاوضات العقيمة منذ قرابة عامين.

الانقسام الداخلي – العقبة الحقيقية

السبب الحقيقي لإطالة أمد الحرب، وفق الكاتب، ليس ميدانياً بل داخلياً. فالمجتمع الإسرائيلي منقسم بين تيار يرى أن قطاع غزة جزء من "أرض إسرائيل" ويطالب بالعودة إليه وطرد سكانه والاستيطان فيه، وبين تيار آخر يرى – وبحق، على حد تعبيره – أن هذا المسار قد يقود إلى كارثة، ويطالب بالانسحاب من القطاع وإبقائه خارج حدود إسرائيل.

ويختم بن إلياهو بالتأكيد أن كل تبرير آخر لاستمرار القتال ليس إلا تضليلاً متعمداً، وأن استمرار الحرب ناجم أساساً عن هذا الانقسام الوجودي في المجتمع الإسرائيلي.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025