كأن الليل أسدل على عيوننا ستارة، لم نعد نرى سوى الغشاوة التي أرادتها المنظومة الأمنية على مدار سنوات والتقديرات الأمنية كانت تضللنا عن التفكير الصحيح، فبين أن الكذب هو السلعة الرائجة بشكل جيد بين الجمهور الصهيوني، مشاعر غضب اليوم بعد سقوط هيبة الدولة ونظرية الردع والضربة الاستباقية.
ولدت الدولة الصهيونية داخل الحرب، وخلالها بلورت نظريات أمنية عديدة، على رأسها نظرية الجدار الحديدي، والتي أسسها زئيف ﺟﺎﺑﻮﺗﻴﻨﺴﻜﻲ، والتي تدعو إلى قتال السكان الفلسطينيين من خلال السيطرة العسكرية المطلقة، والتي تطورت لاحقًا لتشمل قتال الجيوش العربية.
اليوم عادت فكرة النظرية الأساسية القائمة على قتال الشعب الفلسطيني، وعلى الامتداد الجغرافي لفلسطين التاريخية من خلال عملية حارس الأسوار التي أعادت للعقل الجمعي الصهيوني علاقته بنظرية الجدار الحديدي، بحسب المنظور الأمني الصهيوني يعتبر الردع الأساس الاستراتيجي والذي يجب الحفاظ عليه بشكل دائم مع الداخل الفلسطيني والمحيط العربي.
إذًا الردع هو المادة العملية لتطبيق نظرية الجدار الحديدي، الردع كمصطلح أشغل الرأي العام الصهيوني في الأيام الأولى من انطلاق معركة سيف القدس فلسطينيًا عبر السؤال الإعلامي للنخب الأمنية والسياسية من جهة، ومن جهة أخرى في قراءة فاحصة لمسار الصواريخ الفلسطينية الساقطة كالمطر على المدن والمستوطنات اليهودية في الداخل المحتل، إذًا في المساحة الواقعة بين البحر الأبيض إلى الخليج العربي، من الذي تم ردعه خلال السنوات الماضية؟
بحسب المحللين والمراقبين في الكيان الصهيوني، الإجابة مع حرقة في الحلق كما يقال: الذي تم ردعه هو الكيان الصهيوني رسميًا وشعبيًا، وعليه يستطيع المحللين والصحفيين في الكيان الصهيوني أن يتحدثوا طويلًا عن التكتيك والإستراتيجية، أو عن مأوى حسن نصر الله، أو الجدوى من استهداف الأيقونة محمد الضيف، لكن إطلاقات الصواريخ تستمر بكل أريحية من الجنوب إلى الشمال، وفي الضفة الغربية مواجهة مفتوحة كما هي الداخل أيضًا، وساحات المسجد الأقصى مغلقة في وجه اليهود، وشوارع الكيان شبه فارغة، الإغلاق وصافرات الإنذار تكاد لا تنقطع، ومنتجي غاز الفلفل الذين تم فتح باب الرزق لهم لكثرة الطلب عليه كون مواطني الدولة والذين يسكنون رامات غان أو هشارون أو العفولة يعتبرون أنفسهم في جحيم المواجهة مع الفلسطينيين شعبيًا كما في رام الله.
صورة النصر، أصبحت العملية من الجانب الصهيوني العملية التي تبحث عن صورة النصر الذي لم تجده، وعليه قلبت حركة حماس الطاولة في تحقيقها للضربة الأولى مع التحذير بها قبل البدء بساعة.
في الكيان لم يكن هناك أشخاص مثل زئيف ﺟﺎﺑﻮﺗﻴﻨﺴﻜﻲ يساعدهم في التفكير بعقل استراتيجي، الكيان اليوم يتم التلاعب به على أيدي هواة اليمين الصهيوني، وفي مقدمتهم عضو الكنيست بن غابير المتطرف، وعليه وصل الوقت لنقف متأملين التغيرات الشاملة التي حصلت في المنطقة كما في الولايات المتحدة لنضع خطة مدروسة ومحكمة كي لا نقع في الفخ.
(غلاف غزة)، نعم غلاف غزة وليس غلاف الكيان الصهيوني، أصبح جزء من حياة السكان هناك العيش تحت مظلة الصواريخ المنطلقة من القطاع، الحل أن تكون قريبًا من الملاجئ أو الرحيل إلى المجهول، فحماس جعلت من الامتدادات الجغرافية لفلسطين المحتلة هدفًا لصواريخها، اليوم غلاف غزة يمتد من حيفا شمالًا إلى مطار رامون جنوبًا، ليبقى التساؤل من الذي دمر الأسوار؟
اسلام حامد
22 آيار2021م.