نيوز "1"
يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات
بعد الحرب الأخيرة في قطاع غزة، أصبح موضوع صفقة تبادل أسرى جديدة بين "إسرائيل" وحمـــ اس من أهم القضايا؛ حيث ربطت "إسرائيل" إعادة إعمار قطاع غزة بإعادة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين الأربعة المحتجزين لدى حماس.
أفادت مصادر مصرية أن وفدًا أمنيًا من حمــ اس برئاسة مروان عيسى نائب رئيس أركان الجناح العسكري محمد ضيف وصل إلى القاهرة لإجراء محادثات مع المخابرات المصرية بشأن صفقة تبادل الأسرى، تلاه وفد أمني إسرائيلي إلى القاهرة لمناقشة نفس القضية.
صاغت مصر مخططها العام للمضي قدمًا في الصفقة، ويقول مسؤولون مصريون إن إدارة بايدن تحث الرئيس السيسي على سد الفجوات بين مواقف "إسرائيل" وحمــ اس وتنفيذ الصفقة لأن الصفقة ستعزز فرص إعادة إعمار القطاع وتحسن الفرص لتحقيق تهدئة طويلة الأمد.
تزعم مصادر في حمــ اس أن الجناح العسكري لحركة حمـــ اس لديه طلبات من مصر نفسها لمساعدتها في إعادة تأهيل التحصينات والأنفاق التي تضررت في الحرب لأنها تدعي عدم رغبتها في استخدام الأموال المخصصة لإعادة إعمار البنية التحتية المدنية في قطاع غزة، (لكن يبدو أن هذا الامر غير صحيح ويعتبر إسفين من وسائل الإعلام). على أي حال، كان زعيم حمــ اس يحيى السنوار قد ألمح إلى أن منظمته تطالب بالإفراج عن 1111 أسيرا كجزء من الصفقة، التي زعم أنها ستكون أكبر من صفقة شاليط في عام 2011 والتي تضمنت إطلاق سراح 1027 أسيرًا.
تطالب حمــ اس بالإفراج عن مئات الأسرى ذوي الاحكام الكبيرة كجزء من الصفقة، وتعارض "إسرائيل" بشدة، بالإضافة إلى الإنجاز والدعم الذي ستحصل عليه حمــ اس في الشارع الفلسطيني؛ بسبب إطلاق سراح الأسرى الأمنيين، وهو أمر فشلت السلطة الفلسطينية في فعله. حمــ اس لا تخفي نيتها بالسيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطني الفلسطيني. كشفت شخصيات بارزة في فتح أن حمــ اس تطالب بإطلاق سراح مروان البرغوثي والأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات في إطار الصفقة الجديدة مع "إسرائيل".
وطالبت حمــ اس بالإفراج عن مروان البرغوثي في إطار "صفقة شاليط" لكنها اضطرت إلى الاستسلام في أعقاب معارضة إسرائيلية. كما عملت السلطة من وراء الكواليس؛ لنسف الإفراج عن مروان البرغوثي من السجن حتى لا يشكل تهديدًا سياسيًا لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
يقضي مروان البرغوثي حكمًا بالسجن مدى الحياة في سجن إسرائيلي بعد إدانته بقتل مواطنين إسرائيليين خلال الانتفاضة الثانية.
البرغوثي هو مهندس الانتفاضة الثانية واليد اليمنى لياسر عرفات، وهو يحظى بتعاطف كبير في الشارع الفلسطيني، مما أكسبه لقب "الفلسطيني نيلسون مانديلا".
وكان مروان البرغوثي يعتزم خوض الانتخابات الرئاسية ضد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ودعم قائمة "الحرية" للانتخابات البرلمانية التي شكلها ناصر القدوة وزوجته فدوى.
رئيس السلطة الفلسطينية، الذي كان يخشى خسارة قائمة فتح في الانتخابات النيابية وخسارته في الانتخابات الرئاسية، ألغى الانتخابات التي كان من المفترض إجراؤها في 22 مايو بحجة منع "إسرائيل" مشاركة سكان القدس الشرقية في الانتخابات.
أحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبية، مسجون في" إسرائيل" وحكم عليه بالسجن 30 عاما بتهمة التخطيط والتنظيم لاغتيال الوزير الإسرائيلي رحبعام زئيفي.
تضغط حمـــ اس على "إسرائيل" من خلال وسطاء لإطلاق سراح البرغوثي وسعدات كجزء من الصفقة الجديدة، وبالنسبة لها، فإن إطلاق سراحهما سيعطيها المزيد من النقاط في الشارع الفلسطيني ويبرز فشل السلطة الفلسطينية.
بالنسبة للشارع الفلسطيني، هذان اثنان رموز وطنية وحمــ اس تريد الثناء على إطلاق سراحهم، من بين أمور أخرى لإبراز حقيقة أنها تقود المواجهة ضد "إسرائيل" وتستحق رئاسة منظمة التحرير وليس حركة فتح. من المتوقع أن يؤدي الإفراج المحتمل عن مروان البرغوثي في إطار صفقة التبادل إلى حدوث زلزال سياسي كبير في الضفة الغربية والإسراع بإزاحة قيادة فتح القديمة من السلطة وتدفق دماء جديدة إلى حركة فتح.
يعتمد إطلاق سراح مروان البرغوثي من السجن أولاً وقبل كل شيء على موافقة "إسرائيل"، ومن المشكوك فيه للغاية ما إذا كانت "إسرائيل" ستوافق على دفع الثمن وتقوية حمــ اس على وجه التحديد بينما تعمل الولايات المتحدة و"إسرائيل" على تقوية حكم السلطة الفلسطينية وإضعاف حمــ اس كدرس أساسي من عملية "حارس الأسوار". يرجح أنه إذا بعث محمود عباس برسالة "لإسرائيل" بأنه يعارض إطلاق سراح مروان البرغوثي؛ لأنه قد يضعفه، فإنها ستقبل طلبه والمسألة غير واردة بالمرة، فالتيار الإسرائيلي هو معاقبة مروان البرغوثي على أعماله العدائية وعقابه ستثني الآخرين عن السير على خطاه. ومع ذلك، لم يتضح بعد ما هي السياسة الإسرائيلية بشأن هذه القضية بعد صعود الحكومة الجديدة برئاسة نفتالي بينيت إلى السلطة.
السلطة الفلسطينية غير راضية عن التقدم المحرز في المحادثات بشأن صفقة تبادل الأسرى بين "إسرائيل" وحمــ اس، ويقول مسؤولون كبار في السلطة الفلسطينية إن مثل هذه الصفقة ستعزز موقف حمــ اس في الضفة الغربية وتضعف محمود عباس.
الصفقة ستمنح حمـــ اس الكثير من النقاط في الشارع الفلسطيني وسيُنظر إليها على أنها تنقذ حياة الأسرى الأمنيين المسنين والمرضى خلال أزمة كورونا وتبعث برسالة مفادها أن "إسرائيل" تستسلم للقوي وهي اللغة الوحيدة التي تفهمها، وليست لغة التفاوض التي تتحدث إليها السلطة الفلسطينية. كما يخشى محمود عباس من عودة الأسرى القيادات الكبيرة الذين سيتم إطلاق سراحهم في الصفقة والمقيمين في الضفة الغربية إلى منازلهم وإنشاء بنى تحتية جديدة ضد السلطة الفلسطينية وضد "إسرائيل"، الأمر الذي سيعقد الحرب ضد "الإرهاب" داخل مناطق السلطة الفلسطينية ويعرض حكمه للخطر.