نيوز "1" - يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات
الحرب في غزة أضعفت السلطة الفلسطينية
يشير استطلاع للرأي العام نشره في 15 حزيران / يونيو معهد أبحاث فلسطيني معروف في رام الله برئاسة الدكتور فتحي الشقاقي، إلى المحنة الكبيرة للسلطة الفلسطينية وزعيمها منذ معركة سيف القدس في قطاع غزة. وفقًا للاستطلاع، كانت هناك زيادة كبيرة في تأييد حركة حمــ اس في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد معركة سيف القدس، ويعتقد حوالي 53٪ من المستطلعين أن حمـــ اس يجب أن تقود الفلسطينيين.
فقط 14٪ من المستطلعين يفضلون قيادة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ويشير الاستطلاع إلى أن 77٪ من الجمهور الفلسطيني تعتقد أن حمـــ اس هي المنتصرة في الحرب الأخيرة بينها وبين "إسرائيل".
يظهر الاستطلاع أن حوالي ثلثي الفلسطينيين عارضوا قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بإلغاء انتخابات السلطة الفلسطينية، وزعمت نسبة مماثلة أنه فعل ذلك خوفًا من العواقب وليس بسبب رفض "إسرائيل" السماح بإجراء انتخابات في القدس الشرقية على حد قوله.
ويقول مسؤولو فتح، أحد منتقدي محمود عباس، إن هذا الاستطلاع يعبر بشكل جيد عن العزلة المتزايدة للسلطة التي تدفن رأسها في الرمال مثل النعامة وتتجاهل الواقع الجديد في الضفة الغربية.
على من يقع اللوم بالواقع الجديد الذي نشأ في الضفة الغربية. هل كانت عملية حتمية؟
ما هي أسباب فشل السلطة؟
1. كثيرون في حركة فتح يتهمون رئيس السلطة الفلسطينية بتعزيز حمـــ اس على حساب نفوذ حركة فتح.
وبحسبهم، فقد ذهب محمود عباس الى الانتخابات في الضفة الغربية على عكس مواقف "إسرائيل" والولايات المتحدة ومصر والأردن، وكذلك مواقف شخصيات بارزة في فتح مثل حسين الشيخ وماجد فرج، اضطر في النهاية إلى إلغاء الانتخابات في ظل مخاوف من الهزيمة أمام حمـــ اس.
إن تأجيل الانتخابات يرمز في نظر الكثيرين في الحركة إلى أعظم فشل قيادي لمحمود عباس خلال 15 عامًا من توليه المنصب، وليس له إنجازات على الساحة السياسية الفلسطينية، وأجهزة السلطة الفلسطينية فاسدة وتثير غضب الشارع الفلسطيني، حتى الانتصار الفلسطيني في القدس الشرقية الذي أدى إلى إزالة حواجز الشرطة من ساحة باب نابلس في البلدة القديمة جاء من قبل مجموعة من الشباب الذين لا علاقة لهم بحركة فتح أو بالسلطة الفلسطينية.
وقال فاروق القدومي، رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية، في 30 نيسان / أبريل: "حلم الانتخابات انتهى، وتفكك حركة فتح مسألة وقت بسبب سياسات محمود عباس".
2. منذ إعلان حمـــ اس عن معادلة "غزة - القدس" الجديدة، ظل محمود عباس غير مبال بالنضال من أجل القدس. لم تتخذ السلطة الفلسطينية أي إجراء حقيقي ضد "مسيرة الأعلام" في القدس سوى التصريحات العدائية في وسائل الإعلام ودعوة اللجنة المركزية لفتح لمواجهة المسيرة. لقد عملت السلطة الفلسطينية كلاعب فرعي وتركت حمـــ اس تقود الأحداث والنضال من أجل القدس.
تركز السلطة الفلسطينية بشكل أساسي على الجهود المبذولة لوضع يدها على الأموال التي ستأتي من دول العالم لإعادة إعمار قطاع غزة، وهذه هي المهمة في طليعة أجندتها.
وتقول مصادر فتح إن محمود عباس لا يؤمن بمبدأ "الكفاح المسلح" ضد "إسرائيل" ويقدر أن تحرك حمـــ اس محكوم عليه بالفشل.
الحد الأقصى الذي يرغب في دعمه هو "الانتفاضة الشعبية بطرق سلمية" وهو مهتم للغاية باستئناف المفاوضات مع إسرائيل.
3. تمكنت حمـــ اس من خلال حملة إعلامية من إهانة السلطة في نظر الفلسطينيين وتقديمها كشريك للولايات المتحدة و"إسرائيل" على حساب الشعب الفلسطيني، وأخطاء رئيس السلطة الذي فرض عقوبات على سكان غزة حيث تضررت صورته بشدة.
إلى أين تسير الأمور؟
دعا رئيس الوزراء القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الشهر الماضي على حسابه على تويتر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى الاستقالة وتسليم السلطة إلى "جيل الشباب" لقيادة الفلسطينيين إلى ملاذ آمن.
وبحسب بن جاسم، بعد تأجيل الانتخابات في الضفة وغزة، "عاد الفلسطينيون إلى الصفر".
تصدرت تصريحات رئيس الوزراء القطري الأسبق عناوين الصحف في وسائل الإعلام العربية وتلقى ردود فعل متعاطفة على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن محمود عباس لم يتأثر بها، وبحسب مصادر فتح، فإنه لا يتأثر بما تردد في وسائل الإعلام الإسرائيلية من أن "العد التنازلي" لحكم محمود عباس 86 عاما، بدأ فور إعلانه عن تأجيل الانتخابات في الضفة وغزة. ويقول مصدر رفيع في فتح إن "محمود عباس رجل عنيد للغاية ولا مشكلة لديه في معارضة التيار، وعلى أي حال فهو لا ينوي التخلي عن مقعده في السنوات المقبلة".
حتى الآن، بعد صعود شعبية حمـــ اس في الضفة الغربية إلى ذروة غير مسبوقة، لم يتأثر محمود عباس، فهو يرى نفسه الرئيس الشرعي المنتخب في انتخابات ديمقراطية لمنصبه عام 2005 وهذا هو ما يحدده بالنسبة له، محمود عباس لا يبحث عن مخرج يسمح له بالتخلي عن منصب رئيس السلطة الفلسطينية بشكل محترم.
يشبهه خصومه في المدخل بسائق سيارة على وشك الاصطدام بعنف بجدار، فبدلاً من إيقاف السائق يضغط على دواسة البنزين ويسرع السرعة بحيث تكون قوة الاصطدام بالجدار أكبر.
كان تقييم رئيس السلطة الفلسطينية للوضع خاطئًا، فقد وقع في حفرة أعدها لنفسه بمجرد إعلانه عن الانتخابات، وكانت خطوة غير ضرورية، وكان الرئيس ترامب قد عاد بالفعل إلى منزله ومعه خطة "صفقة القرن"، لم تكن هناك حاجة ملحة للإعلان عن الانتخابات.
لم يهيئ محمود عباس أي قيادة شابة أو خليفة محتمل. يريد أن يعتمد الجميع عليه ويقود سياسة "ما بعد الطوفان".
إنه يستمتع بحقيقة أن العديد من كبار أعضاء فتح، بما في ذلك في معركة الخلافة، ليس لديهم أفق سياسي واقتصادي يمكن أن يقدموه لشعبه، وهو يخوض حربًا من أجل البقاء لا تحمل رسالة متفائلة لسكان الضفة الغربية وقطاع غزة.
"محمود عباس الآن يسعى للتشجيع لأن بايدن والحكومة الإسرائيلية تريد تعزيز السلطة الفلسطينية ومكانتها كقوة موازنة لتقوية حمـــ اس في الضفة الغربية.
وتحدث معه الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية بلينكين عبر الهاتف ووعده بمساعدة مالية مدنية كبيرة والدعم السياسي الذي سينعكس في افتتاح مكاتب منظمة التحرير بواشنطن وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية. من ناحية أخرى، يدعم الجيش الإسرائيلي قوات الأمن الفلسطينية التي تعمل على إحباط "الإرهاب" وحماية مؤسسات السلطة الفلسطينية من انتفاضة محتملة في الشارع الفلسطيني.
رئيس السلطة هادئ رغم صعوبة وضعه وتقدمه في السن، إنه واثق من أنه سيستغل الأزمة ويخرج أقوى بعد المواجهة بين "إسرائيل" وحمـــ اس طالما أن الولايات المتحدة و"إسرائيل" والدول العربية المعتدلة غير معنية بسيطرة حمــــ اس على الضفة الغربية.