فشل الربيع الفلسطيني

نيوز "1" - يوني بن مناحيم

ترجمة حضارات

فشل الربيع الفلسطيني



تتلاشى الاحتجاجات الشعبية الفلسطينية احتجاجا على مقتل الناشط السياسي نزار بنات، وجميع التوقعات والتقديرات في الضفة الغربية الأسبوع الماضي، بعد أن علمت بوفاة نزار بنات، أن هذه التظاهرات قد تطيح بحكم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وتشكل "ربيع فلسطيني" على غرار "الربيع العربي" عام 2011، ثبت أن السلطة الفلسطينية تسيطر على الوضع بشكل جيد وليس هناك خطرا على نظام محمود عباس.
 واتضح أن الشعار الذي ردده آلاف المتظاهرين في عدة مظاهرات بالضفة الغربية، "الشعب يريد إسقاط النظام"، وهو أحد شعارات تظاهرات "الربيع العربي"، لم تتمكن من تأجيج واجتياح مئات الآلاف من المتظاهرين.

يُزعم أن الأرض كانت خصبة لاندلاع الانتفاضة الشعبية ضد السلطة الفلسطينية، الغضب في الشارع الفلسطيني على السلطة الفلسطينية وزعيمها هائل لعدة أسباب:

أ) إلغاء الانتخابات الفلسطينية من جانب واحد من قبل رئيس السلطة الفلسطينية خشية خسارة حركة فتح الانتخابات البرلمانية لصالح حمـــ اس وخسارة الانتخابات لمروان البرغوثي.

انفصال بين السلطة الفلسطينية وسكان القدس الشرقية، هناك شعور في شارع القدس الشرقية بأن السلطة الفلسطينية تخلت عن سكان القدس الشرقية للتعامل مع مشاكل إخلاء العائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراح وقرية سلوان وهدم المنازل من قبل بلدية القدس. 
الشعور بأن السلطة الفلسطينية فقدت كل تأثيرها على ما يحدث في الحرم القدسي الشريف وأن "إسرائيل" تفعل ما تريد في الاماكن المقدسة للمسلمين، بما في ذلك استئناف الزيارات اليهودية إلى الموقع.

وصل مكانة السلطة الفلسطينية في الشارع الفلسطيني إلى مستوى غير مسبوق بعد نجاحات حمـــ اس في الحرب الأخيرة مع "إسرائيل" في قطاع غزة، حيث نشر استطلاع للرأي العام في 15 حزيران / يونيو من قبل معهد أبحاث فلسطيني معروف في رام الله برئاسة د. خليل الشقاقي، يشير إلى المحنة الكبيرة للسلطة الفلسطينية وقائدها منذ الحرب الاخيرة في قطاع غزة.

وفقا للاستطلاع، هناك زيادة كبيرة في دعم حركة حمــــ اس في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد الحرب، ويعتقد حوالي 53٪ من المستطلعين أن حمـــ اس يجب أن تقود الفلسطينيين. 
فقط 14٪ من المستطلعين يفضلون قيادة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. ويشير الاستطلاع إلى أن 77٪ من الجمهور الفلسطيني يعتقد أن حمـــ اس هي الرابحة في الحرب الأخيرة بينها وبين "إسرائيل".

يظهر الاستطلاع أن حوالي ثلثي الفلسطينيين عارضوا قرار عباس بإلغاء انتخابات السلطة الفلسطينية، وزعمت نسبة مماثلة أنه فعل ذلك خوفًا من العواقب وليس بسبب رفض "إسرائيل" السماح بإجراء انتخابات في القدس الشرقية كما ادعى هو نفسه.

غضب كبير في أوساط الجمهور الفلسطيني من آثار الفساد والمحسوبية في أجهزة السلطة الفلسطينية، وتتعلق قضية الفساد الأخيرة بفشل صفقة لقاح كورونا مع "إسرائيل" المنسوبة إلى حسين الشيخ، وهو مسؤول كبير في السلطة الفلسطينية ومساعد لمحمود عباس.

رغم ما سبق، استمرت التظاهرات والاحتجاجات الشعبية على مقتل نزار بنات بضعة أيام فقط، واختصرت إلى مدينتين فقط في الضفة الغربية: الخليل، مسقط رأس نزار بنات، ورام الله، التي تعتبر عاصمة السلطة الفلسطينية والمتواجد فيها مؤسسات السلطة الفلسطينية. 
تحويل ساحة المنارة في رام الله إلى ساحة مظاهرة من شأنها إشعال شرارة الانتفاضة التي من شأنها إسقاط حكم السلطة الفلسطينية، حيث أدت المظاهرات في ميدان التحرير في القاهرة إلى الإطاحة بنظام الرئيس مبارك.

ولكن، من الناحية العملية، لم يحدث هذا، فالمتظاهرون لم يحاولوا حتى السير من ساحة المنارة باتجاه مبنى المقاطعة حيث يقع مكتب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، حيث جاء قرار القضاء على نزار بنات بحسب تقارير في وسائل إعلام عربية.

حسنًا، لماذا لم يحدث ذلك؟ هناك عدة أسباب لذلك:

كان تنظيم التظاهرات فاشلاً، رغم الغضب الشعبي الكبير الذي لم يتمكن منظمو التظاهرات من إشعال النار فيه والتسبب في مظاهرات في جميع مدن الضفة الغربية.

الانتشار المناسب لقوات الأمن الفلسطينية وخاصة في رام الله.

استخدام القوة من قبل قوات الأمن الفلسطينية لتفريق المتظاهرين: التفريق بالغاز المسيل للدموع والهراوات، وتجنب استخدام الذخيرة الحية التي من شأنها زيادة الكراهية وزيادة عدد المتظاهرين.

- استخدام عناصر من الأمن الفلسطيني بملابس مدنية و "شبيحة" (بذراع من حركة فتح) قاموا بضرب واعتقال قادة التظاهرات. 
كما بدأ رئيس السلطة الفلسطينية بإخراج نشطاء فتح من كتائب شهداء الأقصى إلى الشارع وحذر سكان مدن الضفة الغربية من الانجرار للمشاركة في المظاهرات، حيث شهدت الليلة الماضية مثل هذه المظاهرات لمسلحي فتح في بيت لحم ونابلس.

على الرغم من كراهية السلطة الفلسطينية، يخشى معظم الجمهور الفلسطيني في الضفة الغربية من سيطرة حمـــاس على الضفة الغربية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى إجراءات قاسية من جانب "إسرائيل" وإلحاق الضرر بالوضع الاقتصادي الذي هو أفضل بكثير مما هو عليه في قطاع غزة. 
الخوف من أن يؤدي سقوط نظام محمود عباس إلى فوضى أمنية وقد يؤدي أيضًا إلى حرب أهلية فلسطينية الأمر يردع الكثيرين عن المشاركة في مظاهرات حاشدة من شأنها تقويض الوضع الأمني   على الأرض.

إن فشل محاولة خلق "ربيع فلسطيني" في الضفة الغربية هو أولاً وقبل كل شيء "فشل" حركة حمـــ اس في ركوب موجة الغضب الشعبي على مقتل نزار بنات على أيدي أعضاء السلطة الفلسطينية، على الرغم من الزيادة الكبيرة في دعم حمـــ اس للشوارع الفلسطينية في الضفة الغربية، الشارع لم ينضج بعد بما يكفي والتمرد بشكل جماعي في جميع أنحاء الضفة الغربية للإطاحة بحكم محمود عباس.

ومع ذلك، وعلى رأس السلطة الفلسطينية وحركة فتح قلقون للغاية بشأن التطورات الأخيرة على الأرض، يؤكد مسؤول كبير في السلطة الفلسطينية أن قرار القضاء على نزار بنات كان خطأً كبيراً وأن الاتجاه من الآن فصاعداً سيكون لحماية حقوق الإنسان من قبل قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية لاحتواء الغضب الشعبي، ستحاول السلطة الفلسطينية أن تظهر من الآن فصاعدًا، خاصة لإدارة بايدن والاتحاد الأوروبي، أنها "صارمة" في دعم حقوق الإنسان حتى لا تفقد دعمها السياسي وخاصة التمويل لأجهزة الأمن الفلسطينية.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023