لعبة إيران المزدوجة

موقع نيوز "1"...
يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات

في الفترة التي سبقت استئناف المحادثات النووية في فيينا نهاية الشهر، تتسامح إدارة بايدن مع إيران وتتجاهل محاولة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الاغتيال بطائرات مسيرة تابعة لإحدى المليشيات الشيعية رئيس الوزراء العراقي مصطفى كاظمي. 
الرئيس بايدن يريد أن يقدم لإيران الأعذار كي لا تجلس إلى طاولة المفاوضات. 
قال مسؤولون أميركيون إن إيران ربما فقدت السيطرة على المليشيات العراقية المسلحة، وتحاول إيران التعتيم على فشلها وتخشى أن تؤدي المحاولة الفاشلة لإلحاق الأذى بمصطفى كاظمي إلى تقوية موقعه في العراق، حيث يسعى كاظمي إلى فترة رئاسة أخرى للوزراء ويريد أن يكون رئيس الوزراء الجديد المتوقع أن ينهض في العراق؛ لذلك، بعد ساعات قليلة من فشل محاولة اغتيال كاظمي، أرسلت إيران اللواء إسماعيل قاني، قائد فيلق القدس، إلى العراق، التقى بمصطفى بكاظمي وادعى أن يد إيران لم تكن في الحدث، رغم أن هذه طائرات مسيرة قدمتها إيران لميليشيات الحشد الشعبي. 
كما التقى قادة المليشيات الموالية لإيران وطالبهم بتهدئة الموقف والتوافق مع نتائج الانتخابات البرلمانية. تشكلت الفصائل الشيعية بعد الانتخابات في إطار جديد أطلق عليه "الإطار التنسيقي" للقوى السياسية الشيعية، وزعموا أن الانتخابات النيابية كانت مزورة ورفعت مئات الطعون على نتائج الانتخابات والفرز اليدوي، ولكن حتى الآن لا يوجد دليل قانوني يبين أن الانتخابات كانت مزورة.
 إلغاء الانتخابات سوف يجر العراق إلى فوضى أعظم مما هو عليه الآن. وفي الوقت نفسه ندد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء كاظمي، وقال إن "إيران تدعم الأمن والاستقرار في العراق". 
أدت محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي إلى تصعيد التوترات بين الحكومة وميليشيات الحشد الشعبي المسلحة التي فقدت ثلثي قوتها في الانتخابات النيابية، وتعهد رئيس الوزراء كاظمي بالقبض على من حاول اغتياله. لا مجال للتفاؤل، فالميليشيات الشيعية المسلحة تحاول البقاء في اللعبة السياسية وتفريغ نتائج الانتخابات من مضمونها والتأثير في تشكيل الحكومة الجديدة بينما تيار الإمام الشيعي مقتدى الصدر الذي فاز بعدد كبير من المقاعد في البرلمان يصر على تشكيل الحكومة المقبلة.
 تزعم مصادر عراقية موالية لإيران أن زيارة الجنرال إسماعيل قآني في بغداد فور محاولة اغتيال مصطفى كاظمي كان ناجحاً من عدة نواحٍ. طمأن جميع الأطراف وقلل التوتر بين رئيس الوزراء كاظمي والمليشيات المسلحة، نجح في إقناع إيران بأنها ليست وراء محاولة اغتيال خاتمي، ونصح جميع الأطراف التي خسرت الانتخابات النيابية بقبول نتائج الانتخابات بسلام وتشكيل حكومة جديدة بالإجماع.
 إيران واثقة من أن نفوذها في العراق سيبقى مهما كانت نتيجة الانتخابات بفضل الميليشيات المسلحة الموالية لها.
 أي شخص يحصل على تفويض لتشكيل حكومة في العراق سيواجه صعوبات كبيرة، وسيتعين عليه قبول شروط جميع الأطراف المشاركة في العملية السياسية، وفي أفضل الأحوال ستظهر "حكومة توافق" ضعيفة تحاول إرضاء جميع الأطراف.
 مثل هذه الحكومة لن تكون قادرة على إعادة تأهيل العراق، وإعادة بناء البنية التحتية المدمرة، ووقف آثار الفساد ومحاكمة من فتحوا النار على المتظاهرين، وحكومة شلل جديدة في العراق تخدم مصالح إيران التي ستستمر في شد الخيوط من خلال الميليشيات المسلحة. كما هو الحال في حـــ زب الله في لبنان. 
مثل هذه الحكومة لن تكون قادرة على نزع سلاح المليشيات المسلحة وإطار "الحشد الشعبي" الذي من المحتم أن تبقى المليشيات فيه طويلًا، بالضبط حسب السيناريو الإيراني، هل تسحب الولايات المتحدة قواتها من العراق؟
 وفي تموز (يوليو) الماضي أعلن الرئيس بايدن أن الولايات المتحدة ستسحب قواتها القتالية من العراق بحلول نهاية العام وأن القوات فقط ستبقى في العراق لتدريب الجيش العراقي وتبادل المعلومات الاستخباراتية وتقديم المشورة له، ولم يتضح بعد ما إذا كان الرئيس بايدن سيفي بوعده في مواجهة عدم الاستقرار الأمني ​​في العراق بعد نتائج الانتخابات البرلمانية ومحاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى كاظمي. 
وتشير التطورات الأخيرة إلى أن العراق يعاني من فوضى أمنية وسياسية وأنه يواجه صعوبة في إدارة شؤونه، وذلك كله بسبب الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران.
 محاولة اغتيال مصطفى كاظمي تذكر الكثيرين في العراق باغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري عام 2005، فلو اغتيل كاظمي لكان العراق سينجر مرة أخرى إلى دوامة من إراقة الدماء. هل استخلصت واشنطن نتائج انسحابها المتسرع من أفغانستان؟ من غير الواضح، ما زال أمامنا نحو شهر لمعرفة ما إذا كان الرئيس بايدن سيفي بوعده وسيسحب القوات القتالية الأمريكية من العراق.

وينشر أنصار إيران شائعات في العراق بأن الرئيس بايدن قد يؤجل الانسحاب المخطط له على أساس عدم الاستقرار الأمني ​​في العراق لحماية مصالح "إسرائيل" التي لا تريد أن ينسحب الجيش الأمريكي من العراق.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023