الضم خطير ولا لزوم له


الضم خطير ولا لزوم له   
​​​​​​​عاموس جلعاد

 ترجمة حضارات 

يتبين يومًا بعد يوم بأن الضم هو أمر يتميز بالإهمال، بالمقامرة الخطيرة، وإن قام رئيس الوزراء نتنياهو فعلًا بتنفيذ خطته، وأعلن عن الضم فسيكون تهديد على الأمن القومي الإسرائيلي. 
الأمن القومي ينبع من العلاقات الأمنية الرائعة مع المملكة الهاشمية الأردنية، وبعد التنسيق الأمني الناجع مع السلطة الفلسطينية، إسرائيل تتمتع بإنجاز غير مسبوق وهو عمق استراتيجي من البحر الأبيض وحتى حدود الأردن والعراق، وهو مجال يوفر لها هدوءً واستقرارًا من "الإرهاب" والتهديدات العسكرية. المطلوب من أجل إقامة مثل هذا الإنجاز، أو ذاك الوضع الأمني الرائع هو منخفض لسببين: قدراتنا الاستخبارية العسكرية، والتنسيق الأمني الاستخباراتي، خاصة مع الأردن، وإلى جانبها السلطة الفلسطينية
هذا الوضع الأمني يتجسد بتوفير الكثير من الدماء التي كان من الممكن أن تسفك والكثير من الموارد. غور الأردن هو منطقة هادئة أمنيًا، ولكنها مهملة من النواحي المدنية، في المقابل نية الضم تثير معارضة دول أوروبا والاتحاد الأوروبي ومعسكر واسع في الولايات المتحدة وعلى رأسهم جو بايدن والدول العربية وبعكس الوعود والتعهدات، لا تؤيد خطة ترامب، ولا يوجد في الأفق دولة عربية تدعم الإرهاب. 
عدا عن ذلك ماذا سيكون شكل إسرائيل التي ستستوعب ملايين الفلسطينيين؟ هذه العملية ستؤدي -باحتمالية عالية- لتآكل مكانة السلطة الفلسطينية لدرجة إنهيارها، ويشجع عناصر متطرفة مثل حماس للإشارة لأبي مازن كمن فشل في مسار السلام مقابل مسار العنف والإرهاب. إسرائيل تواجه إيران وحلفائها في المنطقة كتهديد مركزي على الأمن القومي، وهذا يتطلب تجنيد كل الموارد . زعزعة الاستقرار والهدوء في الجبهة الشرقية قد تبعد الاهتمام وتشوه سلم الأفضليات الصحيح من أجل مواجهة تحديات "الإرهاب"، وتشجيع مظاهرات واحتجاجات ناتجة عن الضم
لماذا يلزم الضم؟ 
لا يوجد سبب منطقي في هذه المرحلة, حتى لو فشلت خطة الضم، فسيترك ذلك خلافات داخلية حادة، ويؤثر على العلاقات مع الولايات المتحدة .
لهذا فعلى الكبينيت السياسي والأمني أن يضع خطة الضم على الرف، وأن يقر تقوية غور الأردن. من المقلق والمحزن أنه وحتى الآن من غير الواضح بالضبط ما هو الإطار الدقيق للخطة، وما هو موقف الولايات المتحدة الغارقة في صراع داخلي، باختصار فإن عملية الضم لا لزوم لها تماماً وتكمن فيها احتمالات ضرر متعدد الأبعاد، للمدى الطويل لأمن إسرائيل ومستقبلها، من المستحسن الامتناع عن الضم، كي لا ينضم إلى قائمة القرارات والخطوات الاستراتيجية الكئيبة التي اتخذت في الماضي.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023