غزة مقاومة لا تنكسر

د. ناصر ناصر

كاتب وباحث سياسي

غزة مقاومة لا تنكسر -

بقلم ناصر ناصر

ترسل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من خلال ردها الصاروخي على قيام قوات الاحتلال بقتل اثنين من قناصتها شمال قطاع غزة أثناء عملية تدريب داخلية ، العديد من الرسائل للداخل الفلسطيني ، و للخارج بكافة أشكاله و من أهمها

رسالة لاسرائيل مفادها الاستعداد الكامل للمواجهة الواسعة ، طالما بقيت اسرائيل مصرة على سياسات الخنق و الحصار و المماطلة و التلاعب في مسار المحادثات الجارية لوقف النار ، فخيارات المقاومة مفتوحة و سيناريوهات التعامل مع الاحتلال جاهزة ، فإن أرادت اسرائيل التهدئة فالقرارات و الأوراق مكتملة بين يدي صالح العاروري في القاهرة الآن ، و إن أرادت الاستمرار في استخدام تكتيكات العداء ( بالقتل عن طريق الخطأ ) أحيانا ، و بمنع الكهرباء و الماء و الوقود أحيانا أخرى ، و بالتذرع بعقبات الجنود الاسرى و ابي مازن ، فإن خيارات المواجهة بكافة درجاتها و أشكالها بين يدي ( الضيف ) في غزة .

لم تعد اسرائيل تتحكم في عوامل كبح التصعيد كما تريد و باللحظة التي تريد  ، فعلى الرغم من تقدير المقاومة للوسطاء المصريين و الامميين و غيرهم ، إلا أنها لن تسمح و تحديدا هذه المرة أن يقوم الاسرائيلي باستغلالهم لتمرير اعتداءاته و سياساته العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني في غزة .

أرسلت المقاومة رسالة لكل من يزعمون الخبرة في التفاوض و ( بان الدنيا و الآخرة هي مفاوضات ) ، بأن المفاوض لن يستطيع تحقيق أي من أهدافه العادلة و المشروعة طالما لم تكن هناك قوة على الأرض تدعمه ، و بأنه يمكن بل قد يفضل في حالة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي إجراء المحادثات تحت هدير المدافع ، فقد أظهرت التجربة السابقة مع اسرائيل  و نتنياهو على وجه التحديد أنه لا يتخذ القرارات الصحيحة إلا تحت ظروف الضغط الشديد .

لقد أظهر  استعداد و رد المقاومة الحازم أن كل المراهنات على كسر إرادة غزة قد  فشلت ، و أن كل العقوبات و الاجراءات الهادفة لإضعاف مقاومة الشعب الفلسطيني في غزة لم تجدي نفعا ، فهي لم تكسر عزيمة و همة و روح المقاومة الوثابة لدى الشعب الفلسطيني في غزة ، كما أنها فعليا لم تؤثر على قدرات المقاومة في الرد على عدوان الاحتلال ، بل قد تكون زادتها قوة و صلابة فالرد بمئتي صاروخ  لا يمكن ان يصدر من ضعيف أو خائف مهزوز ، و بناء على ذلك فقد آن الآوان لتغيير سياسة ابو مازن في خنق و تركيع غزة ، و العودة الى خيار الوحدة الوطنية حقيقة لا ستارا للتفرد والتسلط و ذلك على أساس اتفاق المصالحة سنة 2011 .

لقد أظهر التصعيد الأخير و المستمر جرأة فلسطينية متميزة ، فلم يعد الشعب الفلسطيني في غزة يهتم بمسألة  وقف التصعيد  بقدر ما يهتم بمسألة ردع المحتل على عدوانه و بضرورة استثمار هذا التصعيد و إن طال قليلا لرفع و إزالة الحصار و نيل الحرية و الكرامة .

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023