هآرتس
تسيفي بارئيل
ترجمة حضارات
الملك عبد الله يبحث عن أصدقاء في واشنطن
عندما يبدأ وزير الخارجية الأمريكي "أنطوني بلينكن" زيارته إلى القدس غداً، سيبقى العاهل الأردني الملك "عبد الله" في واشنطن ويلتقي بأعضاء الكونغرس الأمريكي، هاتان الشخصيتان لديهما اهتمامات مشتركة، وأهمها الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
وبحسب بيان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، يعتزم "بلينكين" أن يناقش مع "بنيامين نتنياهو" العلاقات بين "إسرائيل" والفلسطينيين، والحفاظ على المبدأ الذي بموجبه يقوم الحل السياسي على أساس معادلة الدولتين لشعبين و"حماية حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية".
هذا البند الأخير والبيان المتعلق به علناً، بطريقة غير مسبوقة، يشهدان على مخاوفه والرئيس "جو بايدن" بشأن المعضلات الأساسية والسياسية التي قد تطرحها "إسرائيل" تحت حكم نتنياهو على الإدارة.
القلق الرئيسي هو من خطة "الإصلاح"، التي تهدف -حسب مسؤولين حكوميين كبار وأعضاء في الكونغرس- إلى سحق تعريف "إسرائيل" على أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.
الملك "عبد الله" -الذي التقى نتنياهو الأسبوع الماضي- غير مهتم بشكل خاص بالبنية الديمقراطية لـ"إسرائيل"، في إطار رغبته في ضمان الحفاظ على الوضع الراهن في الحرم القدسي الشريف، سيستمر الأردن في تحمل الرعاية والمسؤولية عن الحرم من خلال الوقف الأردني ولن تقوم أي دولة أخرى، أي المملكة العربية السعودية، بإزاحته من منصبه.
لقد وعد نتنياهو بالحفاظ على الوضع الراهن، لكن الملك كان لديه بالفعل محاولات مريرة بـ "كلمة" رئيس الوزراء.
علاوة على ذلك، تم الوعد قبل الهجوم على "نيفيه يعقوب"، والذي قتل فيه سبعة يهود.
ربما لم يشاهد الملك البث الذي شوهد فيه وزير الأمن الوطني "إيتمار بن غفير" وهو يعانق سكان الحي، لكنه يدرك جيداً التهديد بـ "الرد الصهيوني المناسب"، والذي قد يعني اقتحاماً آخر إلى المسجد الأقصى وربما انتهاكات للوضع الراهن.
ليس من المستحيل أن يتوقع الملك بالفعل تحقيق مؤامرة إسرائيلية سعودية، والتي بموجبها ستقوم المملكة العربية السعودية بتطبيع علاقاتها مع "إسرائيل" مقابل حصص في الحرم القدسي.
لقد سمع بالفعل عن هذا في الماضي، وكما أنه لا يثق في نتنياهو، فإن وريث العرش السعودي "محمد بن سلمان" ليس نموذجاً للأمانة والإنصاف في عينيه.
يشتبه "عبد الله" في أن المملكة العربية السعودية كانت وراء الصلة بالانقلاب الذي بدأ قبل نحو عام من قبل شقيقه الأمير حمزة، والذي كان رئيس الديوان الملكي، بسام عوض الله، الذي أصبح مستشاراً لبن سلمان.
في أغسطس الماضي، أقيمت في الرياض حفل خطوبة الأمير حسين بن عبد الله نجل ملك الأردن، والسيدة السعودية رجوى السيف.
رجوى، مهندسة معمارية من حيث المهنة، درست في الولايات المتحدة، وهي ابنة أحد أغنى أثرياء السعودية "خالد السيف" صاحب مجموعة "السيف" التي تسيطر على أكثر من 25 شركة.
ومن المتوقع أن يقام حفل زفافهما في شهر يونيو، لكن من الأفضل عدم التعامل مع هذه الزيجات على أنها تلك التي أنشأها ملوك أوروبا وعززوا العلاقات السياسية.
لم تتأثر الهبوب الباردة من المملكة العربية السعودية تجاه الأردن بالتزاوج بين المملكتين.
وبالفعل، عُقدت الأسبوع الماضي قمة مصغرة في أبو ظبي، استضاف فيها رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة "محمد بن زايد" قادة مصر والبحرين وعُمان والأردن وقطر، وكان قادة السعودية والكويت غائبين عنها.
لم يكن على الموجودين انتظار تفسيرات السعودية للغياب، في ذلك اليوم سمعوا لأول مرة عن سياسة المساعدة الجديدة للمملكة من وزير المالية السعودي "محمد الجدعان" الذي تحدث في المنتدى الاقتصادي في دافوس، قائلاً: "اعتدنا على تقديم المنح المباشرة والودائع المصرفية دون أي شروط، ونقوم بتغيير السياسة، نعمل الآن مع المؤسسات الدولية ونقول إننا نريد رؤية الإصلاحات (قبل تقديم المساعدة)".
الأردن، الذي تلقى -في أبريل الماضي- نصيبه الأخير من المساعدات من المملكة العربية السعودية، تلقى تعهدات مساعدات إضافية من الإمارات العربية المتحدة، لكن الملك الذي كان يأمل أن يلتقي بن سلمان في القمة في أبو ظبي ويناقش معه تجديد المساعدة، أدرك "من الإعلام" أن السعودية غيرت اتجاهها وأن المساعدة منها غير مضمونة.
عندما تهدد الأزمة الاقتصادية التي يواجهها الأردن بإحداث احتجاج عام آخر، والذي أصبح حدثاً شبه منتظم في السنوات الثلاث الماضية، سيتعين على الملك "عبد الله" أيضاً التعامل مع التطورات في الضفة الغربية وشرقي القدس في مواجهة التطورات الجديدة في الضفة الغربية وتهديد الممثلين الإسرائيليين، الذين قد ينتهكون الوعد الذي تلقاه من نتنياهو بشأن قضية الحرم القدسي.
إن تمرد الفلسطينيين يعمل كمجموعة من الأدوات المتشابكة، حيث يندلع الحريق في الضفة الغربية على الفور ينتقل إلى الأردن ويزعزع استقرار المملكة.
ويعتمد الملك "عبد الله" الآن على حزام أمني أمريكي يتضمن قروضاً بقيمة 1.45 مليار دولار سنوياً لمدة خمس سنوات، وأيضاً التزاماً سياسياً بكبح هيجان محتمل من قبل الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية بما يهدد الأردن.
سيعرض الملك "عبد الله" على أعضاء الكونجرس المخاطر التي يراها في الساحة الفلسطينية وسيحاول حشدهم للضغط على الحكومة الإسرائيلية.
الملك "عبد الله" هو ضيف مرحب به في واشنطن، في الإدارة والكونغرس، وله علاقات جيدة مع رؤساء الجالية اليهودية، وكثير منهم يشاركونه مخاوفه بشأن حكومة نتنياهو.
لكن السؤال المهم هو إلى أي مدى ينتبه نتنياهو نفسه للأصوات في واشنطن ويتفهم عمق الخلاف الناشئ بينه وبين أهم صديق والجارة القريبة لـ"إسرائيل" في الشرق؟.