فِي يَوْمِ مَا دَخَلَ كَلْبٌ إِلَى مَتْحَفٍ مَلِيءٍ بِالْمَرَايَا، جُدْرَانُهُ وَأَسْقُفُهُ وَأَبْوَابُهُ وَأَرْضِيَّتُهُ كُلُّهَا مِنْ اَلْمَرَايَا، بِسَبَبَ اِنْعِكَاسَاتِهِ، أُصِيبَ اَلْكَلْبُ بِصَدْمَةٍ كَبِيرَةٍ، فَقَدْ رَأَى أَمَامَهُ فَجْأَةَ قَطِيعًا كَامِلاً مِنْ اَلْكِلَابِ تُحِيطُ بِهِ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، كَشَّرَ اَلْكَلْبُ عَنْ أَنْيَابِهِ وَبَدَأَ بِالنُّبَاحِ، فَرَدَّتْ عَلَيْهِ اَلْكِلَابُ اَلْأُخْرَى اَلَّتِي هِيَ اِنْعِكَاسًا لَهُ بِالْمَثَلِ، فَنَبَحَ مِنْ جَدِيدٍ، وَرَاحَ يَقْفِزُ مُحَاوِلاً إِخَافَةَ اَلْكِلَابِ اَلْمُحِيطَةِ بِهِ، فِي صَبَاحِ اَلْيَوْمِ اَلتَّالِي، عُثِرَ حَارِسُ اَلْمَتْحَفِ عَلَى اَلْكَلْبِ اَلْبَائِسِ مَيِّتًا، مُحَاطًا بِمِئَاتِ اَلِانْعِكَاسَاتِ لِكَلْبٍ مَيِّتٍ مَثَّلَهُ، لَمْ يُؤْذِيَ أَيَّ أَحَدِ اَلْكَلْبِ، لَكِنَّهُ قَتْلُ نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ بِسَبَبِ اَلْعِرَاكِ مَعَ اِنْعِكَاسَاتِهِ.
كيان المحتل "الإسرائيلي" يدور في هذه الأيام في أتون أزمة داخلية طاحنة بين معسكر اليمين الفاشي والتيار العلماني المتهالك، يشهد ذلك مظاهرات بأعداد متزايدة، وفوضى سياسية عارمة، يقودها وزراء ومسؤولين متطرفين، في محاولةٍ منهم سن قوانين وتشريعات بنكهة الخاوة والصراخ بين أروقة الكنيست، "بن غفير" وبنبرة العربدة: "من لا يعجبه وجودَنا في الكنسيت فليخرج منها".
إن اليهود فسيفساء بشرية غير متجانسة منذ نشأة هذا الكيان، انعدام التجانس هذا سيدفع حتماً للتصادم الداخلي، وذلك حال إصرار نتنياهو وحلفاؤه على التغيير المتعلق بمنظومة القضاء الحالية، هذه المغامرة وصفها وزير الحرب الأسبق غانتس بقوله: "التحالف الحكومي الحالي يذهب بنا نحو حرب أهلية".
ائتلاف حكومي قائم على الابتزاز، تهيمن عليه أزمة صلاحيات بين المؤسسات الأمنية والعسكرية والمرجعيات السياسية التابعة لها، رئيس حكومة محمّل بملفات قضائية قد توصله للمحاكمة وإنهاء حياته السياسية.
إذاً لطالما تفاخرت "إسرائيل" بحرية التعبير عن الرأي وحق التظاهر، لكن وزير الأمن القومي "بن غفير" وصف إحدى المظاهرات فقال: "لن نتسامح مطلقاً مع الفوضويين بإشعال تل أبيب لقد أصدرت تعليماتي بعدم التساهل معهم“، استبدادية التصريحات تتصدر مشهد السياسية، رغم تحذيرات رئيس المعارضة يائير لبيد بقوله "بعد نصف سنة من الآن ستكون "إسرائيل" مفككة من الداخل، ومجتمعها ملئ بالكراهية الداخلية"، وأضاف "إن نتنياهو يذهب بنا للفوضى".
فوضى الشارع "الإسرائيلي" تتسع خارج نطاق أحزاب المعارضة، لينضم لها نخبة من السياسيين والعسكريين والامنيين المتقاعدين، في محاولة منهم وقف نهج التطرف، لكن العنصرية اليهودية المتجذرة تضرب عمق العرق اليهودي، سموتريتش وفي لحظة فوزه في الانتخابات نادى: "بعدم منح الجنسية اليهودية لأحفاد اليهود الذين ولدوا خارج البلاد قاصداً فلسطين المحتلة.
إذاً هي " إسرائيل" التي ستقضي على نفسها بنفسها، فنتنياهو الذي نبح طويلاً في يومٍ ما ضد المتطرفين، أصبحوا اليوم شركائه الفاعلين في رسم سياسية الدمار والانهيار لهذا المحتل.
5-3-2023