علماء يفسرون سبب تفاقم ظاهرة "الفيضانات المفاجئة" التي تجتاح العالم
حضارات

اجتاح العالم مؤخرا عدد من الفيضانات عقبت عددا من موجات الحر القياسية التي رفعت من درجات الحرارة التي جعلت  الأرض أقل قدرة على امتصاص المياه، ووفق العلماء تسببت بوقوع تلك الفيضانات، وفق ما ورد في تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.

البلاد التي ضربتها الأعاصير مؤخرا

إثر هطول الأمطار الغزيرة في أوروبا والولايات المتحدة الأسبوع الماضي، أصيبت هونغ كونغ بالشلل، الجمعة، حيث غمرت الأمطار المرتبطة بالإعصار "ساولا" محطات المترو، وحاصرت السيارات في الطرق، مما أدى إلى توقف المدارس والبورصة.

وسجل مرصد هونغ كونغ أكثر من 158 ملم بين الساعة 11 مساءً ومنتصف الليل بالتوقيت المحلي، وهو أعلى معدل هطول أمطار في الساعة منذ بدء التسجيل عام 1884.

أما في اليابان، فقال مسؤولون: إن "العاصفة الاستوائية "يون يونغ" تسببت في هطول أمطار يومية غزيرة على بعض المناطق الشرقية، حيث جرى تسجيل 392 ملم من الأمطار حتى السبت، وهو أعلى معدل من المطر يهطل على تلك المناطق خلال 24 ساعة منذ عام 1976.

وقبل بضعة أيام، ضربت العاصفة "دانيال" أجزاء من جنوب أوروبا ومنطقة البحر المتوسط، بالتزامن مع فيضانات اجتاحت وسط اليونان، التي شهدت سقوط ما يصل إلى 800 ملم من الأمطار في غضون 24 ساعة على السهول اليونانية، مما يعادل عادة كمية المطر التي تهطل في عام كامل.

وتعرضت مدينة لاريسا، وهي مركز زراعي كبير، لخسارة في المحاصيل وأضرار كبيرة في المنازل، بعد أن فاضت ضفاف نهرها، في حين غمرت المياه البيوت والطرق وجرفت السيارات في مدينة فولوس، وذلك على غرار ما حدث في جزيرة سكياثوس السياحية الشهيرة.

وأخذت إسبانيا نصيبها من الأمطار بلغت مستويات استثنائية خلال فترة قصيرة، حيث سجلت مدينة توليدو 91.8 ملم من الأمطار خلال 24 ساعة، في حين بلغ معدل هطول الأمطار في مدينة بويرتو دي نافاسيرادا 114.8 ملم خلال 48 ساعة.

الصيف الأكثر سخونة

وذكر مرصد كوبرنيكوس لتغير المناخ، أن "الفترة من يونيو إلى أغسطس من هذا العام كانت الأكثر سخونة على الإطلاق، حيث بلغ متوسط درجة الحرارة 16.77 درجة، أي أعلى بمقدار 0.66 درجة من متوسط الفترة 1990-2020".

وشهدت أوروبا "خامس أعلى درجات حرارة في الصيف على الإطلاق"، بمتوسط بلغ 19.63 درجة، أو 0.83 درجة فوق المتوسط.

الأمطار والحرارة تتسببان بالفيضانات

وقال كوبرنيكوس أيضًا إن "هطول الأمطار فوق المتوسط أثر على أوروبا الغربية وتركيا وأوروبا الوسطى والدول الاسكندنافية وكاليفورنيا وغرب المكسيك، مما أدى إلى حدوث فيضانات في تلك المناطق خلال الفترة من يونيو إلى أغسطس".

ولفت مدير المرصد، كارلو بونتيمبو: "هناك أدلة تشير إلى أن الزيادات في درجة الحرارة، ستؤدي إلى زيادة كمية بخار الماء التي يمكن أن يحملها الغلاف الجوي".

ونوه: "تتوقع النماذج المناخية أن تترجم هذه الزيادة في بخار الماء إلى زيادة في هطول الأمطار بغزارة أكبر وبشكل متواتر، مع زيادة الاحتباس الحراري".

وأدى ارتفاع درجات الحرارة، إلى "تجفيف الأرض"، مما يجعلها أقل قدرة على امتصاص المياه، وبالتالي زيادة الفيضانات.

موجة الحر وحرائق الغابات زادت الطين بلة

وبدوره قال مدير مركز لينكولن للمياه والصحة الكوكبية، البروفيسور مارك ماكلين: "موجة الحر وحرائق الغابات زادت الأمور صعوبة، لأن مساحات شاسعة احترقت، وذهب جزء كبير من الغطاء النباتي".

وأشار بونتمبو إلى أنه "على الرغم من تسجيل اتجاه تصاعدي في شدة هطول الأمطار في معظم أنحاء أوروبا، فإن الأدلة أقل قوة في منطقة البحر المتوسط".

وأشار الخبراء أيضًا إلى أن "التضاريس الجبلية في اليونان ساهمت في حدوث الفيضانات"، إذ قال ماكلين: "كلما هطلت أمطار غزيرة، نحصل على معدلات عالية جدًا من الجريان السطحي، بسبب وجود مساحات واسعة من الصخور العارية التي لا تمتص المياه، وبالتالي فإن هطول الأمطار يترجم إلى فيضانات بشكل فوري تقريبًا".

ويمكن أيضًا تفسير الظروف القاسية في جميع أنحاء أوروبا، من خلال "كتلة أوميغا" أو (القبة الحرارية) فوق القارة.

وتؤدي القبة الحرارية إلى "اندفاع الهواء الساخن في نظام الضغط العالي لأسفل، فوق أحد المناطق في العالم، مما يخلق غطاءً خانقًا من الحرارة".

وعليه يمكن أن تشهد مناطق الضغط المرتفع داخل كتلة أوميغا، مثل المملكة المتحدة، حرارة غير عادية، بينما تشهد المناطق خارجها، مثل إسبانيا واليونان، ظروفًا عاصفة.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023