المقاومة الفلسطينية تُعيد تشكيل المعادلة: اختراق نفسي للجمهور الإسرائيلي

كاتب عبري لايف

في خطوة استراتيجية تحمل أبعادًا نفسية وسياسية عميقة، تمكنت المقاومة الفلسطينية، ممثلة بحركة حماس، من تجاوز الحكومة الإسرائيلية والتوجه مباشرة إلى الجمهور الإسرائيلي. هذا التحرك جاء بعد إعلانها قائمة الأسرى المنوي الإفراج عنهم في المرحلة الأولى، وهي خطوة لم تكن مجرد إعلان تقني بل ضربة نفسية مدروسة نجحت في زعزعة ثقة الإسرائيليين بحكومتهم وزيادة الضغط الشعبي عليها.

إعلان المقاومة عن قائمة الأسرى المستهدفين أتاح فرصة نادرة للجمهور الإسرائيلي للتفاعل مع الأحداث بشكل مباشر، مما جعلهم يدركون أن تحقيق مطالبهم قد يتم من خلال الحوار مع المقاومة بدلاً من الاعتماد على حكومتهم. هذه الخطوة أعطت رسالة واضحة بأن المقاومة قادرة على تحقيق نتائج ملموسة، بينما تستمر القيادة الإسرائيلية في التسويف والمماطلة.

التفاعل مع الأفراد الإسرائيليين

إذا استجابت المقاومة بشكل مباشر لطلب إحدى زوجات الأسرى أو ذوي المفقودين، كما تردد في بعض التقارير، فإن ذلك سيكون نقلة نوعية في هذا النهج الجديد. هذا التفاعل سيعزز من شعور الجمهور الإسرائيلي بأن المقاومة تهتم بمصالحهم أكثر من حكومتهم، التي يرونها اليوم كيانًا يفتقر للمصداقية ويعتمد على الأكاذيب لتحقيق مكاسب سياسية مؤقتة.


هذه الخطوة ليست فقط محاولة للتأثير على الرأي العام الإسرائيلي، بل هي جزء من معركة نفسية أعمق تهدف إلى إضعاف القيادة السياسية. استطلاعات الرأي الأخيرة التي أظهرت تراجعًا كبيرًا في شعبية كتلة نتنياهو تؤكد نجاح المقاومة في تعميق الشرخ بين الشعب وحكومته، وزيادة الضغط الداخلي على القيادة الإسرائيلية للاستجابة لمطالب المقاومة.


إعلان القسام عن ربط بعض الأسرى المفقودين بلواء الشمال قد يشير إلى حسابات ميدانية دقيقة تتعلق بالتفاوض على ملفات معقدة. ومع ذلك، فإن الاستجابة الإيجابية في حالات أخرى تعطي رسالة إنسانية قوية، وتؤكد قدرة المقاومة على التأثير المباشر في الأفراد داخل المجتمع الإسرائيلي.


ما قامت به المقاومة الفلسطينية يُعد تغييرًا جوهريًا في قواعد الصراع، حيث لم تعد المعركة مقتصرة على المواجهة الميدانية أو السياسية، بل انتقلت إلى مستوى جديد من الحرب النفسية والتأثير المباشر على الجمهور الإسرائيلي. هذا الأسلوب يعمق الفجوة بين الشعب الإسرائيلي وحكومته، ويخلق ضغطًا داخليًا يزيد من تعقيد المشهد السياسي في إسرائيل، مما يفتح الباب أمام مزيد من الإنجازات الاستراتيجية للمقاومة.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023