"واللا" العبري
ترجمة "حضارات"
أوريئيل ديسكل:
ترامب لا يدمّر الولايات المتحدة فقط... بل يدمّر الإنسانية
دونالد ترامب يقوّض مستقبل الكوكب، والأمر بات رسميًا: في وقتٍ تتزايد فيه كوارث المناخ حدّةً وتعقيدًا، دخل هذا الأسبوع حيّز التنفيذ قرار رئاسي يقضي بإلغاء التمويل والصلاحيات الممنوحة للهيئات المكلّفة بمواجهة الأزمة المناخية، مقابل تعزيز الدعم لقطاع النفط وإلغاء المخصصات الموجهة للطاقة المتجددة.
تشير التقارير الواردة من الولايات المتحدة، نهاية الأسبوع، إلى استمرار عملية تقويض الديمقراطية الأميركية على يد ترامب وأنصاره. غير أن الأضرار التي تلحق بالنظام الديمقراطي هناك، تبقى محدودة إذا ما قورنت بما يفعله ترامب بالإنسانية جمعاء.
فهذا الأسبوع، دخل قرار إدارة ترامب القاضي بتجريد "وكالة حماية البيئة" الأميركية (EPA) من صلاحياتها في مواجهة التلوّث والانبعاثات الغازية، حيّز التنفيذ.
لي زلدين – سياسي تلقى مئات آلاف الدولارات لحملاته الانتخابية من شركات النفط، ويتولى اليوم رئاسة وكالة EPA بعد تعيينه من قِبل ترامب نظرًا لعلاقاته الوثيقة بصناعات النفط والفحم – هو من قاد خطوة إلغاء القيود الفدرالية التي أُقرت عام 2009 للحد من التلوث الصادر عن المصانع والمركبات.
اليوم، وبحسب تقارير الوكالة نفسها، فإن متوسط انبعاثات السيارة العادية في الولايات المتحدة بات أقل بنسبة 24% عمّا كانت عليه في عام 2011. كما أن المصانع الكبرى التي كانت من أكثر مصادر التلوث، باتت تُصدر انبعاثات أقل بفضل تلك اللوائح. لكن هذا التقدم البيئي مهدد بالإلغاء الكامل خلال فترة قصيرة.
وليس ذلك فحسب، بل إن زلدين، بصفته رئيسًا لـEPA، يعمل على محو كل الأبحاث وافتراضات العمل الخاصة بالوكالة خلال الأربعين يومًا القادمة، وهي الأسس العلمية التي تستند إليها سياسات الحد من التلوث داخل البلاد.
في الولايات المتحدة، كما في مختلف أنحاء العالم، تتسبّب الكوارث الطبيعية – والتي يجمع المجتمع العلمي على أنها تزداد وتيرةً وشدّة بسبب أزمة المناخ – بخسائر اقتصادية تُقدّر بتريليونات الدولارات سنويًا. هذه الكوارث غير متوقعة، وتزداد عنفًا وحدةً مع مرور الوقت.
ومع ذلك، فإن إدارة ترامب تبذل جهودًا منهجية لتصفية كل وكالة أو جهة حكومية معنيّة بمكافحة هذه الكوارث أو التخفيف من آثارها.
في الوقت الذي يعلن فيه ترامب عن "حالات طوارئ" مزعومة تتعلق باللاجئين والمهاجرين، ويطرح تصريحات متهورة بشأن استخدام الأسلحة النووية ضد روسيا لصرف الأنظار عن فضيحة إبستين، ويغرد محذرًا من أعداء وهميين (كندا؟!)، يقوم في المقابل بتصفية كل أداة صُممت للتعامل مع حالة الطوارئ الحقيقية التي تواجه البشرية: أزمة المناخ.
الواقع أن الأمر لا يقتصر على ترامب وحده. ففي عام 2016، وقّعت دول مجموعة السبع (G7) على التزام بإلغاء "الدعم غير الفعّال للوقود الأحفوري". لكن، ووفقًا لجمعيات مختصة في هذا المجال، فإن هذا الدعم ارتفع منذ ذلك الحين بنسبة 15%، من 1.18 تريليون دولار إلى 1.36 تريليون دولار، بحسب بيانات المنتدى الألماني للاقتصاد الاجتماعي البيئي وصندوق النقد الدولي.
ومن بين الدول الصناعية الكبرى، تُعدّ كندا الدولة الوحيدة التي خفّضت الدعم الحكومي الموجّه لصناعة النفط. أما الولايات المتحدة، فقد تصدّرت قائمة الدول الأكثر إنفاقًا على دعم الوقود الأحفوري في عام 2023، حيث زادت إدارة ترامب هذه المخصصات بشكل كبير، بالتوازي مع تقليص الدعم الممنوح لمصادر الطاقة النظيفة.
فهل بلغنا بالفعل نقطة اللاعودة في ملف المناخ؟
لا يزال الجدل قائمًا داخل المجتمع العلمي، لكن الحقيقة أن أحدًا لا يقوم بما يكفي لتجنّب الوصول إلى تلك النقطة. بل على العكس، تُتخذ خطوات متسارعة لتقريبنا منها.
ومن يقود البشرية إلى هذا الجحيم... هو دونالد ترامب.