"إقالة المستشارة القانونية: خطوة خطيرة نحو تفكيك سيادة القانون"

حضارات

مؤسسة حضارات

 حضارات 

افتتاحية صحيفة "هآرتس"

المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهاراف-ميئرا، وُسمت كعدوّة للشعب من قبل حكومة نتنياهو وأبواقها وداعميها. وقد حدث ذلك نتيجة لتلاقي مصالح: رئيس الحكومة وقضيته الجنائية، شخصيات عامة متورطة في تحقيقات، الحريديم الساعين لتثبيت إعفائهم من الخدمة، والمستوطنون الراغبون في ضمّ الأراضي. إذا صادقت الحكومة اليوم على توصية لجنة الوزراء برئاسة وزير الشتات عميحاي شيكلي بإقالتها، فإنها ستنجح في إزالة العقبة الأخيرة التي تفصل بين رئيس حكومة متّهم جنائياً وبين وقف محاكمته. ومع إقالتها، سيصبح القانون بمثابة توصية فقط بالنسبة للحكومة.

إجراء الإقالة الجاري ليس قانونيًا ولا شرعيًا. فهو يستند إلى تغيير قواعد اللعبة أثناء سيرها: فبدلاً من التشاور مع لجنة مهنية عامة، كما تقتضي قرارات الحكومة في أعقاب لجنة شمغار، قررت الحكومة الحالية إلغاء اللجنة المهنية بعد أن تبيّن لها أنها لا تستطيع تعيين أعضاء يدعمون النتيجة المرغوبة بالنسبة لها. وبدلاً من ذلك، عُيّنت لجنة وزارية سياسية، أعرب أربعة من أعضائها الخمسة مسبقًا عن تأييدهم لإقالة بهاراف-ميئرا.

المستشارة القانونية هي رئيسة جهاز الادعاء الذي يدير محاكمة نتنياهو. وأي محاولة لإقالتها في خضم المحاكمة، بمبادرة من حكومة المتهم نفسه، مشوبة بتضارب مصالح جوهري وعميق. نائب رئيس المحكمة العليا، القاضي نوعام سولبرغ، اختار في هذه المرحلة عدم إيقاف الإجراء. وقراره بعدم إصدار أمر مؤقت قبل استكمال المسار – رغم تأكيده أنه من المناسب أن تعود الحكومة إلى مخطط شمغار – أتاح لها تعميق المساس باستقلالية المنصب.

أُعلن أمس في صحيفة "هآرتس" أن الحكومة تنوي عرض استقالة على بهاراف-ميئرا في إطار تسوية تتيح لها المشاركة في اختيار خليفتها، وتُبقي بيدها الصلاحية لإدارة الملفات الجنائية ضد نتنياهو. هذا خداع وضيع آخر، وبحق قالت أوساط المستشارة القانونية إنها لن توافق على خطوة كهذه. إذا اكتملت الإقالة، فلن يبقى جهاز واحد غير خاضع بشكل مباشر للإرادة السياسية للحكومة. في واقع يخلو من استشارة قانونية مستقلة، لن يكون بالإمكان بعد الآن الدفاع عن حدود القانون. سيكون بالإمكان تمرير أي انحراف، وحتى دفن محاكمة نتنياهو في إطار صفقة ادعاء من دون وصمة عار. سيحلّ محل حراس البوابة مندوبون سياسيون. وسيتحوّل النظام إلى نظام مُسيّس بالكامل، من مفوضية خدمات الدولة إلى الإعلام الرسمي. وستتمكن السلطة التنفيذية من قمع الاحتجاجات، والتجسس على المواطنين، واتخاذ إجراءات إدارية ضد الصحفيين، وتمرير ميزانيات لمؤسسات لا تستوفي المعايير، والتنصّل من كل رقابة قانونية أو جماهيرية.

لا يمكن المبالغة في أهمية الالتماس القائم أمام المحكمة العليا. على المحكمة أن ترفض قرار الإقالة.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025