المهمة المستحيلة السجل المكسور والهروب من المسؤلية .

حضارات

مؤسسة حضارات

يديعوت

ترجمة حضارات 

أفي أشكنازي:

نتنياهو يُهيئ الأرضية: نهاية الصفقات الجزئية، وتسريع احتلال غزة – والفجوة مع الوسطاء

في مؤتمره الصحفي، تهرّب رئيس الوزراء من الإجابة عن سؤال حول الصفقات الجزئية، معلنًا أنه أمر جيش الدفاع الإسرائيلي بـ"تسريع احتلال مدينة غزة". وزعم أن حماس وضعت "شروط استسلام" في المفاوضات، بينما يرى الوسطاء أن الفجوات كان بالإمكان سدّها. وقال: "الضغط الدولي سيتوقف مع انتهاء الحرب"، مهاجمًا ما وصفه بـ"النفاق" في الغرب، بما في ذلك سخريته من الأستراليين. كما انتقد التناقض في الرسائل، ولفت إلى اللحظة التي شكر فيها بايدن بدلًا من ترامب.

يشير المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مساء أمس (الأحد)، بعد ساعات من ظهوره باللغة الإنجليزية أمام الصحفيين الأجانب، إلى أنه يُمهّد الطريق لاحتمالية عدم وجود صفقات جزئية أخرى لإطلاق سراح الرهائن، معلنًا أن القرار سيأتي "بأساليب متطورة ستُفاجئ حماس". الجديد في التصريحات، أنه كشف عن إصدار تعليماته للجيش الإسرائيلي بتقصير الجدول الزمني لاحتلال مدينة غزة، والتحرك "بشكل أسرع وأسرع"، بهدف إنهاء الحرب – وهي خطوة تتماشى مع مطلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإنهاء سريع.

بعد المؤتمر، تحدث نتنياهو مع الرئيس الأمريكي، وجاء في بيان صادر عن مكتبه أن "الطرفين ناقشا خطط إسرائيل للسيطرة على ما تبقى من معاقل حماس في غزة، بهدف إنهاء الحرب بإطلاق سراح الرهائن وهزيمة المنظمة الإرهابية". وشكر رئيس الوزراء الرئيس ترامب على دعمه الثابت لإسرائيل منذ بداية الحرب.

الوسطاء: كان بالإمكان سد الفجوات، وإسرائيل كسرت القالب

خلال المؤتمر، تهرّب نتنياهو من الإجابة عن أسئلة تتعلق باتفاق جزئي، متجاهلًا الرهائن القتلى، ومعلنًا التزامه بـ"إطلاق سراح جميع العشرين" (الأحياء). وقال: "لن نتمكن من النظر في عيون أطفالنا وترك مرتكبي المجزرة خلف السياج، على بُعد أمتار قليلة من قرانا"، مضيفًا: "الاختبار الحاسم هو إرادتنا للقضاء على من يسعون لقتلنا، وإرادتهم لتدميرنا".

فيما يتعلق بالمفاوضات، أفادت مصادر في فريق التفاوض أن الخلافات بين إسرائيل وحماس ليست كبيرة، ويمكن سدّها. لكن نتنياهو صرّح بأن حماس وضعت "شروطًا للاستسلام" – منها تحرير إرهابيي نوهفا، وضمانات دولية بعدم تجدد القتال، والانسحاب من محور فيلادلفيا – وهي شروط قال إنها غير مقبولة لأي حكومة. ووفقًا له، لم تكن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق؛ في المقابل، يرى بعض الوسطاء أن الاتفاق كان ممكنًا، لكن إسرائيل سارعت إلى كسر القالب.

بحسب نتنياهو، سيتوقف الضغط الدولي "بمجرد انتهاء الحرب"، مشيرًا إلى أن القادة الغربيين – الذين يقرّون بعدالة موقفه لكنهم يمتنعون عن التعبير عنه علنًا – يعتبرون ذلك خيانة لإسرائيل. وهاجمهم متهمًا إياهم بالنفاق، مشيرًا إلى أنهم في محادثاته يدّعون فهم إسرائيل، لكنهم يقرّون بعدم قدرتهم على الإفصاح عن ذلك بسبب الرأي العام في بلادهم. وفي هجوم لاذع على الأستراليين، قال إنه لو عاشوا أحداثًا مشابهة لأحداث السابع من أكتوبر في سيدني أو ملبورن، لكانوا على الأقل قد فعلوا ما فعلته إسرائيل، بدلًا من المطالبة بإجلاء السكان من المناطق الخطرة، مما أضعف عنصر المفاجأة.

"نسي رئيس الوزراء أن هناك 50 رهينة في غزة": ردود الفعل على المؤتمر الصحفي

حتى قبل انتهاء المؤتمر، هاجمته المعارضة، متهمةً إياه بتشويه الواقع، والإفراط في الكلام، والتقصير في العمل. وقال زعيم المعارضة يائير لابيد: "لقد كان عرضًا مروعًا لرئيس وزراء فاشل استبدل الواقع بالعرض".

برز تناقض في كلام نتنياهو: فمن جهة، ادّعى أن نجاح "حرب الاثني عشر يومًا" ضد إيران يعود إلى تقصير مدة القتال، لكنه في الوقت نفسه مدّد الحرب في غزة لعامين. وعندما سُئل عن ذلك، أوضح أن التأخير يعود إلى ضرورة التحرك ضد لبنان وسوريا وإيران أيضًا، وهو خيار وصف بأنه "مراوغة". وأقرّ نتنياهو بأن الضرر السياسي لن يتوقف إلا بانتهاء الحملة في غزة، ولذلك يُطالب بإنهائها. كما أعرب عن استيائه لعدم حصوله، حسب قوله، على التقدير الذي يستحقه على خطواته ضد إيران، مؤكدًا أن جميع خطواته تهدف إلى "الاهتمام بمستقبل أطفالنا".

وعلى خلفية المواجهة مع رئيس الأركان إيال زامير، أكد نتنياهو أن "إسرائيل دولة لها جيش، وليست جيشًا له دولة". وقال: "لا أُملي على الجيش أي سرية يُدخلها أو أي لواء، لكنني أتوقع منه تنفيذ قرار الحكومة".

دافع نتنياهو أيضًا عن رئيس حزب شاس، أرييه درعي، الذي سُجّل له وهو يقول: "لا تغرّك فكرة التجنيد"، وقال: "أنا لا أؤيد هذه الأمور، ولكن على الأرجح لم تُقال". أنكر درعي ما سُمع، رغم أن التسجيل بُثّ علنًا. وفيما يتعلق بإيران، قال نتنياهو إن سنوات من الضرر لحقت بالبرنامج النووي، مؤكدًا استعداد إسرائيل لسيناريو هجوم مفاجئ.

حائر بين ترامب وبايدن، ومتبادل بين حماس وحزب الله

شهد المؤتمر لحظات محرجة: طلب نتنياهو كوبًا من الماء، ثم خلط بين ترامب وبايدن، ولم يفهم سبب تصحيح أحد مستشاريه. كما خلط بين حماس وحزب الله. من جهة أخرى، ساعدته غرفة الإعلام الجديدة في إيصال الرسالة عبر شاشة كبيرة تعرض خريطة غزة والمخيمات المركزية، لتوضيح أن هذه هي آخر معاقل حماس، وأن تدميرها هو الهدف الوحيد.

حاول نتنياهو تبسيط رسائله لكسب تأييد الرأي العام. كانت ظهوره مع الصحفيين الأجانب أكثر نجاحًا، بينما جعل الصحفيون الإسرائيليون الأمر صعبًا ومثيرًا للمواجهة. وبّخهم على "خطابات دعائية" وافتراضاتهم الخاطئة، وتباهى بأنه لا يزال المتحدث الإسرائيلي الأكثر بلاغة، خاصةً باللغة الإنجليزية – رغم أنه قال إنه نادرًا ما يظهر.

في مسألة الدعاية، طرح نتنياهو موقفًا غير مألوف، مصرحًا بأن نظام الدعاية القديم لا يتلاءم مع عصر "العمليات العقلية والخوارزميات والروبوتات". وأشار إلى أن مئات الملايين من الشواكل المُحوّلة إلى وزارة الخارجية تُساعد في مواجهة التحديات الجديدة، مشيدًا بنجاحه في حرب الـ12 يومًا ضد إيران وفي تحييد أسطولين احتجاجيين – "الأسطول السلفي" و"أسطول خندلة". ورغم تصريحاته، من الواضح أن مواجهة حملة التجويع والإبادة الجماعية التي تقودها حماس أمرٌ بالغ الصعوبة.

على خلفية الانجراف السياسي ضد إسرائيل وتصريحات الدول الغربية باعترافها بدولة فلسطينية، عقد نتنياهو مؤتمرًا صحفيًا لوسائل الإعلام الأجنبية في القدس عصر اليوم. وأكد أن الهدف في غزة هو "تحريرها من إرهابيي حماس، وليس احتلالها"، وعرض خمسة مبادئ لليوم التالي – منها نزع سلاح القطاع، والمسؤولية الأمنية الإسرائيلية، وحكومة مدنية لا تُربي على الإرهاب. ونفى نتنياهو مزاعم الرغبة في إطالة أمد القتال، قائلاً إن ذلك سيؤدي إلى "موت المختطفين جوعًا". وردًا على الأسئلة، هاجم المستشار الألماني السابق فريدريش ميرز لوقفه نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وقال عن القادة الأوروبيين: "إنهم يعلمون أننا على حق، لكنهم يخشون الرأي العام".

كرّس نتنياهو جزءًا كبيرًا من تصريحاته لمهاجمة "حملة الأكاذيب" التي تشنها حماس، وعرض صورة للرضيع المختطف إيفيتار ديفيد، مدعيًا أنه جُوّع عمدًا، إلى جانب أمثلة على "أخبار كاذبة" عن أطفال غزة الذين يتضورون جوعًا،

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025