الحادثة القطرية في مجلس الوزراء التي بقيت طي الكتمان

حضارات

مؤسسة حضارات

معاريف 


ترجمة حضارات


بن كاسبيت :
في خضم اجتماع الحكومة: إيلي كوهين تجرأ على مواجهة نتنياهو وجهاً لوجه بشأن قضية قطر

وصلت "القضية القطرية" إلى طاولة مجلس الوزراء، لكن ليس في الاجتماع الدرامي الأخير الذي اتُّخذ فيه القرار بإطلاق عملية قد تنتهي بسيطرة إسرائيل على غزة، وإنما في الاجتماع السابق قبل أكثر من أسبوعين بقليل.

في ذلك الاجتماع، حصل وزير مجلس الوزراء إيلي كوهين على حق الكلام، وفعل ما اعتبره البعض أمرًا غير مسبوق: خرج بموقف علني ضد قطر، وضد مشاركتها في المفاوضات، وضد نفوذها وأنشطتها في الشرق الأوسط. وطالب كوهين بفتح نقاش حول الموضوع، مستعرضًا تورط قطر في التحريض ضد إسرائيل، وتمويل الحملات المعادية للسامية حول العالم، بما في ذلك عمليات التأثير في الجامعات. ومن حديثه كان واضحًا أنه يرى أن الوقت قد حان لإبعاد قطر عن المفاوضات بشأن صفقة الرهائن، وعن تدخلها العميق في ما يجري بالمنطقة عمومًا.

بطبيعة الحال، لم يتطرق كوهين إلى قضية "قطرغيت"، لكن كان جليًا للحاضرين أن كلماته حملت انتقادًا مباشرًا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وكان أول من سارع للرد عليه بشدة هو رئيس الموساد ديدي برنيع، الذي يقود المحادثات مع قطر منذ 7 أكتوبر، حيث طالب برنيع بإزالة الموضوع من جدول الأعمال.

كان الجميع ينتظرون رد نتنياهو، الذي أيّد – متظاهرًا بالدهشة – موقف رئيس الموساد، وبالفعل تم شطب القضية من النقاش. وهكذا بقيت "الحادثة القطرية" في مجلس الوزراء طي الكتمان حتى الآن.

لم يُعلّق كوهين على الأمر لاحقًا، لكن في مقابلة أُجريت معه أمس على القناة الثانية، كرّر موقفه المبدئي الرافض لقطر، مشيرًا إلى تأثيرها الضار وتورطها في المفاوضات مع حماس، دون أن يذكر أنه أثار القضية في مجلس الوزراء.

موقف كوهين، كما طُرح في المجلس، هو في الواقع موقف أقلية، لكن في الخفاء يتبنى عدد غير قليل من الوزراء والمسؤولين الرأي نفسه، وإن لم يجرؤ أحد على طرحه علنًا لأسباب مفهومة. ففي الأحاديث المغلقة، تتردد نفس الاتهامات التي أطلقها كوهين.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير، فضّل عدم الكشف عن اسمه:

"قطر هي جماعة "الإخوان المسلمين"، وهي عدو حلفائنا مثل الإمارات والسعودية اللتين نرغب في التوصل لاتفاق معهما. وهي المسؤولة عن معظم التحريض ضد إسرائيل، وتستضيف قادة حماس، ومولت وحش حماس الإرهابي لسنوات. لا أحد يفهم إدمان إسرائيل الغريب على قطر منذ 7 أكتوبر".

وأضاف مسؤول رفيع آخر:

"أتفهم الرغبة في استغلال علاقة قطر بحماس لإبرام صفقة، لكن في النهاية لم تفِ بوعودها، ووصلنا إلى طريق مسدود. يواصلون الوعد بأنهم يمارسون ضغوطًا هذه المرة، لكن في النهاية لا شيء يحدث. من الغريب أن الموساد متمسك بقطر ومنحاز لها، بينما لدينا في الجنوب دولة عربية كبرى تربطنا بها اتفاقية سلام، وتنظر إلى الإخوان كعدو، مثل مصر. التجربة أثبتت أن الرهان على قطر كان فاشلًا. السؤال: متى سنستوعب ذلك؟"

إلى جانب هذه الآراء – التي لا تزال أغلبها تُسمع في السر – تنتشر نظريات حول استثمارات قطر الضخمة في شركات وكيانات تموّل عددًا من رجال الأعمال الإسرائيليين ذوي الخلفية الأمنية، وبعضهم على صلة بالموساد. وقال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع:

"علينا تتبّع الأموال، فهذا كفيل بالإجابة عن كثير من التساؤلات. المشكلة أن المال في هذه الحالة هو أيضًا دم، بالمعنى الإشكالي للكلمة".

وأخيرًا، حكاية قديمة: يقود إيلي كوهين حملة ضد قطر منذ فترة. وكانت إحدى أبرز محطاتها عندما كان وزيرًا للخارجية في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2023، عقب المجزرة بفترة قصيرة، حيث ألقى كلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك شنّ فيها هجومًا لاذعًا على قطر، واصفًا إياها بأكبر ممول للإرهاب، وبالأخص إرهاب حماس.

في الليلة نفسها، أُجبر تساحي هنغبي، مستشار الأمن القومي، على نشر رسالة بالإنجليزية يمتدح فيها قطر ويثني على "مشاركتها المهمة والبنّاءة". ويعلّق أحد المطلعين:

"أُجبر هنغبي على نشر هذه التغريدة منتصف الليل بالإنجليزية. أنا مقتنع أنه كان يعتقد أنه يخدم مصلحة إسرائيل الأمنية. لكن المشكلة أن ما يقرب من عامين قد مرّا منذ ذلك الحين، ولم تُسلَّم البضاعة. تواصل قطر اللعب على الحبلين، وتستفيد من كلا الجانبين".

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025