ترجمة حضارات
شلومو ماعوز
تعزيز التحالف الاستراتيجي بين إسرائيل وأذربيجان
بعد أربعة عقود من الصراع الدموي، وُقّعت اتفاقية سلام تاريخية في القوقاز بين أذربيجان، الحليفة المقربة لإسرائيل، وأرمينيا التي عانت من الإبادة الجماعية منذ عام 1915. جرى التوقيع في الثامن من يوليو بواشنطن، برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووساطة رجل الأعمال ستيف ويتكوف.
تصافح الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان في البيت الأبيض، وأعلنا إقامة علاقات دبلوماسية برعاية أمريكية، كما أعلنا أنهما سيرشّحان ترامب لجائزة نوبل للسلام.
تعود العلاقة الوثيقة بين إسرائيل وأذربيجان إلى عام 1992، إذ رأت تل أبيب في باكو موقعًا استراتيجيًا لمراقبة إيران، عدوها اللدود. في المقابل، سعت أذربيجان إلى قوة إقليمية تساعدها على استعادة ناغورنو كاراباخ. وقد لعبت التكنولوجيا والسلاح الإسرائيلي دورًا حاسمًا في انتصارها على أرمينيا عام 2023، ما عزز شعبية إسرائيل لدى القيادة والشعب الأذربيجاني.
البعد التركي والاقتصادي
تركيا، رغم عدائها لإسرائيل، لم تستطع تعطيل هذا التحالف، إذ لا تزال أنقرة مضطرة لعبور النفط الأذربيجاني نحو إسرائيل عبر ميناء جيهان. لكن العلاقات الاقتصادية بين تركيا وإسرائيل انهارت: الواردات التركية إلى إسرائيل انخفضت 70% في النصف الأول من 2025، بينما تراجعت الصادرات الإسرائيلية إلى تركيا 99%. المعارضة التركية تهاجم أردوغان بسبب "نفاقه"، إذ يسمح بمرور النفط نحو إسرائيل في الوقت الذي يدعم فيه حماس سياسيًا.
المتغيرات الإقليمية
اتفاق واشنطن أعاد رسم المشهد في جنوب القوقاز، حيث تراجع النفوذ الروسي وبدأ الأمريكيون بتفعيل "ممر ترامب للسلام والازدهار". كما رفع الاتفاق الحظر الأمريكي على بيع السلاح لأذربيجان، ما قد يخلق منافسة مباشرة للصناعات الدفاعية الإسرائيلية.
كذلك يُتوقع أن تقيم إسرائيل علاقات دبلوماسية أدفأ مع أرمينيا، خاصة مع سعي يريفان للاعتراف بالمحرقة الأرمنية، وهو ما كانت إسرائيل ترفضه سابقًا خشية إغضاب الأتراك.
في موازاة ذلك، يبذل الأذربيجانيون جهودًا للوساطة بين إسرائيل والنظام الجديد في سوريا. وقد التقى الرئيس السوري أحمد الشرع (الجولاني) نظيره علييف في باكو، وسط أحاديث عن ترتيبات إسرائيلية تخص جنوب سوريا وأمن الدروز.
إيران في دائرة الخطر
يرى مراقبون أن الوجود الإسرائيلي–الأمريكي في القوقاز سيُعمّق الطوق حول إيران، التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة. وقد خسرت طهران أحد طرقها الرئيسة لتهريب النفط عبر أرمينيا بعد توقيع اتفاق السلام، ما يهدد اقتصادها المنهك بمزيد من التدهور.
ورقة الغاز مع مصر
في المقابل، حققت إسرائيل اختراقًا جديدًا في قطاع الطاقة. فقد وقّعت صفقة تصدير غاز طبيعي إلى مصر بقيمة 35 مليار دولار حتى عام 2040، لتزويد القاهرة بنحو 130 مليار متر مكعب من الغاز، بعد أن تراجع إنتاجها المحلي بنسبة 42% خلال خمس سنوات.
ورغم الغضب الشعبي في مصر، خصوصًا مع استمرار الحرب في غزة وارتفاع أسعار الغاز، فإن السلطات المصرية لا تملك بدائل كثيرة، في ظل الانقطاعات الكهربائية اليومية وارتفاع الطلب على الطاقة.
خلاصة
رغم الاحتجاجات العالمية المتصاعدة ضد إسرائيل، والممولة – بحسب الكاتب – من قطر، فإن المشهد الإقليمي يُظهر أن إسرائيل باتت لاعبًا لا غنى عنه: من القوقاز إلى القاهرة، ومن أمن الطاقة إلى المعادلات العسكرية. ويرى الكاتب أن "الغد في أيدي القوة العظمى الإسرائيلية"، على عكس ما يعتقده الغرب "المتداعي".