هكذا عرضت قطر المصالح الأميركية في الشرق الأوسط للخطر

مركز القدس للشؤون الخارجية والأمنية

ترجمة حضارات 

يسلط الهجوم الإسرائيلي على قمة حماس في العاصمة القطرية الدوحة الضوء الدولي على العلاقات الوثيقة بين قطر وحماس، وعلى التهديد الذي قد تشكله قطر على المصالح الأميركية في الشرق الأوسط.

وتقدّم قطر نفسها كحليف للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، وتتنصّل من علاقتها بحماس، مدعية أنها تستضيف مكتب الحركة بناءً على طلب أميركي، بهدف الحفاظ على قناة اتصال مفتوحة معها لتعزيز السلام في المنطقة.

تعتمد السياسة القطرية تجاه الولايات المتحدة على ما يُوصف بالتضليل الاستراتيجي. إذ لا تصنّف قطر حماس منظمة إرهابية، وقد تجاوزت علاقاتها معها حدود التعاون الدبلوماسي، مع تقديم دعم سياسي كامل للجناح العسكري في الحركة، ومساعدات مالية سخية لقطاع غزة بلغت نحو ملياري دولار، بعضها نقدًا، خضعت لإشراف حماس، وأسهمت في تطوير قدراتها العسكرية استعدادًا لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وتعتبر قيادة حماس قطر حليفًا مفضلًا على مصر، نظرًا لتعبئة قطر مؤسساتها لدعم الأهداف الفلسطينية.

واستمر الدعم المالي القطري حتى بعد إعلان قيادة حماس، مجددًا، عن استعداداتها بالتنسيق مع الجبهة الشيعية – إيران وفروعها في المنطقة – لتنفيذ ما وصفته بـ"نظام نهاية العالم"، بهدف القضاء على إسرائيل وتغيير خريطة الشرق الأوسط.

وقد تضمنت خطة حماس، التي نوقشت خلف الأبواب المغلقة، وتم التعبير عنها علنًا عبر قناة الجزيرة القطرية، الإطاحة بالأنظمة الموالية للغرب في المنطقة، وإقامة "الثورة الإسلامية الكبرى"، أي الخلافة الإسلامية، على أنقاض إسرائيل والأنظمة العربية.

وكان للجنة القطرية لإعادة إعمار غزة مكتب في القطاع، حيث التقى قادتها بشكل منتظم مع زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، ومسؤولين كبار في الحركة. وبالإضافة إلى التقارير الإعلامية القطرية، كان لدى اللجنة وصول مباشر إلى معلومات حول أهداف حماس وخططها الإقليمية ضمن ما يُعرف بـ"نظام آخر الزمان".

ورغم تعزيز قطر لعلاقاتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة، فإن دعمها لحماس، بما في ذلك بعد هجوم 7 أكتوبر، ساهم في تحركات قد تؤدي إلى نشوء شرق أوسط إسلامي على غرار تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، يتسم بعدائه للولايات المتحدة والغرب.



تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وقطر

في مايو 2025، اختتم الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيارة ناجحة إلى شبه الجزيرة العربية، شملت إمارة قطر (14–15 مايو). وفي ختام الزيارة، أعلن عن سلسلة من الإنجازات الاقتصادية، أبرزها توقيع اتفاقية تجارية ثنائية بقيمة 1.2 تريليون دولار، ومعاملات اقتصادية بلغ مجموعها 243.5 مليار دولار، شملت شراء قطر طائرات بوينغ ومحركات طائرات من جنرال إلكتريك لمركز صناعة الطيران القطري.

وفي تصريح للصحفيين خلال حفل عشاء مع الحاكم القطري، أشاد ترامب بالدور الدبلوماسي الذي لعبته قطر في الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهينة الإسرائيلي الأميركي المختطف في 7 أكتوبر 2023، وفي المحادثات مع إيران لدفع الاتفاق النووي قدمًا.

وفي بيان رسمي صدر في 16 مايو 2025، عقب زيارة ترامب، أكدت وزارة الخارجية القطرية أن البلدين "يعملان معًا بشكل وثيق لمواجهة التحديات على الساحة الدولية وفي المنطقة". وأضاف البيان أن "الرئيس ترامب أعرب عن تقديره لجهود قطر المتواصلة لدعم السلام الإقليمي، وأشاد بمساهمتها كشريك في الخطوط الأمامية لمكافحة الإرهاب العالمي والتطرف والعنف، وكمساهم حيوي في دبلوماسية الأزمات".



قطر: العلاقات مع حماس تهدف إلى تعزيز السلام

في مقابلة مع تاكر كارلسون بُثت في 7 مارس 2025، صرّح رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بأن قطر تعتبر السلام مبدأً أساسيًا، وتسعى إلى تعزيزه في المنطقة ولصالح أصدقائها. وأضاف أن "للسلام أعداء"، وأن خصوم قطر يُلحقون الضرر بالمنطقة وبأصدقائها، بما في ذلك الولايات المتحدة.

وأكد آل ثاني أن قطر حليف للولايات المتحدة، ويتجلى ذلك في استضافتها للقاعدة الجوية الأميركية، وفي مساعدتها على إنقاذ المواطنين الأميركيين من أفغانستان، وفي جهودها لإطلاق سراح الرهائن الأميركيين حول العالم. واعتبر أن انتقاد قطر يضر بمصالح الولايات المتحدة.

وأوضح أن مكتب حماس في الدوحة افتُتح بناءً على طلب أميركي، بهدف فتح قنوات اتصال مع الحركة، على غرار الاتصالات التي كانت تربط قطر بحركة طالبان. وأكد أن وجود المكتب يهدف إلى تعزيز السلام، كما حدث في جهود الوساطة بين إسرائيل وحماس منذ عام 2014 بعد جولات القتال المتكررة.

واختتم بالقول: "إذا كان هناك شخص موجود في بلدك وتفاعلت وتحاورت معه، فهذا لا يعني أنك تتبنى مواقفه أو تدعمه".

وثائق حماس تكشف عن تحالف استراتيجي مع قطر

تتناقض الوثائق التي ضبطها جيش الدفاع الإسرائيلي في قطاع غزة مع تصريحات رئيس الوزراء القطري، الذي قلّل من أهمية العلاقات بين قطر وحماس، واصفًا إياها بأنها مجرد استضافة لمكتب الحركة وإجراء محادثات مع قياداتها بهدف تعزيز السلام، دون تبنّي مواقفها أو تقديم دعم مباشر لها.

في تبادل للرسائل منتصف عام 2022 بين زعيم حماس إسماعيل هنية وزعيم الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار، وفي وثيقة أخرى توثّق لقاءً بين هنية وقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، يتضح أن كبار مسؤولي حماس:

  • حافظوا على علاقة وثيقة للغاية مع القيادة العليا في قطر، تجلّت في اجتماعات سرّية ومساعدات مالية مباشرة.
  • اعتبروا قطر لاعبًا محوريًا في دعم القضية الفلسطينية سياسيًا وماليًا.
  • رأوا أن مصر، بدعم من الولايات المتحدة وإسرائيل، تسعى إلى لعب دور قيادي في إعادة إعمار غزة بهدف تعزيز مكانتها السياسية أمام الإدارة الأميركية، والسيطرة على أموال المساعدات، وكسب نفوذ لدى حماس، على حساب الدور القطري.
  • رغم أهمية مصر بسبب الحدود المشتركة، فضّلوا بوضوح أن تتولى قطر قيادة الحملة السياسية لصالح الفلسطينيين، ومنحوها إنجازًا سياسيًا في عام 2020 على حساب مصر، باعتبارها الطرف الذي نجح في تحقيق التهدئة بعد جولة القتال مع إسرائيل.
  • أبدوا اهتمامًا باستمرار تحويل المساعدات المالية القطرية نقدًا (حقائب المال) إلى غزة، وسعوا لإقناع السلطات القطرية بعدم تمرير الأموال عبر السلطة الفلسطينية أو مصر.
  • رأوا في الأمم المتحدة البديل الأفضل لتحويل الأموال القطرية، في ظل الظروف

علاقات وثيقة بين قيادة قطر وقيادة حماس

في 23 مايو/أيار 2021، وجّه إسماعيل هنية، زعيم حركة حماس، رسالة "عاجلة" إلى يحيى السنوار، قائد الحركة في قطاع غزة، لإطلاعه على فحوى محادثاته مع أمير قطر بالإنابة، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وفيما يلي ترجمة لمحتوى الرسالة:

أولًا: عقدنا اليوم لقاءً مع صاحب السمو الأمير [الشيخ تميم بن حمد آل ثاني]. كان لقاءً طيبًا ومؤثرًا. نقلتُ له تهانيكم وتمنياتكم بالنصر [في العملية العسكرية التي شنتها حماس ضد إسرائيل في مايو/أيار 2021، والتي أطلقت عليها الحركة اسم "سيف القدس"، بينما أطلقت عليها إسرائيل اسم "حارس الأسوار"]. وقد ساهمت قطر بدورها في تعزيز صمود شعبنا في غزة، وفي إعادة الإعمار، وفي النشاط الدبلوماسي.

في لقاء خاص بيني وبينه بعد مغادرة الوفد، ناقشنا أمورًا محددة، وطمأنته بشأن وضع إخواننا [في حماس] ومقاومتنا [كتائب القسام]. وكان هو من بادر بالسؤال عن وضع إخواننا في غزة. هناك نقاط أخرى سأكتب عنها لاحقًا، لكن الأمر العاجل هو أنني اتفقت معه على عقد لقاء خاص جدًا بعد غد الثلاثاء، إن شاء الله، في منزله بعيدًا عن أعين الجمهور. وسيكون معي الأخ محمد ناصر [عضو المكتب السياسي لحماس]، وسنناقش معه الأمور السياسية اللازمة، وإعادة الإعمار، والدعم المالي السري، وهو مستعد لذلك.

لذا، وبهدف تعزيز هذه الخطوة مع الأمير، أود منك أن تكتب لي رسالة تركّز فيها على الحملة العسكرية ضد إسرائيل، وعلى دور قطر، وتصورك لهذا الدور، وعلى حرصك على الوفاء به، وعلى احتياجاتك الملحة. على أن تتضمن الرسالة إهداء النصر لسمو الأمير، وتعزيز صورة ودور زعيم الحركة في هذه الحملة، إضافة إلى قضايا أخرى، من أجل قطع الطريق على محاولات أطراف بديلة [ربما مرتبطة بالسلطة الفلسطينية] للوصول إلى الأمير أو إلى جهات عليا في الحكومة القطرية. أرجو أن تصلني الرسالة بحلول يوم غد على أبعد تقدير. وقد وافق الأمير، من حيث المبدأ، على تقديم الدعم بشكل سري، لكنه لا يريد أن يعرف أحد في العالم بذلك.

[…]

النقطة الرابعة: المال

حتى الآن، تم جمع نحو 30 مليون دولار من أصل 75 مليونًا من المفترض أن تصل إلى غزة لدعم حركة حماس، والتي ستكون تحت تصرف القيادة كما يلي:

  • 13 مليون دولار من إيران.
  • 11 مليون دولار من الأمير [الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني]، بعد لقاء خاص في منزله، حيث عبّرت له عن تقديرنا لدوره ودعمه في غزة، ونقلت له بركاتكم وبركات المجاهدين. وقد أرسل هذا المبلغ، وتم تحويله عبر آلية خاصة إلى غزة.
  • 5 ملايين دولار من التبرعات العامة.

هناك دعم جيد من عدة دول وساحات إقليمية، وخاصة في الكويت، وهو أمر يُشاد به، وسأتابع الموضوع إن شاء الله.



زعيم حماس المسؤول عن العمليات في الضفة الغربية شارك في لقاءات مع أمير قطر

في الاجتماع المذكور مع أمير قطر بتاريخ 23 مايو/أيار 2021، رافق هنية صالح العاروري، الذي يشغل منصب نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، ويشرف على أنشطة الجناح العسكري للحركة في الضفة الغربية. يُعد العاروري مسؤولًا عن سلسلة من الهجمات ضد أهداف إسرائيلية، وشارك في وضع مخطط الهجوم على إسرائيل بالتنسيق مع دول ومنظمات ضمن "وحدة الساحات".

وقد رافق العاروري هنية في اجتماعات سابقة مع أمير قطر، منها اجتماعان في 15 مايو/أيار 2021، و16 ديسمبر/كانون الأول 2019.

 لمطالعة باقي المقال اضغط هنا

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025