صحيفة معاريف / إسرائيل اليوم
د. يفغيني كلاوبر
يرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن العلاقات الاقتصادية المتينة بين روسيا والهند تُعد من أبرز الأسباب التي تُطيل أمد الحرب في أوكرانيا. فالهند، إلى جانب الصين، واصلت شراء النفط الروسي رغم العقوبات الغربية، ما وفر لموسكو مصدر تمويل ثابت للحرب.
منذ عام 2022 تحوّل النفط الروسي الذي كان يُصدّر سابقًا إلى أوروبا نحو آسيا. الصين أصبحت المستهلك الأول للطاقة الروسية بما يقارب 219 مليار دولار سنويًا، تليها الهند بـ133 مليار، ثم تركيا بـ90 مليار دولار.
الهند اليوم تستورد نحو 1.6 مليون برميل نفط روسي يوميًا — وهو رقم لم تعرفه قبل الحرب. وردًا على ذلك، فرض ترامب الأسبوع الماضي عقوبات شاملة على شركتي النفط الروسيتين العملاقتين روس نفط ولوك أويل، في خطوة تهدف إلى إجبار نيودلهي على تقليص تعاملها مع موسكو أو مواجهة عقوبات أميركية ثانوية.
الرئيس الأميركي يعرض على رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي “صفقة العصا والجزرة”: تخفيضات تجارية إذا خفّض الواردات الروسية، أو رسوم جمركية تصل إلى 50% على السلع الهندية إذا واصل الشراء. وبهذا يسعى ترامب إلى تقليص التمويل الروسي للحرب عبر الضغط على الموردين الرئيسيين للطاقة الروسية في آسيا.
لكن في الهند، يُنظر إلى استيراد النفط الروسي على أنه قرار اقتصادي بحت يهدف لحماية المستهلك المحلي وضمان أسعار مستقرة للطاقة، وليس موقفًا سياسيًا مؤيدًا لموسكو. سياسيون واقتصاديون هنود حذروا من أن ضغوط ترامب تمسّ سيادة القرار الاقتصادي الهندي وتجعلها تابعة للمصالح الأميركية.
رغم ذلك، بدأت إشارات الانفصال التدريجي تظهر: تقارير صحفية هندية أفادت أن الملياردير موكيش أمباني، مالك 48% من شركة ريلاينس إندستريز، يدرس وقف استيراد نصف مليون برميل يوميًا من “روس نفط”.
اقتصاديون في نيودلهي يحذرون من أن العقوبات الجديدة “الأشد منذ بدء الحرب” قد تضر بصناعة التكرير الهندية وتزيد كلفة الطاقة، ما يجبر البلاد على البحث عن بدائل نفطية تتطلب تغييرات مكلفة في البنية التحتية.
أستاذ الطاقة سانجاي كومار كار من “معهد تكنولوجيا البترول” قال إن العقوبات الأخيرة “واسعة النطاق وستكون أكثر تأثيرًا من قيود مجموعة السبع لعام 2022”، مضيفًا أن مصير الحرب في أوكرانيا “مرتبط إلى حد كبير بقرار الهند” — هل ستواصل شراء النفط الروسي، أم تنضم فعليًا إلى خط العقوبات الأميركي؟