بن سلمان: نريد أن نكون جزءًا من اتفاقيات أبراهام إذا ضُمن مسار لحل الدولتين
نيويورك تايمز ـ بن سامويلز

التقى رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب مساء أمس مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في البيت الأبيض، وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده الاثنان في المكتب البيضاوي، قال بن سلمان: إن السعودية تريد أن تكون جزءًا من اتفاقيات أبراهام، لكنها تريد أيضًا أن يكون هناك "مسار آمن" يفضي إلى حل الدولتين.

وأضاف: المملكة ترغب في "السلام مع إسرائيل ومع الفلسطينيين، ونريد لهم أن يعيشوا جنبًا إلى جنب بسلام".

وأشار ترامب إلى أنهما أجريا "حديثًا جيدًا بشأن اتفاقيات أبراهام"، لكنه استدرك بالقول إنه لا يريد "استخدام كلمة التزام".

وسُئل الرئيس الأميركي عن بيع طائرات من طراز خمسة وثلاثين، الذي أعلن عنه أمس، فأجاب: "إسرائيل على علم بذلك، وسيكونون سعداء جدًا".

وقال: إن الصفقة مع السعودية ستكون مشابهة للصفقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

وأضاف: "السعودية حليف جيد، وإسرائيل كذلك".

وتابع: "أعرف أنهم في إسرائيل قد يفضلون أن تحصلوا على طائرات أقل جودة، لكن برأيي كلا الجانبين يستحق الأفضل".

كما سُئل الاثنان عن الاتفاق لإنهاء الحرب في غزة، فقال بن سلمان: إن السعودية تجري محادثات حول استثمار محتمل لإعادة إعمار القطاع، وتدخل ترامب قائلاً: "سيكون ذلك ضخمًا".

وأعلن البيت الأبيض بعد ساعات أن اتفاقًا للتعاون النووي المدني قد تم التوصل إليه مع السعودية، كما ورد أن المملكة ستشتري من الولايات المتحدة نحو ثلاثمئة دبابة.

وجاء في البيان أن "ترامب صادق على بيع حزمة أمنية تشمل شحنات مستقبلية من طائرات خمسة وثلاثين"، كما تضمنت "إنجازات رئيسية" تعاونًا في مجال المعادن، ومذكرة تفاهم بشأن الذكاء الاصطناعي.

وفي وقت لاحق أعلن ترامب أنه اعترف بالسعودية كـ"حليف رئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي"، وهو وضع يمنح الدول شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة ومزايا عسكرية واقتصادية، دون الحاجة إلى اتفاق دفاع مشترك.

ونُظم استقبال احتفالي لولي العهد لدى وصوله، تضمن فرقة من مشاة البحرية، وضباطًا على ظهور الخيل يحملون أعلام البلدين، بالإضافة إلى عرض جوي لطائرات من طراز خمسة وثلاثين.

وصافح الاثنان بعضهما وتبادلا كلمات قصيرة قبل دخول المبنى. وبعد ذلك، قاد الرئيس ضيفه في جولة داخل حديقة الورود وتوقف عند الجدار الذي يعرض صور الرؤساء السابقين، بما في ذلك صورة تُظهر توقيعًا بقلم آلي، معلّقة في مكان صورة الرئيس جو بايدن.

وتُعد الزيارة إنجازًا دبلوماسيًا لولي العهد، الذي لم يزر الولايات المتحدة منذ عام ألفين وثمانية عشر، السنة التي قُتل فيها الصحفي جمال خاشقجي في إسطنبول على يد عناصر سعوديين، وخلال إدارة بايدن، نشرت الاستخبارات الأميركية تقريرًا خلص إلى أن ولي العهد هو من أمر بالقتل، لكن البيت الأبيض لم يتخذ إجراءات ضده.

وأشاد ترامب بخطوات ولي العهد في ملف حقوق الإنسان، وزعم أن بن سلمان "لم يكن يعرف شيئًا" عن عملية القتل، مخالفًا نتائج الاستخبارات الأميركية.

ووبّخ صحفية من شبكة أميركية سألته عن القضية، قائلاً لها: "أنتِ تسألين عن شخص كان مثيرًا للجدل جدًا، كثيرون لم يحبوه، سواء أحببته أم لا، أحيانًا تحدث أمور، لكنه لم يكن على علم بذلك، ولن نتحدث أكثر، لا داعي لإحراج ضيفنا".

وأضاف بن سلمان: "أمر مؤلم أن يموت أي إنسان دون سبب حقيقي، وهذه قضية مؤلمة في السعودية، اتخذنا كل الخطوات اللازمة في التحقيق، وحسّنا أنظمتنا لنضمن ألا يتكرر شيء كهذا، لقد كان خطأً كبيرًا".

وقالت الصحفية لولي العهد إن عائلات فقدت أبناءها في أحداث الحادي عشر من سبتمبر غاضبة من وجوده في البيت الأبيض، ورد بن سلمان: "أتعاطف مع العائلات التي تضررت في ذلك اليوم، لكن يجب أن نركز على الواقع".

ووفقًا للوثائق، استخدم أسامة بن لادن سعوديين في ذلك الهجوم لهدف واحد: تدمير العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، كان يعلم أن الإرهاب والتطرف لا يمكن أن يزدهرا في ظل علاقة قوية بين البلدين، لذلك يجب علينا تعزيز هذه العلاقة، فهذا أمر حاسم".

والتقى الزعيمان آخر مرة في مايو، حين زار ترامب السعودية ضمن جولة في الشرق الأوسط، وأعلن البيت الأبيض حينها أن الولايات المتحدة والسعودية وقّعتا صفقة سلاح بقيمة مئة واثنين وأربعين مليار دولار، وهي الأكبر في تاريخ العلاقات بين البلدين.

وبحسب البيان، تأتي الصفقة ضمن اتفاق اقتصادي أوسع يشمل استثمارًا سعوديًا في الولايات المتحدة بقيمة نحو ستمئة مليار دولار، وذكر بن سلمان اليوم أن الاستثمار سيرتفع إلى تريليون دولار، وأعلن ترامب أن البلدين وقّعا اتفاق دفاع بينهما.

وقال ترامب أمس إن السعوديين "حلفاء ممتازون" وإنهم "يريدون شراء" طائرات خمسة وثلاثين، ويحتاج بيع هذه الطائرات إلى موافقة الكونغرس.

وأضاف: "يبدو أنهم يحبوننا كثيرًا".

وقال مسؤولون في الأمن الإسرائيلي لصحيفة محلية أمس، إنهم يرون أن بيع هذه الطائرات خطوة خطيرة على إسرائيل.

وتعد السعودية أكبر مشترٍ للسلاح الأميركي، لكن تقريرًا أعدته مؤخرًا وكالة استخبارات الدفاع الأميركية، وهي فرع من وزارة الدفاع، أثار مخاوف من أن الصين قد تتمكن من الوصول إلى تكنولوجيا طائرات خمسة وثلاثين إذا حصلت السعودية عليها، وذلك بسبب الشراكة الأمنية القائمة بين الرياض وبكين.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025