هآرتس
ترجمة حضارات
بتوجيه من الموساد وبالتعاون مع أجهزة استخبارات محلية، أُلقي القبض هذا الأسبوع في أوروبا على إرهابيين عرب وكُشفت مخازن أسلحة، قواعد الانطلاق: قطر وتركيا، وكلتاهما اليوم تتصدران نادي الدول التي تعمل، بموجب تفويض من مجلس الأمن (والأميركيين بطبيعة الحال)، على نزع سلاح حماس وتحويل قطاع الدم إلى “ريفيرا مزدهرة”.
وتنقل وكالات أنباء دولية عن جهات استخباراتية قولها إنه لولا سماح، أو حتى تشجيع، السلطات في هاتين الدولتين، لكان من المستحيل إقامة البنى التحتية الإرهابية التي كُشف عنها في ألمانيا والنمسا.
هاتان الدولتان، مضافًا إليهما مصر، والإمارات، والسعودية (محبوبة البيت الأبيض ومنتجة الـF-35)، وإندونيسيا، وباكستان (قوة نووية)، والأردن، هنّ المكوّن المركزي في القوة الدولية التي تجمعها الولايات المتحدة.
ما يجمعهم: كونهم عربًا ومسلمين، ففي كل مرة تنتهك فيها حماس وقف إطلاق النار (أو تتخذ خطوة أخرى تناقض قرار مجلس الأمن ونقاط ترامب الـ“21”)، سيكون اندفاعهم الغريزي الأساسي هو دعم “إخوتهم” في الدين والقومية، وحتى في الدول العربية التي وقّعت معنا اتفاقيات سلام، لا توجد تسوية حقيقية مع وجود دولة يهودية، شعوب مصر والأردن تعبّر عن ذلك بوضوح، وتشهد على ذلك، من بين أمور أخرى، عمليات تهريب السلاح عبر الطائرات المسيّرة.
الهدف من اندفاع هذه الدول نحو الانضمام إلى القوة الدولية هو إنقاذ حماس، وليس تعزيز السلام، بالنسبة لها، كدول عربية ومسلمة “مقبولة”، يمكن لحماس أن “تسلّم” سلاحها لها (أي عدم استخدامه حتى يمرّ الغضب)، وأن تضمن حياة عناصرها، وتحت “رقابة” هؤلاء الحافظين للسلام، ستستمر أنشطة التنظيم وتمويله كما كان، تحت غطاء التبرعات لجمعيات خيرية، وحتى لو تمرد أحيانًا، فإن حزام الأمان الذي توفره الدول العربية المشاركة في القوة الدولية سيحميه.
بعض هذه الدول، مثل السعودية وقطر، تقيم بالفعل تحالفًا اقتصاديًا مع الولايات المتحدة (في الواقع علاقات تجارية مع شخصيات مركزية في الإدارة الأميركية، تجني منها هذه الشخصيات أرباحًا شخصية).
الفشل النسبي وبالتأكيد ليس المطلق لإيران وحزب الله وحماس في الهجوم الحاسم ضد إسرائيل، أعاد إحياء النقاش العربي-الإسلامي حول “الصبر الاستراتيجي”، هذه الفكرة، التي يطوّرها مثقفون عرب منذ هزيمة الدول العربية والفلسطينيين منذ 1948 فصاعدًا، تتحدث عن إنهاك إسرائيل الصغيرة بوسائل مختلفة، بدءًا من تعزيز عزلتها في العالم، ومرورًا بالعقوبات الاقتصادية، وصولًا إلى الدعاية العدوانية ضد حقها في الوجود، إلى أن تحين الفرصة المثالية التي تكون فيها الدولة اليهودية مفككة داخليًا ومُنهكة خارجيًا، فلا تقوى على مواجهة القوة البشرية العربية-الإسلامية الهائلة، وخاصة الثروة الضخمة التي راكمتها تلك الدول، والتي تُستخدم لتعزيز أهدافها القومية، وفي مقدمتها منع وجود دولة يهودية على “أرض مقدسة إسلامية”.
وكما أن مجزرة 7 أكتوبر استهدفتنا جميعًا يمينًا ويسارًا، متدينين وعلمانيين، كذلك أيضًا الخطوات التي تتطور الآن ضد وجودنا، وهذه تتم من خلال التعاون بين رئيس أميركي “غريب الأطوار” والعالم العربي الذي يستغل ثروته الخيالية لإفساد إدارة مصابة بتضارب مصالح، وببساطة طفولية في إدارة العالم الذي تدّعي قيادته.