حق الخاوة .. وخاوة الحق بين السنوار وترامب
بقلم / إسلام صالح
المطالب الإنسانية والوطنية والتهديد باستخدام القوة لأجلها حق مشروع، فالدفاع عن الحق في الحياة والبقاء في وجه المعتدي، سواء أكان محتلا غازيا أو كان فيروساً غير مرئي أمر كفلته كل الشرائع، ففي الأيام الأخيرة برز على الساحة المحلية والعالمية خطابان هددا (بالخاوة) في اللغة الشعبية الدارجة، فعلى الصعيد المحلي ظهر على السطح مجددا موضوع حصار غزة وحاجتها الماسة لأسباب الحياة، خاصة بعد خطر تفشي وباء كورونا، وكذلك موضوع الأسرى وضرورة التقدم لأجل إنجاز صفقة التبادل المنتظرة، فالوضع في السجون جِد خطير، وفي الوقت نفسه , فهي فرصة للتقدم بالمسارات المعقدة التي كانت تنتظر فرصة سانحة لإنهائها منذ سنوات.
وعلى الصعيد العالمي تناقلت وسائل الإعلام تهديدات على لسان (ترامب) وهو يحذر كل من تسوّل له نفسه عدم مد الولايات المتحدة بما يلزمها من كمامات وأجهزة تنفس لمواجهة كورونا وضرورة التجهّز لذلك؛ كواجب لتأدية فريضة الطاعة لما يمليه سيد البيت الأبيض، حتى ولو كان الأمر على حساب شعوب أخرى؛ (فترامب) وشعبه همُ الأجدر بالتنفس على وجه هذه المعمورة , وغيرهم لا يؤبه له، فسلوك (ترامب) هذا يبرر قرصنة الولايات المتحدة على السفن في البحار لأجل جلب ما تحتاجه من وسائل وأدوات تواجه بها (الكورونا) ، وهو يحاكي بذلك ما جاء في الإعلام العبري , وما قاله الموساد , وأوردت القناة الثانية عشرة في مقابلة مع مسؤول عمليات الموساد الذي تفاخر بما قام به جهازه من اقتناص وسرقة أجهزة تنفس كانت من المفترض أن تذهب لدول أخرى لتشتريها وتنقذ شعوبها.
أما قائد حماس في غزة "يحيى السنوار" فقد هدد بدوره بقطع التنفس عن ستة ملايين صهيوني إذا ما نفذ وزير حرب الكيان (نفتالي بينت) تهديداته وقايض ما يمكن أن تحتاجه غزة من أجهزة تنفس , أو مساعدات بالإفراج عن الجنود الأسرى لدى المقاومة، السنوار استخدم للرد على (نفتالي بينت) اللغة الشعبية الدارجة بالعامية (خاوة) , سنجبر الاحتلال أن يوصل لغزة ما تحتاجه من أسباب للحياة والتنفس، وشتان بين من يهدد ويسطو ويسرق ويفترض أن له الحق في (الخاوا) وبين من يتحدى ويستعد للتضحية للدفاع عن شعبه؛ (فخاوة) الحق الأصيل هي الأجدى، فهي لأجل شعب يبحث عن حياة حرة كريمة، وينشد تحرير أسراه الذين ناهز بعضهم الأربعين عاما خلف القضبان، لا لشيء، إلا لأنه يريد أن يدافع عن حق شعبه في تقرير مصيره وتحرير أرضه وبقائه فيها.
إن قيادة المقاومة تدرك جيدا أن سياسة المقاومة والحفاظ على ثوابتها الوطنية، لا تعني الثبات على نفس الطرح المرحلي، واللعب في المكان، كما يفعل العدو المتكئ على رعاية دولة عظمى، فإدارة ملف تبادل الأسرى وما يمثله ذلك من ورقة ضغط مهمة على دولة الاحتلال، لا يمكن أن ينجز من خلال الالتزام بتكتيك واحد تمارسه المقاومة في ظل عالم يمتاز بسيولة المتغيرات، فهل ستحسن حماس إتقان هذه اللعبة كما بدا السنوار وهو يخاطب الكيان ويطرح طرحا سياسيا إنسانيا ممزوجا بلغة (خاوا) الحق الذي تتوق إليه كل الشعوب المستضعفة والمقهورة وتتمنى رؤية من ينفذه فعلا ويرفع الضيم عن شعبه وأسراه؟ فنحن أولى كفلسطينيين باستخدام هذا الخطاب , وليس ذلك المتغطرس في البيت الأبيض الذي يتخبط ولا يبالي في التفنن في قهر الشعوب المستضعفة.
فهل زمن (الكورونا) يكون ربيع الأسرى وحرية المقهورين ووبالا على المستكبرين؟!