تشهد القدرات الصاروخية التركية تحوّلاً استراتيجياً بالغ الأهمية مع عمل أنقرة على تطوير نظام باليستي من الجيل التالي بمدى يفوق 2000 كيلومتر، وهو مدى يضع تركيا رسمياً ضمن نادي الدول المالكة للصواريخ الباليستية متوسطة المدى (MRBM) إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا والصين وعدد محدود من القوى الإقليمية.
المشروع الذي كشف عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومسؤولون كبار يعكس تبدّل العقيدة الدفاعية التركية من ردع إقليمي إلى قدرة ضرب قارية تشمل أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
1. *صاروخ تركي بمدى 2000 كلم: انتقال من القوة الإقليمية إلى القوة القارية*
أكد الرئيس أردوغان في تصريحات متكررة منذ 2024 و2025 ضرورة توسيع مدى الصواريخ التركية، قائلًا:
“قررنا تعزيز مخزوننا من الصواريخ بمدى 800 كلم فأكثر، وتسريع برنامج تطوير صاروخ بمدى 2000 كيلومتر فأكثر.”
ويمثّل هذا التطور نقلة استراتيجية، إذ سيغطي مدى الصاروخ الجديد مناطق تشمل:
▪️تل أبيب والقدس وإيلات
▪️أثينا وبلغاريا ورومانيا وهنغاريا
▪️القاهرة وعمّان والرياض
▪️طهران وأجزاء من روسيا
▪️قواعد الناتو في إيطاليا وكريت
ما يعني أنّ أنقرة ستتحول إلى قوة ضاربة بعيدة المدى مع قدرة على تغيير معادلات الردع في شرق المتوسط والشرق الأوسط وأوروبا.
2. *الخلفية: من يلدريم إلى تايفون… خطوات تركيا نحو الصواريخ المتوسطة المدى*
أ. *يلدريم J-600T*
▪️بداية البرنامج الصاروخي المحلي.
▪️مدى النسخة الأولى: 150 كلم.
▪️النسخة الثانية: 300 كلم.
▪️تقارير غير مؤكدة حول نسخة ثالثة 800–900 كلم.
ب. *صاروخ بورا (Bora)*
▪️صاروخ باليستي قصير المدى.
▪️مدى: 280 كلم.
▪️دقة عالية وتوجيه متقدم.
ج. *صاروخ تايفون (Tayfun) – نقطة التحول*
▪️الظهور الأول: 2022.
▪️مدى الاختبار: 561 كلم.
▪️أردوغان في 2022:
“لا نجد 560 كلم كافية… سنصل إلى 1000 كلم.”
▪️ظهرت مؤخرًا نسخة تايفون بلوك–4:
▪️وزن: 7.2 طن
▪️طول: 10 أمتار
▪️توصف بأنها نموذج أولي للجيل الجديد MRBM.
3. *مشروع “جنك” JENK… قلب الطموح التركي الجديد*
يعد مشروع جنك MRBM حجر الأساس في الانتقال التركي إلى مستوى الصواريخ الباليستية متوسطة المدى.
معطيات المشروع:
▪️مدى مستهدف: 2000–2500 كلم
▪️إطلاق من:
▪️منصات برية
▪️سفن
▪️طائرات
▪️استخدام:
▪️وقود صلب متقدم
▪️مركبات إعادة دخول (RV) فوق صوتية
▪️سرعات قد تصل إلى 5 ماخ فأكثر
▪️رأس حربي: 480–600 كغ
▪️التكلفة المتوقعة للبرنامج: 500 مليون دولار
— وهو رقم يقع ضمن قدرات قطاع الدفاع التركي الذي تجاوزت صادراته 6 مليارات دولار في 2025.
*تصريحات رسمية*
▪️وزير الصناعة محمد فاتح كاتشير (2025):
“تركيا لديها الآن برنامج صاروخي بمدى 2000 كيلومتر… نحن في موقع يغير قواعد اللعبة.”
4. *التأثير الاستراتيجي* *والإقليمي… قلق في إسرائيل وتوتر داخل الناتو*
أ. *إسرائيل: تهديد جديد من الشمال*
مع أنظمة أرو-3 وديفيد سلينغ المصممة للتصدي لتهديدات إيران، يُعد دخول تركيا إلى مجال MRBM زاوية جديدة غير محسوبة.
قال المحلل العسكري الإسرائيلي عاموس هاريل:
“صاروخ تركي بمدى 2500 كلم سيغيّر ميزان القوى بشكل دراماتيكي.”
ب. الناتو: معضلة بين القوة التركية والدور الأمريكي–الأوروبي
تركيا، العضو الثاني في الناتو من حيث حجم الجيش، تطور قدرات صاروخية مستقلة:
▪️خارج المنظومة الأمريكية
▪️خارج ضوابط التصدير الأوروبية
▪️وبشكل يربك التوازن مع اليونان
هذا التطور قد يعقد العلاقات التركية–الأطلسية، خصوصًا في ظل النزاعات البحرية في بحر إيجه وشرق المتوسط.
ج. *إيران: تكافؤ استراتيجي جديد*
يماثل مدى الصاروخ التركي قدرات:
▪️سجّيل الإيراني (2000 كلم)
▪️خرمشهر (2000 كلم)
ما يعني دخول تركيا وإيران في سباق ردع صاروخي متقارب.
5. *دوافع تركيا: استقلال القرار الاستراتيجي*
تهدف تركيا إلى:
▪️خفض اعتمادها الدفاعي على الخارج إلى أقل من 10% بحلول 2030.
▪️ تعزيز شركات مثل:
▪️روكيتسان
▪️أسيلسان
▪️TAI
▪️امتلاك قدرة ردع ذاتية دون انتظار موافقة واشنطن أو بروكسل.
▪️فرض معادلات استراتيجية جديدة في:
▪️شرق المتوسط
▪️البحر الأسود
▪️الشرق الأوسط
▪️شمال أفريقيا
*يقول أردوغان*:
“استثمارات الدفاع ليست استعدادًا للحرب، بل لضمان السلام والسيادة والمستقبل.”
6. *خلاصة: تركيا تقترب من نادي القوى الباليستية الكبرى*
إذا اكتمل تطوير صاروخ جنك 2000+ كلم، فإن تركيا:
▪️ستصبح أول دولة في الناتو – خارج القوى النووية – تمتلك MRBM وطنيًا بالكامل.
▪️ستحصل على قدرة ضرب تشمل 3 قارات.
▪️ستغيّر بشكل ملموس ميزان القوى الإقليمي والبحري والجوي.
▪️ستفتح بابًا لصراع جديد على المديات الباليستية في شرق المتوسط والشرق الأوسط.
هذا التطور يضع تركيا على عتبة مرحلة جديدة:
من قوة إقليمية مؤثرة… إلى قوة استراتيجية عابرة للقارات.