مايا كوهين
الدكتور حي إيتان كوهين يانورجاك، باحث بارز في مركز ديان، يوضح في مقابلة مع صحيفة "معاريف" أن خلف النقاشات حول اتفاق سلام محتمل بين إسرائيل و"سوريا الجديدة"، تدور معركة جيوسياسية معقدة، من ضمنها بين إيران وتركيا.
بينما يلتزم رئيس سوريا الجديد الصمت حيال السلام مع إسرائيل، فإنه يدير لعبة مزدوجة: التخلص من التبعية لتركيا من دون قطع العلاقة تمامًا. في الخلفية، يتابع أردوغان بقلق كيف أن دولة اعتُبرت تحت رعايته قد تنضم إلى "اتفاقيات أبراهام" – تمامًا مثل الإمارات والمغرب. السؤال: هل النفوذ التركي في سوريا قوي بما يكفي ليمنع انزلاقها نحو التحالف الأمريكي-الإسرائيلي
يشرح الدكتور يانورجاك: "في اللحظة التي يقترب فيها الجولاني من إسرائيل، فهذا يعني أنه يحاول تقليل التأثير التركي في دمشق". خلف النقاش حول اتفاق السلام المحتمل، تدور معركة جيوسياسية معقدة تتمحور حول تركيا بقيادة أردوغان، الذي يرى في أي تقارب سوري تجاه اتفاقيات أبراهام تهديدًا مباشرًا لمكانة بلاده الإقليمية.
كما يتضح من تحليل يانورجاك، فإن دوافع الجولاني بعيدة كل البعد عن الأيديولوجيا. "لا أرى أن الجولاني يقوم بهذه الخطوة لأنه محب لإسرائيل، بل لأنه يرى في ذلك وسيلة للحصول على نوع من الاستقلال عن تركيا"، يوضح. التقارب مع إسرائيل واتفاقيات أبراهام يفتح الباب أمام النظام السوري الجديد للتخلص من العقوبات الأمريكية والاقتراب من دول الخليج الغنية، وهي خطوة تُعتبر مفتاحًا للاستقلال الاقتصادي والأمني عن تركيا.
لكن النفوذ التركي في سوريا ليس مجرد وجود نظري. "الاستخبارات التركية كانت أول جهة دولية قامت بزيارة رسمية علنية إلى سوريا بعد سقوط الأسد"، يشير يانورجاك. "شمال سوريا لا يزال فعليًا تحت الاحتلال التركي. الأتراك يوفرون الكثير من البنية التحتية للمطارات والنقل داخل سوريا". ليس هذا فحسب – "جزء كبير من قيادة سوريا تلقى تعليمه في تركيا، وبعضهم يحمل الجنسية التركية ولديه روابط قوية معها".
الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط الجديد تشكل موقف تركيا. وفقًا ليانورجاك: "إيران وتركيا خصمان تاريخيان. الأتراك لا يصرحون بذلك، لكنهم استفادوا فعليًا من نتائج الحرب الأخيرة، أي من إذلال الإيرانيين". هذا الإنجاز يسمح لتركيا بأن تضع نفسها كالقوة الإسلامية الوحيدة في الشرق الأوسط.
النتيجة هي واقع جديد تصبح فيه سوريا ساحة المواجهة المحتملة: "على قمة الشرق الأوسط، من نرى كقوى إقليمية؟ إسرائيل وتركيا فقط. وأين ستكون ساحة الاحتكاك؟ على الأرض، إنها سوريا".
في ضوء كل ذلك، يوضح يانورجاك توقعاته بشأن سلوك تركيا: "أنا متأكد أنهم سيبذلون جهودًا لمنع السوريين من توقيع هذا الاتفاق". السبب بسيط: "الأتراك يريدون أن يبقى السوريون إلى جانبهم مع قطر، وهم يريدون أيضًا رؤية إسرائيل معزولة". خاصة بعد الحرب في غزة، حيث "يفعل أردوغان كل ما بوسعه لنزع الشرعية عن إسرائيل"، فإن أي اتفاق بين إسرائيل وسوريا "يضرب الاستراتيجية التركية".
السؤال المحوريهو: هل سينجح الجولاني في الموازن* بين الحاجة للاستقلال وبين الاعتماد القائم على تركيا؟ مع أدوات الضغط العديدة التي تمتلكها أنقرة – من الاحتلال في شمال سوريا إلى الروابط الشخصية مع كبار المسؤولين – فإن السير باتجاه اتفاقيات أبراهام يتحول إلى اختبار حقيقي لمستقبل الشرق الأوسط الجيوسياسي الجديد.