لماذا تريد حمـــــ اس النساء في القيادة؟

إسرائيل هيوم-شاحر كليمان

ترجمة حضارات

يعتبر انتخاب امرأتين لقيادة حمــــــ اس في قطاع غزة، إحداهما كعضو في المكتب السياسي والأخرى كرئيسة للحركة النسائية، إيماءة آخر للجمهور الفلسطيني العام قبل الانتخابات البرلمانية في 22 مايو. وهذا اتجاه يستحق الخوض فيه في ظل الدعاية النادرة لعملية الانتخابات الداخلية للتنظيم، خاصة وأن حمــــــ اس أظهرت صراعًا وثيقًا بين يحيى السنوار الذي كان يُنظر إليه على أنه الزعيم بلا منازع في غزة، وممثل الجيل المؤسس، نزار عوض الله.

باعتراف الجميع، يمكن تفسير السباق المتقارب في حمــــ اس على أنه تحذير للزعيم الحالي للفصيل الأكثر تشددًا في المنظمة.
وبحسب هذا الادعاء، منذ انتخابه في العام 2017، فشل السنوار في تحسين الأوضاع في القطاع، وفشل في مشروع "مسيرات العودة" على الحدود. من ناحية أخرى، من المهم أن نتذكر أن العملية الانتخابية السابقة كانت سرية وليس معروفًا ما إذا كان السنوار قد فاز بانتصار ساحق في ذلك الوقت؛ لذلك لا يمكن تقييم ما إذا كان هناك ضعف في وضعه. 

ثانيًا، في استطلاع أجريناه منذ حوالي عام، تم تسجيل عدد غير قليل من الإنجازات لسياسة السير الصريح للسنوار. 

في إطار ذلك، قادت حمـــــ اس المسيرات على الحدود، وأغمضت عينيها في وجه إطلاق الصواريخ من قبل "الفصائل المتمردة" تجاه "إسرائيل".

 كل هذا دون أن يتحول إلى مواجهة مباشرة مع "إسرائيل"، مثل حرب عام 2014، والتي ستنشر الفوضى في قطاع غزة.

منذ "مسيرات العودة" عام 2018، ازداد الاستثمار القطري في قطاع غزة. في السنوات التي سبقت ذلك، استثمرت الإمارات عدة عشرات الملايين من الدولارات سنويًا، باستثناء عام حرب 2012.

 في المقابل، في السنوات الثلاث التي أعقبت المظاهرات، ارتفع الاستثمار القطري السنوي إلى مئات الملايين (تم تخصيص ما لا يقل عن 360 مليون دولار لعام 2021). كما تم توسيع منطقة الصيد بشكل كبير وتحسين البنية التحتية للكهرباء وفتح المعابر لأيام أخرى (حتى في ظل وباء كورونا). 

كشف المبعوث القطري محمد العمادي، مؤخرًا، عن التوصل إلى اتفاق لربط محطة كهرباء غزة بخط أنابيب غاز من "إسرائيل"، بتمويل من الاتحاد الأوروبي والدوحة.

 ستعمل هذه الخطوة على تحسين البنية التحتية للكهرباء في القطاع بشكل كبير.

حتى في ظل وباء كورونا، تمكنت حمــــــ اس بقيادة السنوار من انتشار الوباء لأشهر عديدة. 

تم وضع كل شخص يدخل قطاع غزة في عزلة طويلة، وتم اكتشاف المرضى الأوائل داخل القطاع فقط في شهر آب، منذ ذلك الحين، فرضت حمــــــ اس قيودًا صارمة على سكانها.

 يوم الجمعة الماضي، أشار اللواء كميل أبو ركن، منسق عمليات الحكومة في الضفة الغربية الذي أنهى ولايته، إلى أنه من المدهش أنه لا توجد وفيات تقريبًا والمرضى عند مستوى منخفض جدًا.

 في مقابلة مع يوآف ليمور في "إسرائيل هاشافوا"، أوضح الجيش الإسرائيلي أن هناك انضباطًا صارمًا في غزة يسمح بوقف انتشار الوباء.

في ضوء هذه الأمور، وعلى الرغم من معارضة قيادته، فإن وضع السنوار أكثر استقرارًا مما يبدو. 

يمكن تعلم ذلك أيضًا من نتائج الجولات الأربع للانتخابات الداخلية التي جرت الأسبوع الماضي.

 وفي الجولة الأولى تنافس خمسة مرشحين هم يحيى السنوار ونزار عوض الله ومحمود الزهار وفتحي حمد وشخصية كبيرة أخرى. في هذه الجولة، انتصر عوض الله على السنوار بسبعة أصوات بسبب تشتت الناخبين بين خمسة مرشحين. 

لكن في الجولات الثلاث التالية، حصل السنوار على أكبر عدد من الأصوات. في الجولة الثالثة، افتقر إلى صوت واحد فقط ليحصل على أكثر من 50 ٪ اللازمة للفوز، وهذا يعني أن عوض الله وحده لم يكن لديه فرصة حقيقية. 

السنوار ينعم بغياب بديل حقيقي لقيادته ومعارضة ليس لديها إجماع كاسح على مرشح واحد. وإلا لكان عوض الله قد هزمه في الجولة الثانية.

ظهرت اللحظات المحيرة حقًا بعد إعلان النصر. 

التقى السنوار بعوض الله وقبل خده بحرارة، في صورة لأعضاء قيادة حمــــــ اس في قطاع غزة، فاز عوض الله بمكانة الشرف إلى جانب السنوار.

رغم أن انتخابات حمــــ اس تشير إلى عدم الرضا عن السنوار، فإن دعايتها تهدف إلى غمز الناخبين في مناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. وكذلك خيار تقديم دمج المرأتين جميلة الشنطي وفاطمة شراب للجمهور في قيادة غزة.

 وسبق انتخابهن انتقادات على الأرض دعت إلى إشراك المرأة في القيادة، وتصرفت حمـــــ اس على هذا الأساس.

الطموح هو تقديم وجه معتدل في طريقه إلى وسط الخارطة الفلسطينية.

 ويمكن أيضًا معرفة ذلك من مؤتمر حمـــــــ اس الصحفي بشأن مقتل الصيادين الثلاثة الأسبوع الماضي. صحيح أن حمـــــ اس ألقت باللوم على "إسرائيل"، زاعمة أن الصيادين التقطوا طائرة مسيرة علقت في شبكتهم. لكن حمـــــ اس فضلت الدعوة إلى تدخل محكمة العدل الدولية في لاهاي، وإحالة نتائج التحقيق إلى منظمات حقوق الإنسان. في أيام أخرى، كان سيبدو تهديدًا بالرد، كما حدث قريبًا من الجهاد الإسلامي.

بينما تقدم حمـــــــ اس جبهة ديمقراطية تصغي للجمهور، "يقبل" فيها السنوار من يتحدى حكمه بحب، تنشغل فتح بملاحقة كل من يتحدى قيادة أبو مازن.

 وقبل أيام ألغيت عضوية فتح لناصر القدوة - ابن شقيقة رئيس السلطة الفلسطينية الأسبق ياسر عرفات.

 وسبق ذلك تهديد من جبريل الرجوب بفصل كل عضو في فتح ينشئ قائمة منافسة للحركة وحتى قبل ذلك، حاول مقربو أبو مازن ثني مروان البرغوثي، الذي يقضي خمسة أحكام بالسجن مدى الحياة - حتى لا يترشح للانتخابات الرئاسية للسلطة الفلسطينية هذا الصيف.

على هذه الخلفية، فإن ديناميكيات الانتخابات الفلسطينية تشكل مصدر قلق في "إسرائيل".

 الخوف هو أنه على الرغم من استطلاعات الرأي التي أظهرت حصول فتح على اعلى المقاعد، أن تكون هناك مفاجأة مماثلة للانتخابات البرلمانية عام 2006.

 قد يساعد ذلك في انقسام قائمة فتح ونظرة الجمهور الفلسطيني المتشائمة تجاه السلطة الفلسطينية.




جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023