مركز القدس للشؤون العامة والدولة
يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات
في مصر، قبل أكثر من أسبوع، اختتمت محادثات بين وفد رفيع من حمــــ اس ورئيس المخابرات المصرية الوزير عباس كامل حول تحقيق الهدوء في قطاع غزة، وإعادة إعمار قطاع غزة من أضرار الحرب الأخيرة، وإتمام صفقة تبادل أسرى جديدة مع "إسرائيل".
بادرت مصر بهذا الاجتماع المهم، الذي حقق على ما يبدو نتائج إيجابية، لم يتم نشرها كلها بعد، استجابةً لطلب الرئيس بايدن الشخصي من الرئيس السيسي للتحرك مع حمـــ اس لتهدئة الوضع في قطاع غزة.
بذلت مصر جهدًا كبيرًا لتحقيق انفراجة في محادثات القاهرة مع قيادة حمـــ اس، فدعت المخابرات المصرية كامل المكتب السياسي لحركة حمــــ اس إلى القاهرة لإجراء محادثات، وذكرت مصادر مصرية أنه خلال المحادثات مع حمـــ اس، وصل وفد أمني إسرائيلي إلى القاهرة، وتوقفت المحادثات، ونقل رئيس المخابرات المصرية مواقف حمـــ اس إلى الوفد الإسرائيلي الرفيع، ثم استؤنفت المحادثات مع وفد حمــــ اس. من المهم أن يحقق الرئيس السيسي انفراجه من أجل إرضاء الرئيس بايدن قبل اجتماعهم المرتقب في البيت الأبيض. ويريد الرئيس المصري أن يثبت أن مصر قوة إيجابية تعمل على تحقيق الهدوء في الشرق الأوسط وهي الدولة التي تقود جهود تحقيق الاستقرار الإقليمي، في الخلفية أيضًا قرار الإدارة الأمريكية تعليق بعض المساعدات الاقتصادية لمصر على خلفية انتهاكات حقوق الإنسان.
كما بحث رئيس المخابرات المصرية، خلال المباحثات مع وفد حمـــ اس في القاهرة، إمكانية عقد اجتماع في القاهرة بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حمـــ اس إسماعيل هنية للتوصل إلى اتفاق على تشكيل حكومة وحدة فلسطينية، هذه القضية مهمة جدًا لإدارة بايدن، التي تريد تعزيز الإصلاحات الحكومية في السلطة الفلسطينية واستبدال حكومة محمد اشتيه المتعثرة.
جاك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، زار مصر مؤخرًا وكان من المقرر أن يلتقي بالرئيس المصري السيسي، أبرزت المحادثة دور مصر الإقليمي المهم ومساهمتها في تحقيق الاستقرار الإقليمي، لكن تم توضيح توقعات مصر فيما يتعلق بتحسين حالة حقوق الإنسان في مصر أيضًا، وهي قضية قريبة جدًا من قلب الرئيس بايدن.
تقدر منظمات حقوقية عدد المعتقلين السياسيين في مصر بنحو 60 ألفًا منذ تولى الرئيس السيسي منصبه في 2014، المعتقلون ليسوا إسلاميين فقط بل ليبراليين ونشطاء في مجال حقوق الإنسان.
تقدم الإدارة الأمريكية لمصر 1.3 مليار دولار سنويًا كمساعدة أمنية، لكنها أعلنت أنها ستعيد النظر في تلك المساعدة. وفرضت قيودًا على بعض المساعدات وتعهدت بمبلغ 170 مليون دولار بشرط وقف مصر للدعاوى المرفوعة ضد منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الاجتماعية وإسقاط التهم الموجهة إلى 16 شخصًا قدمت الإدارة أسماءهم لممثلي الحكومة المصرية.
توثيق العلاقات مع "إسرائيل"
إحدى الطرق التي يريد الرئيس من خلالها الاقتراب من إدارة بايدن هي توطيد العلاقات مع "إسرائيل". افتراض عمله هو أن الطريق إلى البيت الأبيض يمر عبر القدس، فكانت البداية مع زيارة وزير الخارجية جابي أشكنازي إلى القاهرة في مايو ولقائه بنظيره المصري سامح شكري، أول لقاء مع وزير الخارجية الإسرائيلي بعد 13 عامًا، وكان آخر لقاء في القاهرة مع وزيرة الخارجية تسيبي ليفني عام 2008؛ لذلك، كان لقاءه الأول مع رئيس الوزراء نفتالي بينيت في شرم الشيخ وديًا للغاية عندما تم رفع العلم الإسرائيلي وحظي بتغطية إعلامية كبيرة في العالم العربي.
خلال الاحتفال بحرب يوم الغفران "حرب أكتوبر" كما يسميها المصريون، أدلى الرئيس المصري قبل نحو أسبوعين بتصريحات حول ضرورة المضي قدما في التطبيع والسلام مع "إسرائيل".
وأشاد بالرئيس المصري أنور السادات لمبادرته للسلام مع إسرائيل ورؤيته السياسية.
وقال السيسي "أدعو الحكام العرب إلى تعميق (العلاقات) مع "إسرائيل" وتجاوز المفاهيم الأساسية كما فعل الرئيس أنور السادات"، مضيفا أن تصريحاته نُشرت على تويتر على مواقع التواصل الاجتماعي.
يحاول الرئيس السيسي بناء جسر من التعاون الاستراتيجي والسياسي والأمني والاقتصادي مع "إسرائيل"، فهو أكثر تعاونًا مع الحكومات الإسرائيلية من الرئيس مبارك.
بالنسبة للقضية الفلسطينية، يدرك أن الحكومة الحالية في "إسرائيل" لا تستطيع الترويج لفكرة الدولتين لأنها هشة سياسياً، لذا فهو يركز على تحقيق الهدوء في قطاع غزة وتحسين وضعه الاقتصادي وبالطبع استكمال تبادل صفقة الأسرى بين "إسرائيل" وحمــــ اس. تقدم الحكومة المصرية مساعدة كبيرة لإدارة حمـــ اس في قطاع غزة لإعادة إعمار قطاع غزة من أضرار الحرب الأخيرة من خلال إدخال فرق هندسية مصرية إلى قطاع غزة وتسهيل استيراد مواد البناء عبر معبر رفح.
كما أنه يقبل نهج الإدارة فيما يتعلق بضرورة تعزيز الموقف الاقتصادي للسلطة الفلسطينية ومحاولة مساعدة محمود عباس على استعادة مكانته في الشارع الفلسطيني.
كما يقوم الرئيس المصري بإذابة التطبيع المجمد مع "إسرائيل"، ويعمل على زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين في مجال الطاقة والطيران، على سبيل المثال، تجديد الرحلات الجوية إلى "إسرائيل" عن طريق مصر للطيران من القاهرة إلى مطار بن غوريون لتشجيع السياحة وحركة الأعمال.