الأسرى يرثون شيخهم القرضاوي

معاذ بلال

أسير فلسطيني

​​​​​​​

بقلم:
 معاذ سعيد بلال  


مئذنة الصحوة الإسلامية ورائد الدعوة والتربية والجهاد الإمام المجاهد العلامّة يوسف القرضاوي زفته ملائكة الرحمن الى جوار ربه ليلتحق بالركب المبارك مع النبيين والصديقين والعلماء والشهداء والمجاهدين وحسن أولئك رفيقا، رحل الإمام المجدد والأمة في أمس الحاجة إلى العلماء العاملين الصادقين في زمن الجهل والنفاق واستعلاء الفساق، رحل الإمام المبعد عن وطنه المطارد من أئمة الجور بعد عشرات السنين من العمل في حقل الدعوة والجهاد والإنتاج العلمي والفقهي والفكري لا يخشى في الله لومه لائم، فهو وريث الشافعي وأبي حنيفة في الفقه والعلم، وحفيد ابن تيميه والعز ابن عبد السلام في مقارعة الظلمة من الحكام، صوت المجاهدين ونصير فلسطين الذي تطوع مجاهدًا دفاعًا عنها في صفوف كتائب الإخوان المسلمين يوم أن غزاها الصهاينة وباعها الخونة من طغاة العرب وما انفك ينادي في الأمة أن حيّ على الجهاد حتى لقي ربه غير ناكثٍ ولا مبتذل.

لقيه الإمام الشهيد حسن البنا فتىً يافعا يقول الشعر ويخطب بالناس فقال "إن هذا الفتى سيكون له شأنٌ عظيم وفراسة المؤمن لا تخيب، فما لبث الفتى أن اشتدّ عوده وانطلق داعياً الى الله على بصيرةٍ وقد ارتوى من معين القران والسنة، فاستوى على سوقه يعجب الزرّاع ليغيظ بهم الكفار، وحسِب أعداء الدعوة أنّ دعوة الله تخبو بقمع أبنائها ودعاتها فساقوا الشيخ القرضاوي مع إخوانه إلى سجن الطور وأبي زعبل والعقرب؛ فثبتوا تحت سياط تحت التعذيب ثبات الجبال الرواسي وحولوا السجون إلى معاقل للإعداد والتربية وقال في ذلك الشيخ رحمه الله " قالوا إلى السجن قلنا شعبة فُتحت ليجمعونا بها في الله إخوانا، قالوا إلى الطور، قلنا الطور مؤتمر فيه نقرر ما يخشاه أعداؤنا، معسكر صاغنا جنداً لمعركة وتعهد زادنا بالحق عرفانا، لم تلن للشيخ فيها قناة، فها هو ينحاز إلى أمته وهي تثور على حكامها الظلمة في الربيع العربي ويثبت على الحق في وجه الانقلاب والثورة المضادة، ويبقى شيخ الصحوة ثابتًا على دينه وفياً لدعوته في فتنة العلماء التي سقط فيها كثيرٌ من العمائم وتلوث فيها كثيرٌ من اللحى، فكان شجرةً مباركةً أصلها ثابتٌ وزرعها في السماء، ويبقى الصغار صغاراً ممن آذوا الشيخ في حياته وحتى بعد مماته؛ لأنهم لا يعتبرون ولا يخشون الله فينالون من الشيخ من قعر هاويةِ ذلهم، وهو الشيخ يرتقي في سماء عزة وظل عرش ربه، فلا نامت أعين الجبناء.

إنَّ العلماء شهداء الله على عباده وورثة رسله وأنبيائه، انتهى اليوم ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظ الله به دينه ودعوته، أولئك هم العلماء العاملون الذي قال الله تعالى فيهم "إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء"، أمّا الذين انسلخوا من آيات الله بعد أن آتاهم إياها فهم الخونة والأفاكّون.

رحم الله الإمام مئذنة الصحوة وسارية الدعوة وحفظ الله دينه بأئمة الحق والهدى وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.  

                                            وإنا لله وإنا إليه راجعون



جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023