موقع نتسيف نت
ترجمة حضارات
من الصين إلى الهند، ومن اليابان إلى فرنسا، تحذر صحيفة "الجارديان" من تفاقم أزمة السكان المسنين التي ستصبح "قنبلة موقوتة"، ما يعني إنفاق المزيد من الأموال على فئة عمرية غير منتجة؛ مما سيؤدي إلى أن تصبح عبئاً على ميزانيات الدول.
على سبيل المثال، عدد المسنين الذين تزيد أعمارهم عن 70 عاماً في اليابان هو ضعف عدد الجنود الفعليين في العشرينات من العمر.
في الواقع، أكثر من نصف عصابات ياكوزا الإجرامية -سيئة السمعة في البلاد- تجاوزوا الخمسين من العمر، وفقاً لتقارير الشرطة اليابانية.
وتستعد الهند لتصبح أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، حيث من المتوقع أن يولد أكثر من 200 مليون مواطن في العقدين المقبلين، لكن شيخوخة السكان أصبحت عبئاً وتحدياً للبلد الذي يحاول إيجاد حل لهذه المعضلة.
وفي ولاية كيرالا الساحلية، كان 5.1 % فقط من السكان فوق الستين في عام 1961، لكن من المتوقع أن تصل حصتهم من السكان إلى 20 % العام المقبل، مما يستنزف ميزانية الدولة.
يؤدي انخفاض الخصوبة وانخفاض معدل الوفيات إلى تسريع شيخوخة السكان بشكل عام، حيث أعلنت الصين -الأسبوع الماضي- أن عدد سكانها ينخفض للمرة الأولى منذ الستينيات، حيث ساهم عدد متزايد من شباب وطلاب الطبقة العاملة في النمو الاقتصادي المثير للإعجاب في العقود الأخيرة، بعد سنوات فرضت فيها الحكومة سياسة الطفل الواحد؛ بسبب مخاوفها من الزيادة السكانية، وتباطأ النمو وزاد عدد كبار السن، تراجعت الحكومة بعد ذلك عن نهجها السابق وشجعت "المزيد من الأشقاء".
وبينما ستعاني البلدان الكبيرة في آسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية من الحاجة إلى زيادة الدعم للمواطنين الأكبر سناً، تظهر بيانات الأمم المتحدة أنه بحلول منتصف القرن، ستكون البلدان الأفريقية هي التي ستستفيد من العائد الديمغرافي للشباب.
في مواجهة أزمة نقص الموارد المالية لرعاية المسنين، بدأ عدد قليل جداً من البلدان في إجراء التغييرات الاجتماعية والسياسية والمادية اللازمة، حيث تخطط ولاية كيرالا لمنح نفسها صلاحيات جديدة تسمح لها بمصادرة الممتلكات التي تركها الآباء لأطفالهم إذا لم يتم الاعتناء بالجيل الأكبر سنًا، بينما تحاول الحكومات في العديد من الولايات الأخرى إصدار تشريعات لتمديد سن العمل للاحتفاظ بكبار السن في "القوى العاملة المساهمة" لفترة أطول.
وفي فرنسا، شارك العمال الأسبوع الماضي في إضرابات واحتجاجات ضد خطط الحكومة لتمديد سن التقاعد لمدة عامين، ورفعه إلى 64 عاماً، وعلى الرغم من غضب بعض الفرنسيين، فإن سن 64 أقل من السن المحدد بالفعل في بريطانيا والولايات المتحدة باعتباره سن التقاعد الجديد، ويعتقد الخبراء أن التغييرات المحدودة في سن التقاعد لم تواكب هذه الزيادة السريعة في متوسط العمر المتوقع.
على الصعيد العالمي تقريباً، عندما تحصل النساء على التعليم والفرص الاقتصادية، فإنهن يخترن إنجاب عدد أقل من الأطفال.
تقول سارة هاربر، أستاذة علم الشيخوخة بجامعة أكسفورد ، "إننا نعيش في مجتمع حيث نخبر الشباب، ادرسوا حتى منتصف العشرينات من العمر، ثم طرحنا الفكرة من التقاعد المبكر في منتصف الخمسينيات من العمر، على الرغم من أنهم قد يعيشون حتى سن 90، هذا يعني أن ثلث حياتهم فقط عاشوا كأشخاص نشطين يساهمون في عملية التنمية"، مضيفةَ: "بالطبع لا معنى له في العالم الحديث، سيتعين علينا جميعًا العمل لفترة أطول".
وللتعامل مع مشكلة التغيرات الديموغرافية، فإن أحد الحلول هو تشجيع هجرة العمال من المناطق الفقيرة إلى الدول الغنية، على الرغم من مخاوف بعض الدول، على سبيل المثال، لدى المملكة المتحدة قائمة حمراء للبلدان التي يُحظر منها توظيف عاملين صحيين، لأن جذبهم إلى المملكة المتحدة يدمر الأنظمة الصحية المحلية.
لكن يعتقد بعض الخبراء أنه يمكن معالجة هذه المشكلة من خلال توفير التدريب المناسب لهؤلاء العمال، معتبرين أن الهجرة قد تكون طريقة أفضل بكثير للتعامل مع تحديات شيخوخة السكان في بعض المناطق، من النمو السكاني الجامح الذي يشكل تهديدًا على الكوكب، والجميع يرى كيف لا يتعامل مع الكوارث المناخية.
يقول هاربر: "نحن في مرحلة انتقالية في القرن الحادي والعشرين وعلينا التكيف مع هذا التغيير الهيكلي العمري بدلاً من محاربته".