بقلم معاذ بلال
25-5-2023
دأبت الفصائل عند كل عدوان على المسجد الأقصى ورواده.. الاستنفار وتحذير الاحتلال من تجاوز "الخطوط الحمراء".. والمساس بالوضع القائم!!.. إذا تجاوز الاحتلال خطاً أحمر مثل: الاعتداء على المرابطات، دخول وزراء لساحات المسجد، أداء صلوات تلمودية فيه، رفع أعلام صهيونية وغير ذلك.. فإن المقاومة في غزة جاهزة للرد عسكريًا والشعب سيستنفر دفاعًا عن الأقصى بكل الوسائل.. قد يبدو ذلك مفهوماً في إطار إرساء المقاومة لقواعد الاشتباك تكتيكياً.. لكن الإشكالية فيما وراء ذلك من وقوعنا في شرك المعارك الجزئية وتفريع الصراع مع العدو وفق سياسة بعيدة الأمد يروضنا فيها للتعامل مع الأمر الواقع.. أو الوضع القائم.
هذا الوضع الذي رسمه أصلاً الاحتلال نفسه ثم ما فتئ يغيره ويبدله كيف يشاء.. لقد غفل الكثير عن حقيقة أن الخط الأحمر لكل مسلم في هذه الدنيا قد سحقته بساطير الصهاينة يوم أن قاد جنودهم "موشيه ديان"، الذي أعلن من ساحات الأقصى كلمته المشهورة: "جبل الهيكل بیدنا"، بينما كانت جيوش العرب وحكامهم يلعقون ذلهم وهزائمهم.. لم يصدق الصهاينة أنفسهم .. وظلوا يحسبون أن العرب والمسلمين قادمون.. اشتعلت النار في المسجد الأقصى بعد احتلاله بقليل .. لم تنم غولدا مائير ليلتها رعباً من اندفاع طوفان العرب والمسلمين الذين هدّأوا روعها بسيل من الشجب والاستنكار ولا يزالون على دأبهم هذا حتى اليوم ... ثم يحدثونك عن "ضرورة الحفاظ على الوضع القائم" وهو البقاء في قعر الهزيمة والاستكانة.
إن الأقصى في خطر: ليس بسبب الحفريات في أسفله .. أو اقتحام ساحاته .. أو تقسيمه .. أو ضرب عُمّاره فكل هذه أعراضٌ لمرض عضال وخطر كبير، هو حقيقة أن الأقصى في قبضة الاحتلال وأسير حرابه .. هذه الحقيقة الصادمة لكل مسلم في هذه الدنيا يجب التذكير بها حتى لا نبقى أسرى معارك الانتهاكات.. نعم لا بد من التصدي لعدوان الاحتلال ومنازلته فهذه علامة حياة لهذه الأمة.. ولكن على الشعب والأمة وتحديداً على المقاومة أن تتجاوز مرحلة ردود الأفعال والارتجال والغضب العابر واستنزاف القدرات والمقدرات لخوص المعركة الاستراتيجية الكبرى .. معركةٌ صاعقُ تفجيرِها مقاومةٌ راشدةٌ تقود كل الساحات وتتكامل فيها كل الجبهات وتنطلق فيها جماهير الأمة، لا لردع الاحتلال وتأديبه وطرده، بل لكنسه وطرده ليس من المسجد الأقصى فحسب .. بل عن كل تراب فلسطين.. عندها فقط تستعيد أمتنا خطوطها الحمراء.. خطوط العزة والكرامة والسيادة..
والله غالب على أمره