الشباب الفلسطيني يحطمون النظرية الأمنية الإسرائيلية

مهند شريم

الباحث في الشأن الصهيوني

بقلم/ مهند شريم


اعتمدت الرؤية الأمنية الإسرائيلية منذ نشأتها على مفهوم الجدار الحديدي، الذي وضع أسسه الصهيوني اليميني (زئيف جابوتنسكي) عبر مقالات كتبها في عشرينات القرن الماضي، ثم قام بتبنيها ونسبها لنفسه المؤسس الفعلي للدولة العبرية (دافيد بن غوريون)، وقد بُني هذا الجدار علي أساس أن الشعب الفلسطيني لن يسلم بسهولة، لذلك يجب على الدولة العبرية أن تؤسس جدار يعتمد على الجيش اليهودي القوي، وعلى الردع الناتج من امتلاك سلاح نووي، وكذلك على الحراب البريطانية ومن ثم الأمريكية ودعمها الدائم لهذا الكيان، لكي يبقي الشعب الفلسطيني يواجه كل هذه المقاومة، حتي يصل الى الإستسلام أو على الأقل إلى التسليم بأحقية الكيان الصهيوني بالوجود.  

وفي سبيل كسر إرادة الشعب الفلسطيني اعتمدت الرؤية الأمنية الإسرائيلية على مرتكزات أربعة، وهي التي حطمها الشعب الفلسطيني واحداً تلو الآخر على النحو الآتي:

1. الردع: ظن العدو أنه كلما إزداد في عدوانه من هدم وقتل وأسر وجرح وتنكيل ومصادرة للأراضي وغيرها من وسائل الإحتلال البشعة ضد شعب أعزل، ظنَّ أن هذا الفعل سيمنع الشعب الفلسطيني من الفعل المقاوم إلا أن الشعب الفلسطيني أثبت أن المقاومة فيه تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل، وأن البيوت المقاوِمة تحديداً هي التي لم تُردع، فمن هدم بيت جده بسبب مقاومته ثم هدم البيت بسبب فعل أبيه المقاوم، كان هو الحفيد الذي يطلق النار ويردع المستوطن من التمادي والعدوان.

2. الإنذار: أما وأنّ الشعب يقاوم فقد اعتمدت الدولة العبرية على الإستخبارات بكل أشكالها، للحصول على المعلومات وتوفير الإنذار المبكر لإحباط أي عمل مقاوم قبل حصوله، مستخدمةً لأجل ذلك كافة مصادرها التكنولوجية والبشرية، إلا أن الفعل المقاوم أثبت أنه يستطيع أن يضرب في كل مكان ،سواء هناك في قلب العاصمة الاقتصادية للكيان -تل أبيب- أو في أي شارع من شوارع الضفة الغربية، أن الفعل المقاوم أثبت للعدو أنه قرار يتخذه فرد مثل خيري علقم أو، مجموعة مثل أسود عوريف لينتهي بعمل ناجح يضع الأجهزة الأمنية، التي لم تتمكن من إحباطه في حالة الحرج الشديد  .

3. الحسم: حاول العدو وعبر العديد من معاركه أن يسعي الى حسم المعركة مع الفلسطينيين، وصولاً إلى حسم الصراع بشكل نهائي عبر استخدام القهوة المفرطة والمميتة، وكذلك عبر التطهير العرقي المستمر ضد شعبنا، إلا أن العدو ومنذ العام 1967 لم يتمكن من حسم أي معركة، ولعل معاركه في غزه أكبر دليل على عدم تمكنه من حسم الصراع وإخضاع الشعب الفلسطيني المقاوم، وحتى لم يعد لدى العدو شيئاً من الإنجاز يفخر به، إلا بعض عمليات غادرة تستهدف المقاومين والآمنين في بيوتهم ليقتل الأطفال والشيوخ والنساء، ولعل أكثر ما يظهر فشل رؤية العدو للحسم أن الشعب الفلسطيني هو الذي بدأ مؤخراً يتحدث عن ضرورة خوض معركة إقليمية، تجتمع فيها كل قوى شعبنا ومناصريه لحسم الصراع لصالح شعبنا وخياره في المقاومة.  

4.الدفاع: بعد أن فشل العدو بكل مركباته السابقة، أضاف مفهوم الدفاع إلى رؤية الأمنية والفكرية وبدأ ببناء الجُدُر حوله، سواء جدران من الأسمنت أحاطت بفلسطين من شمالها الى جنوبها أو حتى داخل الضفة الغربية، على امتداد الخط الأخضر أو جدران من الأسلحة والمنظومات الدفاعية الصاروخية عبر أسمائها المتعددة، من أمثال القبة الحديدية وقلاع داود ومنظومة حيتس وغيرها، إن هذا الاستثمار الضخم بالمنظومة الدفاعية له مؤشر واضح على وصول العدو لقناعةٍ هامة، أن الشعب الفلسطيني لن يستسلم ولن يُسلم بوجود هذا الكيان الصهيوني الغاصب.

إن الجدار الحديدي تحطم أمام صلابة وإرادة المقاوم الفلسطيني، وثباته ونجاحه في إختراق حصون العدو واحد تلو الآخر، ولا زال الشعب الفلسطيني يورث وصايا الشهداء حتى ينتصر.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023