طوفان الأقصى... الموقف اليوم الأربعاء : 01/ 11/ 2023 الساعة: 10:00

عبدالله أمين

خبير عسكري وأمني

أولاً : الموقف : 

في صفحة العدو القتالية ؛ لا يزال العدو منذ بدئ مناورته البرية في يوم: 27/ 10/ 2023 الساعة: 22:00 يحاول قضم مساحات جغرافية في منطقة الجهد الرئيسي للعمليات من خلال العمل على أربعة محاور جهد رئيسية :

  1. المحاور الشمالي الغربي : دوغيت بيت لاهيا جباليا .
  2. المحور الشمالي الشرقي  : سيدروت بيت حانون . 
  3. المحور الشرقي : المقبرة الريس الكاشف جباليا . 
  4. المحور الجنوبي الشرقي : كارني الزيتون تل الإسلام الرشيد . 
  5. محور الساحل البحري لمدينة غزة : حيث تشارك القطاعات البحرية للعدو في عمليات القصف التمهيدي لقواته ـ العدو ـ أو الإشغالي والتثبتي للقوات الصديقة المنتشرة على الحافة الغربية لمدنية غزة ، كحرس مقدمات وقوات حاجب بحري صديق . 


ففي المحور الشمالي الغربي : اندفع العدو بتشكيل مدرع مصحوب بجهد هندسي حيث وصلت طلائع قواته إلى مشارف رأس جسره في منطقة بيت لاهيا ، ثم التوام وصولاً محيط أبراج الكرامة ، وشمال الصفطاي . 

أما في المحور الشمالي الشرقي : فما زال العدو يتعرض على المنطقة من ثلاثة محاور فرعية: 

  1. شمالي غربي : ايرز صلاح الدين تل الزعتر .
  2. شمالي شرقي : سدروت الحافة الأمامية للمناطق السكنية في الشمال الشرقي من بيت حانون. 
  3. الجنوب الشرقي : مفساليم الحافة الأمامية للمناطق السكنية في الجنوب الشرقي من بيت حانون . 

هذا وقد بقيت التشكيلات الدفاعية للمقاومة في هذه المنطقة تصد صولات العدو ، وتدفع تعرضاته ، مما دفعه لحشد قدرات مدرعة كبيرة في الزاوية الشمالية الشرقية من بيت حانون استعداداً لدفعها باتجاه المدينة مرة ثانية ، ولم نُفد إلى الآن بأي جديد حول تقدم العدو في هذا المحور . 

أما في المحور الشرقي : المقبرة الريس الكاشف جباليا ؛ فلا زال موقف العدو في هذه المحور لم يتغير حتى كتابة هذا الموقف ، فقد استخدم منطقة المقبرة كنقطة ارتكاز وقاعدة عمليات متقدمة ، ولا يزال يشتبك مع الجهاز الدفاعي للمقاومة في هذه المنطقة بنار المدفعية والطيران ، الحربي والمروحي ، ولم تندفع قواته حتى الأن للسيطرة على الهيئات الأرضية الحاكمة ـ الريس ، الكاشف ، تل الزعتر ـ في بقعة العمليات هذه . 

أما في المحور الجنوبي الشرقي : كارني صلاح الدين الزيتون تل الإسلام ؛ فما يزال العدو يثبّت رأس جسر في هذه المنطقة بعمق 2.5 في المناطق الزراعية ، حيث يحاول الاندفاع باتجاه شارع الرشيد جنوب الشيخ عجلين ، ضاغطاً على الحافة الأمامية لجهاز دفاع المقاومة المنتشر في هذه المناطق ـ الشجاعية ، الزيتون ، تل الإسلام ـ كما استخدم قواعد ناره الثابتة والمتحركة للضغط على دفاعات المقاومة المنتشرة في عمق هذه المنطقة . ولم نُفد حتى كتاب هذا الموقف بنجاح العدو بالوصول إلى شارع الرشيد جنوب الشيخ عجلين . 

أما في محور الساحل البحري : لمنطقة عمليات مدينة غزة ؛ فلا يزال العدو يستخدم قواعد ناره البحرية في عمليات إسناد وحماية قواته المتوغلة في المناطق الحضرية في الشمال الغربي ، كما يستخدمها في محاولة تأمين الغطاء لقواته التي تحاول تحقيق عمليات إبرار والنزول على شارع الرشيد الممتد من أقصى الشمال الغربي وحتى جنوب الشيخ عجلين . حيث لم يسجل حتى كتابة هذا الموقف تحقيق أي عملية إبرار ناجحة على هذا المحور . 

أما في محاور الجهد الثانوي : حيث مناطق المحافظات الوسطى والجنوبية الواقعة جنوب وادي غزة ؛ فلا يزال العدو يحتك ، بالنار والمناورة ، مع تشكيلات المقاومة المنتشرة على الحافية الأمامية للمناطق السكنة في هذه المناطق في جهود يبدو إلى الآن أنها جهود إشغال وتثبيت ومنع لهذه المناطق من توفير التعزيزات والاسناد لتشكيلات المقاومة العاملة في منطقة الجهد الرئيسي الواقعة شمال وادي غزة . 


هذا ولم يتوقف قصف العدو ، ومن مختلف وسائطه النارية على كافة مدن ومخيمات قطاع غزة ، مرتكباً المجازر ـ جباليا 400 بين شهيد وجريح ، خان يونس ، حي الزيتون / عائلة كشكو 17 شهيداً ـ . كما عاود العدو عزل قطاع غزة عن العالم عبر قطع تواصله بشبكات الانترنيت التي توفر خدمات التواصل الداخلي والخارجي لسكان القطاع . 

وفي هذا السياق ؛ فقد ذكر وزير دفاع العدو " يواف غالانت " أنهم يواجهون مقاومة شرسة ، وأنهم يدفعون أثماناً غالية ، حيث كبدتهم المقاومة خسائر ، فقد اعترف العدو بمقتل 9 جنود من لواء " جفعاتي "  في استهداف آليتهم بقذيفة مضادة للدروع ، وجنديين آخرين في عمليات متفرقة ، كما خسر العدو عشرات الآليات ـ 22 ـ ، استهدفت بقذائف " ياسين 105 " المضادة للدروع أثناء تقدمه ـ العدو ـ بالأمس كما أشار إلى ذلك الناطق الرسمي باسم كتائب " عز الدين القسام " . 

هذا وقد أعلن العدو أنه هاجم منذ بدء معركة " طوفان الأقصى " ما يقارب الــ 11 ألف هدف للمقاومة الفلسطينية في منطقة عمليات قطاع غزة.

 

وفي صفحة موقف المقاومة ؛ فما تزال المقاومة تتصدى للعدو على جميع محاور الجهد الرئيسي في منطقة شمال قطاع غزة ، وتتعرض عليه بعمليات التسلل والغارات ، فقد تصدت له على محور بيت لاهيا ، ومتفرعاته في التوام وأبراج الكرامة ، وشمال الصفطاوي ، كما تصدت له على المحاور الثلاثة التي يحاول من خلالها التقدم لاحتلال بيت حانون في الشمال الشرقي لقطاع غزة ، هذا وقد منعته ـ المقاومة ـ من التقدم على محور المقبرة الكاشف ، وفي المحور الجنوبي الشرقي حيث حي الزيتون وتل الإسلام ، فما تزال المقاومة تتصدى لقوات العدو التي تحاول الوصل إلى تقاطع شارع 10 مع شارع الرشيد جنوب الشيخ عجلين . كما بقيت المقاومة تصد محاولات تقدم العدو باتجاه المراكز الرئيسية في المحافظات الوسطى : دير البلح ، البريج ، خان يونس ، حيث تصدت لتعرضه على مدينة عبسان في شرق خان يونس ، كما تصدت له جنوباً حيث مدينة رفح . 


وفي السياق ؛ فقد بقيت المقاومة في غزة تمطر مدننا المحتلة في الداخل الفلسطيني بوابل من الصواريخ ، حيث قصفت " تل الربيع " عدة مرات و عسقلان ، كما قصفت تجمعات العدو في : " نير اسحق " و " رعيم " في غلاف غزة . هذا وقد أطلقت حركة " أنصار الله " اليمنية مجموعة من الطائرات المسيرة ، والصواريخ البالستية انطلاقاً من الأراضي اليمينة باتجاه " أم الرشراش " في جنوب فلسطين المحتلة ، كما أعلن ذلك الناطق باسم القوات المسلحة اليمنية العميد " يحيى سريع " في بيان صحفي ـ س : 1500 ـ ، مشيراً إلى أن عملية الإطلاق هذه هي العملية الثالثة منذ بدء معركة " طوفان الأقصى " ، وأن عمليات القصف والإطلاق ستستمر وستتصاعد مع الأيام القادمة . أما في جبهة الجنوب اللبناني ؛ فقد اشتبكت المقاومة الإسلامية في لبنان "حزب الله " بالنار مع بعض مواقع العدو المنتشرة على هذه الواجهة في " برانيت " حيث دمرت له دبابة " مركافا " عبر استهدافها بصاروخ مضاد للدروع ، كما استهدفت المواقع المعادية في تلة الخزان ، والمرج ، والجرداح . وبالأمس أعلنت حركة المقاومة الإسلامية " حماس " على لسان الناطق باسمها أنها ستطلق في الأيام القادمة مزيداً من الأسرى المدنيين والأجانب الذين تصادف وجودهم في منطقة العمليات مع بداية هجوم المقاومة في 7 أكتوبر على مغتصبات ومقار العدو في غلاف غزة .


وفي الضفة الغربية ؛ بقي العدو يبادر في عمليات الاقتحامات والمداهمات ، واعتقال النشطاء ، ومنع المشاركة الحقيقية والفعلية التي من شأنها أن تخفف عن أهلنا في قطاع غزة ، فقد داهم العدو : حي الجابريات في جنين ، وقصرة في نابلس ، وبيت أمر في الخليل ، وقلقيلية ، وطول كرم ، كما أُفيد عن عملية طعن قرب مغتصبة " كرنية شمرون " شرق قلقيلية . وفي مناطق الثمانية الأربعين ، لا جديد على الموقف يذكر حتى هذا الحين . 


وفي الدعم الشعبي للمقاومة ، ودفاعاً عن أهلنا في غزة ؛ فقد بقيت المظاهرات والوقفات تُسجل في كثير من العواصم والمدن ، بدءاً من رام الله في الضفة الغربية ، وانتهاء بواشنطن عاصمة قرار هذه الحرب ، حيث قاطع بعض المحتجين وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين ـ انتوني بلنكن و لويد اوستن ـ أثناء حضورها جلسة إحاطة في الكونغرس الأمريكي لطلب تمول للحرب في غزة وأكرانيا . 


وفي الجهود السياسية ، فلا حلحلة ، ولا تقدم يذكر ، ولا حديث عن هدنة ، أو كما قال العدو الأمريكي هُدن . وقد أفيد أن وفوداً من حركات المقاومة الفلسطينية قد تصل إلى القاهرة لبدء المساعي السياسية . وهنا تجدر الإشارة إلى أن معظم الجهود السياسية تنصب على معرفة مصير أسرى العدو ، وكيف يمكن اطلاق سراحهم ، أما فيما يخص فتح معبر إنساني لخروج الجرحى أو دخول المساعدات ؛ فلا تقدم في هذا المجال ، فقد بقيت المساعدات تدخل إلى قطاع غزة بالقطارة ، بعد أن تفتشها قوات العدو الصهيوني المتواجدة في الجهة المصرية معبر رفح ! 


ثانياً : التقدير والتحليل

لا يزال العدو يعمل في منطقة عمليات غزة وفق العقيدة القتالية الأمريكية في حرب المدن ، والقائمة على :

  1. عزل بقعة العمليات المراد العمل فيها .
  2. قصفها بكم هائل من القذائف والقنابل ومن مختلف الصنوف والأعيرة .
  3. تحقيق التماس بالنار مع التشكيلات الدفاعية المنتشرة في عرض وعمق هذه المنطقة . 
  4. محاولة تحقيق رؤوس جسور تستخدم في عمليات تطوير الموقف وتوسيع الوضعيات و(قضم ) الأرض والسيطرة عليها أو احتلالها .


إن هذه الإجراءات الأربعة السابقة تساعد على فهم نمط عمل العدو ، وتوقع إجراءات المستقبلية . 


كما أن المقاومة في غزة ما تزال تمارس عمليات الدفاع المرن والمتحرك في بعض مناطق العمليات مثل مناطق الشمال الغربي / بيت لاهيا ، جباليا ، أبراج الكرامة ، ودفاع الصد في مناطق أخرى مثل شمال بيت حانون وشرقها ، والاحتكاك بالنار في محور "المقبرة" جنوب شرق جباليا . 


كما أنها تحاول ضرب التنظيم القتالي لتشكيلات العدو العاملة على مختلف محاور الجهد الرئيسي للعدو عبر التعرض له بكمائن النار أو المشاة ، وضرب مناطق حشده وطرق مواصلاته ، فضلاً عن الضغط على العدو في مركز ثقله السياسي حيث تضرب جبهة العدو الداخلية حيث مركز القرار والإدارة . 


إن مراجعة المعطيات السابقة تمكننا من استنتاج أن حركة العدو وجهوده القتالية حتى الآن ـ يوم 01/ 11/ 2023 الساعة: 10:00

  1. متقدمة في محاور / الشمال الغربي بيت لاهيا . 
  2. متعثرة في محاور / الشمال الشرق بين حانون .
  3. ومتوقف غير نشطة ـ تقريباً ـ / محور المقبرة الكاشف الريس . 
  4. وتواجه صعوبة ومقاومة شرسة في المحور الجنوبي الشرقي / حي الزيتون ، تل الإسلام .
  5. عمليات قتال روتيني في محاور جنوب وادي غزة في المحافظات الوسطى والجنوبية . 


وعليه ، وبناء على هذه المعطيات ، فإننا نقدر أن الموقف في الـ 24 ساعة سوف يكون على النحوي الآتي

  1. إبقاء العدو على قصفه لمختلف مدن ومخيمات القطاع ، الأمر الذي يجب التحوط له وعمل إجراءات الدفاع المناسبة لحماية أصول المقاومة البشرية والمادية ، كون العدو أصبح على تماس قريب من أماكن تموضع هذه الأصول ، مما يمكنه من القيام بأعمال الإغارة الصامتة أو الصاخبة لتحييد هذه الأصول أو السيطرة عليها . كما سيبقى العدو يحاول تحقيق اختراق فعلي على كافة محاور عمله الحالية ، خاصة المحور الجنوبي الشرقي / الزيتون تل الإسلام ، للوصول إلى شارع الرشيد جنوب الشيخ عجلين لتحقيق حصار وعزل كامل مدنية غزة بين خطي الشجاعية الزيتون تل الإسلام الشيخ عجلين جنوباً ، وبيت حانون القرية البدوية ، دوغيت ، البحر شمالاً ، فضلاً عن الواجهة الشرقية لهذه البقعة الجغرافية . الأمر الذي يجب العمل على منع العدو من تحقيقه عبر: 
  2. منعه من تأمين خط مواصلاته من الشرق إلى الغرب على محور كارني صلاح الدين الرشيد . 
  3. منعه من عمل نقاط ارتكاز ورؤوس جسور عملياته على هذا المحور المذكور.
  4. ضرب مناطق حشد العدو ونقاط تجمعه في كافة مناطقها على غلاف غزة ، بوسائط النار المؤثرة . 
  5. منع العدو من تأمين خطوط مواصلاته على محاور العمل الشمالية الغربية والشمالية ، والشمالية الشرقية ، والتعرض على تشكيلاته المتحركة على هذه الخطوط . 
  6. ضرب رأس جسر العدو الحالي في شمال غرب بيت لاهيا ، والتعرض عليه ومنع العدو من التموضع المريح فيه . 
  7. منع العدو من تحقيق بناء رؤوس جسور جديدة في بقعة العمليات الشمالية الغربية / الصفطاوي ، السودانية . 
  8. منع العدو من إجراء أي عمليات إبرار واستقرار على أي نقطة من نقاط الساحل الغربي لمدينة غزة ، وفي حال تمكن العدو من النزول على الأرض ؛ يجب تخصيص فوهات نار مناسبة تمنعه من الاستقرار أو التموضع . 
  9. بقاء المقاومة مشتبكة مع عمق الجبهة الداخلية للعدو ومحيط غلاف غزة ، بوسائط النار المناسبة لهذه الأهداف ، الأمر الذي نعتقد أن زياده زخمه ودقة تصويبه ، سوف تترك أثاراً سلبية على قوات العدو العاملة في منطقة العمليات ، وإيجابية على القوات الصديقة في منطقة المسؤولية . وهنا تجدر الإشارة إلى أن المقاومة يجب أن تحرص على عدم محاصرة تشكيلاتها أو مجاميع عملها العاملة في منطقة العمليات عبر :
  10. الاستعلام المسبق عن حركة العدو واتجاه الهجوم وأهدافه . 
  11. العمل وفق تكتيك الدفاع المرن ، وتجنب دفاع الصد ، أو المعارك الحاسمة ، إلّا حيثما يقتضي الموقف القتالي ذلك . 
  12. ضرب تشكيلات العدو والحاق خسائر بشرية ومادية فيها بحيث تعيق أو توقف أو تحرف تقدمها على محاور قتالها الحالية أو المستقبلية . 
  13. أخذ الحذر والحيطة تجنباً للوقوع في الحصار الناري ، عبر أحزمة نار الوسائط البرية والبحرية والجوية المعادية ، بحيث تُثبّت القوات الصديقة وتُمنع من الحركة والمشاركة الفاعلة في الجهود القتالية . 
  14. بقاء المقاومة في الساحات الخارجية مشاغلة مشتبكة مع العدو بالنار ، الأمر الذي نعتقد أن زيادة كفاءته وتأثيره ، ورفع منسوب خطره على العدو ، سوف يترك أثراً إيجابياً على القوات الصديقة في جبهة الحرب في قطاع غزة . 

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون . 

عبد الله أمين 

01/ 11/ 2023 

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023