19 سبتمبر 2024, الخميس 5:17 م
بتوقيت القدس المحتلة
المستجدات
قراءة في تطورات الموقف الميداني في الضفة الغربية

عبدالله أمين

خبير عسكري وأمني


يغطي هذا الموقف الأحداث ذات الدلالة التي مرت على منطقة الضفة الغربية في الشهر الماضي ، حيث يمكن اختصارالموقف الميداني على النحو الآتي :

أولاً : خلاصة الموقف

يتمثل هدف العدو من عملياته في الضفة الغربية بالآتي

أولاً : منع المقاومة من التسلح ومراكمة القدرات المادية والبشرية . 

ثانياً : ( خلق ) حالة ردع قوي وقاتل ، تمنع المقاومة من التطور بشرياً ومادياً ، وتقلص من حالة الاحتضان الشعبي لها في مسرح عمليات الضفة الغربية . 

مستخدماً العدو قدراته الذاتية ؛ وقدرات حلفائه الأمنية والخدمية ، لتحقيق هذين الهدفين ، حيث تتجلى هذه القدرات على شكل الإجراءات الآتية

  1. إدامة العدو لعمليات الاقتحامات والمداهمات ،المصاحبة لتصفية المقاومين واعتقال المدنيين . 
  2. ارتفاع وتيرة استخدام العدو للوسائط الجوية في عمليات تحييد المقاومين والإطباق عليهم .
  3. زيادة عمليات هدم المنازل ، وتجريف البنى التحتية في مختلف مدن الضفة الغربية ؛ خاصة في المخيمات التي تشهد عمليات اقتحام يومي من قبل قوات العدو . 
  4. زيادة وتيرة عمليات تعرض أجهزة أمن سلطة الحكم الذاتي للمقاومين ، بالاعتقال ، وإعطاب ما يتم زرعه من عبوات في محاور تقدم العدو المفترضة . 
  5. بقاء عمليات تعرض المقاومة للعدو عبر الاشتبكات الفردية ، والجهود الهندسية على وتيرتها السابقة ، مع بدء شعور العدو أن هذه العمليات في حالة تطور مستمر . 
  6. بقاء المقاومة في مربع الاستنزاف البشري والمادي ، حيث ارتقى ما لا يقل عن 15 شهيد ؛ يمكن التخمين من صورهم المنشورة ، وبيانات نعيهم ؛ أنهم من الكوادر والركائز الرئيسية لقوى المقاومة في مدن ومخيمات وقرى الضفة الغربية . 
  7. محاولة العدو السيطرة على مصادر تمويل وتشغيل مجاميع المقاومة ؛ عبر مداهمة محال الصرافة ، وتحويل الأموال بحجة أنها تستخدم في عمليات نقل وإيصال الأموال داخلياً ، ومن الخارج باتجها الداخل . 

ثانياً : الموقف

  • استمرار العدو في عمليات المداهمة والاقتحام اليومي لمدن وقرى الضفة الغربية ، خاصة مدن الشمال ـ جنين ، نابلس ، طول كرم ـ ، مع زيادة التركيز على مدينتي طوباس وطمون جنوب شرق جنين . 
  • زيادة وتيرة عمليات تعرض أجهزة أمن سلطة الحكم الذاتي للمقاومين ـ محاولة اعتقال أبو شجاع ـ ، ومحاولة تحييد إجراءاتهم ، وإعطاب جهودهم الهندسية المعدة لمواجهة اقتحامات العدو . 
  • كدرس مستفاد من عمليات السابع من أكتوبر 2023 ؛ يدرس العدو نقل المجندات المراقبات على حدود الضفة الغربية إلى غرف مراقبة خلفية بعيدة عن خط التماس الأول . 
  • توقيع قائد المنطقة الوسطى على قرارات الهدم ومنع البناء في المناطق المصنفة ( ب ) ، حيث زادت عمليات تدمير المنزل والمحال التجارية بشكل كبير ، منذ استلام اللواء " أفي بلوط " قيادة المنطقة الوسطى . 
  • انتهاء خدمة قائد كتيبة الاستخبارات 636 في المنطقة الوسطى ، المقدم " أ " ، واستلام المقدم " ب " مهام عمله بدلاً عنه ، حيث تمت عملية الاستلام  والتسليم بحضور قائد فرقة الضفة الغربية العميد "يكي دولف " . 
  • زيادة تفعيل العمليات المشتركة في التصدي للمقاومين ، حيث لوحظ مثلاً في عملية طول كرم 23 07 2023 والتي ارتقى فيها خمسة شهداء ، لوحظ اشتراك وحدات من الجيش والشاباك وحرس الحدود ووحدة حاروف ودوفدفان وقوات من الكتيبة 636 استخبارات واليمام ، فضلاً عن استخدام المسيرات المفخخة . 
  • إعلان المقاومة عن إدخال تقنيات جديدة في تصنيع وتشغيل العبوات عن بعد ، الأمر ـ الإعلان ـ الذي جاء بعد عدم نجاح عملية عناب ، والتي تم فيها تفجير عبوة ناسفة مزروعة في طريق أحد حافلات العدو . 
  • إدامة العدو لعمليات مداهمة محال الصرافة وتحويل الأموال ، ومحال بيع السماد الزراعي في مدن ومحافظات الضفة الغربية . 
  • اعتقال خلية مقاومة في عقبة جبر ، زعم العدو أنها كانت في طور الاعداد لعملية خطف . كما اعتقل العدو خلية مكونة من خمسة مقاومين من طلاب جامعة بير زيت ، حيث صادر أموالاً ، وقطعة سلاح ، زعم العدو أنها كانت بحوزة هذه الخلية . 
  • مصادقة العدو بالقراءة الأولى على اعتبار وكالة " الأنوروا " أنها منظمة إرهابية . 
  • تراجع العدو عن قرار منع جنود الاحتياط من اصطحاب أسلحتهم أثناء إجازاتهم الرسمية ، بحيث تبقى معهم أثناء خروجهم من وحداتهم والتوجه إلى منازلهم . 
  • عزم العدو على إقامة فرقة عسكرية جديدة تُنشر على طول الحدود بين فلسطين المحتلة والأردن . 
  • بدء العدو تجريب نظام "يرى ويطلق " ، حيث نصب العدو أحد هذه البنادق في منطقة قلقيلية على مدخل بلدة عزون ، وهي بندقية متحكم بها عن بعد ، مزودة بنظام رؤية حراري ، ليلي نهاري . 
  • حديث مسؤولين كبار في أجهزة أمن العدو عن نظام تواصل بين المقاومين ، يعتمد على الاستفادة من خدمة الاتصال عبر تطبيق " التلغرام " . 
  • اجتماع مديرة بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية " إيمي توهيل ستول " على انفراد برؤساء بلديات طول كرم وجنين ونابلس ، على مدار شهر تموز لمناقشة وضع البرامج في الجزء الشمالي من الضفة الغربية . 

ثالثاً : التحليل والدلالات

  1. يسابق العدو الزمن من أجل منع تطور ومراكمة المقاومة في الضفة الغربية لقدرات ذات مصداقية ، يمكن أن تؤثر على حرية حركته وسيطرته على الجغرافيا ، وتهدد أمن مناورته العسكرية ، وحركة سكان مغتصاب الضفة الغربية . 
  2. يستشعر العدو مدى الخطر الكامن في الجبهة الشرقية لفلسطين المحتلة ، لما تختزنه هذه المنطقة من قدرات بشرية ومادية يمكن استثمارها في الجهد الرئيسي أو الإسنادي للمقاومة ، الأمر الذي يفسر حديثه عن انشاء فرقة عسكري جديدة تنتشر على طول هذه الحدود ، كما يمكن أن يفسر تركيز العدو على منطقتي طوباس وطمون ، كأقرب مدينتين على هذه الحدود ، في سياق منعهما من أن تتحولا إلى رأس جسر يصل بين فلسطين المحتلة ، وغرب الأردن . 
  3. إن نجاح العدو في تحييد مجموعات مقاومة قبل بدئها في العمل ـ خلية عقبة جبر ، خلية بير زيت ـ يمكن أن يشى بأنه يسيطر على ( منظومة ) الاتصال والتواصل بين أفراد هذه المجموعات ، وبين مشغليهم ، الأمر ـ سيطرة العدو على منظومة الاتصالات ـ يُستشف من حديثه عن نظام الاتصالات عبر خدمة تطبيق " التلغرام " . 
  4. لا يزال العدو يسيطر ويشرف على كثيرمن الموقف الالكتروني لمجاميع المقاومة في الضفة الغربية ، الأمر الذي يفسر قصر عُمر هذه المجموعات ، وسرعة تحييد العدو لها ، عبر عمليات الاستهداف الجويي ، أو الإطباق النقطي على أمكان تواجد بعض أفراد هذه المجموعات . 
  5. يستفيد العدو ، وبشكل منهجي متصاعد ، من جهود أجهزة أمن سلطة الحكم الذاتي ، في السيطرة على الموقف الميداني ، عبر التضييق على المقاومين ، وكشف ظهرهم ، وإعطاب استعداداتهم الميدانية الرامية إلى الإضرار بالعدو ، أو تضييق هامش مناورته أثناء العمل . 
  6. لا يزال العدو يراهن على ( فض ) الحاضنة الشعبية عن المقاومة ، مستخدماً في ذلك كثيرا ً من الجهود والنشاطات والإجراءات ، حيث تأتي عمليات التجريف ، والإضرار بالبنى التحتية والخدمية ، والأملاك الفردية لأهلنا وشعبنا، في سياق تأليب الحاضنة عليهم ـ على المقاومين ـ ، كما يمكن أن يعد تمرير قرار اعتبار منظمة الأنوروا الدولية منظمة إرهابية ، من جهود التضيق على الحاضنة الشعبية ، لدفعها لرفع الغطاء عن المقاومة والمقاومين . 
  7. لا يألو العدو جهداً في استخدام قدراته وقدرات حلفائة ؛ الناعمة منها والخشنة ، في زيادة ضغطه على المقاومين وحاضنتهم ، الأمر الذي يفسر اللقاءات المتكررة لمديرة بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية مع رؤساء بلديات شمال الضفة ، بحيث يمكن استخدام ما تقدمه هذه الوكالة من دعم وخدمات وتسهيلات في سياق تأليب الحاضنة الشعبية على المقاومة ، أو في عمليات تجنيد عملاء ومصادر معلومات ، يمكن أن يستفاد منهم في جهد العدو العسكري والأمني في الضفة الغربية . 
  8. إن بدء استخدام العدو لمنظومة " يرى ويطلق " يأتي في سياق الجهد الدفاعي المبادر ؛ قليل المخاطر ، بحيث تحييد التهديدات والمخاطر بأقل الجهود والأكلاف ، كما تقلل من فرص نجاح تقرب المقاومين من المناطق الحدودية لتنفيذ أعمال قتالية أو هندسية . 

رابعاً : توصيات

  1. مراجعة أمن أنظمة ومنظومات الاتصال والتواصل ، الداخلية والخارجية ، لمجموعات المقاومة .
  2. إخفاء النوايا عن العدو ، وعدم الإفصاح عن أي مؤشرات ، أو قرائن ، يمكن من خلالها تكوين صورة مستقبلية عن سير العمل وتطوره . 
  3. تقليل البصمة الالكترونية ، والحد من عمليات التواصل عبر أجهزة الاتصال الذكية والتي يمكن أن يسيطر عليها العدو بشكل فني . 
  4. عدم التقليل من خطورة عمل بعض منظمات المجتمع المدني ؛ المحلية أو الدولية ، ورصد نشاطاتها ومجالات عملها ، ليبنى على الشيء مقتضاه . 
  5. البحث عن سبل وإجراءات تساعد في تقوية وصمود الجبهة الداخلية للمقاومة ، وتخصيص جزء من القدرات البشرية والمادية لخدمة الحاضنة الشعبية وإدامة التواصل معها ، ورفع احتياجاتها . 

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون . 

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023